الأولويات في قطاع غزة

“إن إنقاذ الحالة الفلسطينيةالمأزومة من وضع الانقسام وإعادة الوحدة لعموم مؤسسات السلطة بين الضفة والقطاع،يُفترض أن ترافقها مراجعات جدية صادقة حتى يستطيع الفلسطينيون من الوصول إلى أساسثابت للعلاقة الداخلية بين مكونات الحالة الفلسطينية، وهو ما يتطلب اجتراح واشتقاقالأفكار الخلاقة، التي تفتح الطريق نحو توليد الحلول للمُعضلات القائمة بجانبهاالتنظيمي وبجانبها السياسي.”
مع دخول الوفد الوزاري من حكومة التوافق الوطنيالفلسطيني إلى قطاع غزة قادماً من رام الله برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عاكفالحمد الله، وعقد الوزارة لاجتماعها الأول في القطاع، تكون مفاعيل المصالحةالوطنية الفلسطينية قد بدأت خطواتها الأولى المتواضعة في مسار مشوارها المطلوب،وتحديداً لجهة إعادة توحيد عموم الوزارات المؤسسات والأجهزة الحكومية بين الضفةالغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، والشروع بحل جملة من الاستعصاءات الكبيرة التيخَلّفتها عملية الانقسام الذي وقع صيف العام 2007، بما في ذلك الشروع في حل مُشكلةالمُتفرغين في الأجهزة الحكومية والأمنية في قطاع غزة، والعمل على دمجهم مع بقيةالعاملين في مؤسسات ووزارات السلطة، والذين تبلغ أعدادهم عدة آلاف، من الذين تمتفريغهم في قطاع غزة بعد وقوع الانقسام، دون اعتماد من الحكومة في رام الله، التيكانت بدورها تضخ الأموال لقطاع غزة طوال سنوات الأزمة، وتحديداً لمجموع المتفرغينوالعاملين بالمؤسسات الحكومية قبل وقوع الانقسام دون اعتماد للمتفرغين في عمومالمؤسسات في القطاع بعد وقوع الانقسام.
زيارة الوفد الحكومي لحكومة التوافق الوطني لقطاع غزة،خطوة جيدة، ومُبشرة، لكن علينا في الوقت أن نُجانب التطاير بالتفاؤل، خشية من وقوعانتكاسات تعودنا عليها، وخشية من أن تتحول تلك الزيارة وكأنها زيارة بروتوكوليةبين بلدين متجاورين. فالزيارة يُفترض بها أن تتحول إلى ورشة عمل، من أجل إعادةتوحيد مؤسسات السلطة، وحل ذيول وإفرازات ما بعد الانقسام على هذا الصعيد، وتحديدالوزارات التي يُفترض بها أن تتواجد بثقلها الرئيسي في القطاع، ومعها الوزراءالمعنيون، كما في تحديد سلم الأولويات بالنسبة لقطاع غزة بعد محنة العدوان “الإسرائيلي”الأخير. ويفترض بتلك الخطوة أن تكون مقدمة لتنفيذ الحكومة التزاماتها وتحملمسئولياتها، ومن هنا أهمية تفعيل مقر مجلس الوزراء الفلسطيني بغزة، وعقد اجتماعاتمجلس الوزراء بشكل دوري في القطاع.
إن حجم الملفات الملقاة على عاتق حكومة التوافق الوطنيالموحدة، كبيرة وواسعة، بعد محنة قطاع غزة الأخيرة، وهي ملفات تبدأ من حل مشكلةالازدواجية وتوحيد المؤسسات، وصولاً للمواضيع المتعلقة بإعادة إعمار القطاع وتعويضالمتضررين، وتحديد الأولويات التي يتحسسها الناس في القطاع، الذين اكتوت جباههمبنيران أزمة الانقسام وتداعياتها التي جرجرتها طوال السنوات الماضية وصولاًللعدوان “الإسرائيلي” الأخير وما تسبب به من دمار كبير في البنىالتحتية، وإيجاد حلول سريعة للنازحين الذين يسكنون مراكز الإيواء، وتوفير حل بديليصون كرامتهم قبل قدوم فصل الشتاء، وتشكيل لجنة وطنية لمتابعة عملية الإعمار تسندوتدعم جهود الحكومة. كما في العمل على حل كافة الاشكاليات التي يعاني منها أهاليالقطاع، وتوفير الموازنات والخدمات الطارئة، وإعفاء المتضررين من رسوم الخدماتالبلدية والحكومية، وعلى رأسها تفعيل المطلب الشعبي باعتبار القطاع منطقة منكوبةبعد الدمار الهائل الذي خلفه العدوان الصهيوني على القطاع، وإلى ضرورة البدءالفوري والسريع في إعادة إعمار البيوت المدمرة، وفك الحصار المفروض على القطاعوفتح جميع المعابر وعلى رأسها معبر رفح وفق ما جاء في اتفاقية المصالحة، بالإضافةإلى بعض الإشكاليات الأخرى العالقة.
إن إنقاذ الحالة الفلسطينية المأزومة من وضع الانقساموإعادة الوحدة لعموم مؤسسات السلطة بين الضفة والقطاع، يُفترض أن ترافقها مراجعاتجدية صادقة حتى يستطيع الفلسطينيون من الوصول إلى أساس ثابت للعلاقة الداخلية بينمكونات الحالة الفلسطينية، وهو ما يتطلب اجتراح واشتقاق الأفكار الخلاقة، التيتفتح الطريق نحو توليد الحلول للمُعضلات القائمة بجانبها التنظيمي وبجانبهاالسياسي.
جانبها التنظيمي، هو الجانب المُتعلق بالمرجعية العلياللسلطة الوطنية الفلسطينية، ونعني به بمنظمة التحرير الفلسطينية، ومسألة دخولحركتي حماس والجهاد الإسلامي لعضويتها وعضوية عموم مؤسساتها، طبقاً لحضورها ووزنهافي الشارع. وبجانبها السياسي البرنامجي.
أما جانبها السياسي، فيتعلق بإيجاد مقاربات سياسية وطنيةفلسطينية، بين مُختلف الأطراف، وخصوصاً منها حركتي فتح وحماس، يتم من خلالها إحداثالخطوات العملية المطلوبة على طريق إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني، وبناءالتشاركية الوطنية المطلوبة بين الجميع قولاً وعملاً. تشاركية وطنية تَغلق الأبوابنهائيًّا أمام سياسات الإقصاء، والاستفراد، والاستئثار، والهيمنة، في صناعة وصياغةالقرار الوطني الفلسطيني العام، وتُعيد القرار الوطني للناس وللقوى الحية وعموممؤسسات المجتمع المدني وتعبيراته، والتي تُمثّل الرأي العام ومناخاته في فلسطينوالشتات. فالشعب الفلسطيني بأمس الحاجة إلى وحدة القرار والجغرافيا والسياسة،والوحدة الميدانية حول برنامج سياسي تشاركي إئتلافي له علاقة بضبط مسارات العمليةالسياسية التفاوضية حال عودتها بتفاهم وتوافق فلسطيني داخلي. كما له علاقةبالمواجهة مع الاحتلال.
قصارى القول، إن وصول الوفد الوزاري لقطاع غزة، وعقداجتماع وزارة التوافق الوطني على أرض القطاع، خطوة مهمة في سبيل إنهاء الانقساموتنفيذ اتفاق المصالحة، والبدء بالخطوات الجادة للتخفيف من معاناة المواطنين خاصةبعد العدوان الصهيوني الأخير على القطاع والذي أدى لاستشهاد أكثر من (2200) وإصابةالآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني قطاع غزة، وتدمير واسع في البنية التحتية وإلحاقكوارث إنسانية وبيئية وصحية واقتصادية. لكن الشرط الضروري للانتقال بالحالةالفلسطينية نحو خيارات سياسية وطنية فلسطينية جديدة، يتطلب الانتقال من وضع التفككوالانقسام إلى وضع التوحد واستجماع عناصر القوة الفلسطينية وأوراقها المتناثرة هناوهناك. واستثمار الجو الفلسطيني الشعبي الموحد في الداخل والشتات، والعودة إلىتصحيح العلاقات الفلسطينية/الفلسطينية والعلاقات الفلسطينية/العربية، وصولاًلمراكمة الوقائع والقوى التي تدفع نحو إنضاج الشروط لولادة خيارات وبدائل فلسطينيةجديدة، تؤدي إلى إعادة تصحيح مسارات الواقع الحالي في الداخل الفلسطيني وفياستراتيجيات مواجهة الاحتلال وسياساته.
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

اعتقال 4 فلسطينيين من الخليل
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، 4 فلسطينيين خلال اقتحامات متفرقة في مدينة الخليل جنوبي الضفة...

صدمات نفسية تحول دون التحاق الاحتياط بجيش الاحتلال
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت دراسة إسرائيلية، أن نحو 12 بالمئة من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، الذين شاركوا بحرب الإبادة في...

الحوثي: أولويتنا إسناد غزة والعدو فشل باستهداف قدراتنا
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكد قائد جماعة "أنصار الله" اليمنية عبد الملك الحوثي، يوم الخميس، أن أمريكا و"إسرائيل" فشلتا في مواجهة القدرات...

حماس تهنّئ البابا ليو الرابع عشر لانتخابه رئيسًا للكنيسة الكاثوليكية
المركز الفلسطيني للإعلام تقدّمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأصدق التهاني والتبريكات إلى البابا ليو الرابع عشر، بمناسبة انتخابه رئيسًا للكنيسة...

الحصاد المر لـ 580 يومًا من الإبادة الجماعية في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشر المكتب الإعلامي الحكومي ينشر تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية...

رامي عبده: خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية أداة قهر تمهد لاقتلاع السكان من أرضهم
المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الخطة الأميركية‑الإسرائيلية التي تقضي بإسناد توزيع مساعدات محدودة...

قتلى وجرحى بتفجير القسام مبنى بقوة من لواء غولاني في رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...