الأقصى.. والكلام الصعب!

وبداية، لعل تمادي الاحتلال بمستوطنيه وجنوده في انتهاك الأقصى واقتحامه بشكل شبه يومي مردّه معرفته بأنه قد مضى ذلك الزمن الذي كانت فيه المقدسات فتيل إيقاد العزائم الأهم، والأسرع دفعاً نحو تحريك دم الكرامة في العروق، ولعلنا بدورنا نخدع أنفسنا إن قلنا إن الروح الوطنية للفلسطيني بشكل عام ما زالت نضرة ومتعافية وتشبه حالها مطلع الانتفاضة الأولى (على سبيل المثال)، يوم كانت دروب الأمل فسيحة، والتلوّث السياسي ضئيلا ومحاصرا.
فقط تبدو اليوم حالة المرابطة داخل الأقصى أهم حلقات حمايته والدفاع عنه، ويبدو الاحتلال منكباً على تفكيكها وإنهائها كظاهرة، لأنها رباط داخل قلب القدس، ولأنها حالة متقدّمة من الاستعداد للفداء، ولأنها ناقوس يومي يذكّر الأمة بمقدّساتها، ويحول دون عزلها وتحييدها عن الاهتمام.
غير أنه سرعان ما يقفز ذلك السؤال الجوهري كلما اشتد الخطب حول الأقصى.. ما المطلوب؟ سؤال لا ينفك يتردد في فضاء القنوات الإعلامية وهي تغطي مشاهد الاقتحام على الهواء مباشرة، تستضيف كثيرين وتمطرهم بهذا السؤال.. يسارع بعضهم لاستجلاب ما تحفظه الذاكرة منذ عقود حول هبة منتظرة مفترضة للشعوب العربية دفاعاً عن مقدساتها، ولكن قَلّ أن يلتفت أحد إلى تلك المياه التي جرت تحت جسور الساحات العربية منذ سنوات، فسقطت أنظمة، وما زال بعضها يواصل فتكه وإجرامه، وحلت في أوطان أخرى أنظمة أشد قمعاً واستبداداً من سابقتها.. وقلَّ أيضاً أن يرى بعضنا أن الأمة كلها تعيش حالة مخاض وأنها مثخنة بالجراح وعنقها تحت المقصلة، فكيف لمن يواجه ظلماً فاحشاً على أرضه أن ينتصر لساحة أخرى، حتى لو كانت القدس؟ ثم كيف يصحّ أن ينسحب بعضنا من أمام مرآته حتى لا يبصر مسؤولياته هو، ويلوذ بنداء عبثي متواصل لغيره؟!
الآن، وأكثر من كل مرحلة سابقة، لا تبدو قضية القدس والأقصى محتاجة للاستغراق في الإجابة على سؤال: ما المطلوب؟ لأن المطلوب معروف ومحدد، أقلّه رباط في ساحاته لحمايته، وأكثره مقاومة شديدة البأس في التخوم القريبة منه أو المجاورة له، حتى لا يطمئن المحتل إلى استكانتها.
لكن السؤال الأصعب، والذي لا تملك الإجابة عليه غير فئة قليلة عالية القامة والطموح هو: كيف؛ كيف يمكن تسوية الدروب للوصول إلى المطلوب، كيف نعين أنفسنا ومساحات وطننا المستنزفة على النهوض لاستعادة دورها؟ كيف نفتح في الجدار الصلب نفقاً يصلح السير فيه باتجاه الأقصى؟!
هذا السؤال الصعب لا تعالجه الكلمات ولا أطنان التحليلات والقراءات للمشهد، لأن رموزه تنفكّ بالفعل، وهذا الفعل لا بد أن تسبقه أو ترافقه نهضة نفسية شاملة تضع أصحابها على أول الطريق، ولا تشتتهم في مسارات العبثية واجترار الأزمنة أو الوقوف على أطلالها!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...