السبت 10/مايو/2025

خسر أصدقاءه دون مقابل

خسر أصدقاءه دون مقابل

قبل أن يصل رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنياميننتنياهو إلى نيويورك ليلقي خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتهاالتاسعة والستين، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد ألقى خطابه فيها ونقلتهوسائل الإعلام. وفي الأثناء، قامت الصحافة “الإسرائيلية” ب”واجب” الهجوم على الخطاب وصاحبه، ونقلت ردود الفعل”الإسرائيلية” عليه. وقد أجمعوا جميعاً على أن عباس “كسر كلالأواني”، و”شطب المسيرة السلمية”، وأثبت مجدداً أنه “ليسشريكاً في عملية السلام”، وفوق ذلك أنه “إرهابي سياسي” يمثل”امتداداً لحركة حماس على طريقته”!

ناحوم برنياع، مثلاً، في (يديعوت أحرونوت- 28/9/2014)،اكتشف أن وزير الخارجية “ليبرمان على حق، فأبو مازن ليس شريكاً”، وأنهأراد من خطابه “فرض تسوية”، و”إضعاف “إسرائيل””،و”أن يبرهن للشارع الفلسطيني أنه يناضل ضد “إسرائيل” على طريقته”!والنتيجة، في رأيه، أن “ما يسمى مسيرة السلام، أو مسيرة أوسلو، أو التفاوضالسياسي، أسقط من برنامج العمل”!

عميرة هاس، في (هآرتس- 27/9/2014)، رأت أن “فجوةكبيرة” بين مواقف عباس القديمة وموقفه في خطابه الأخير الذي جاء بعد أن”يئس من المفاوضات مع “إسرائيل””، وبهدف تحسين صورته لدىالفلسطينيين بعد تهاوي شعبيته. وقارنت بين قوله: “لن ننسى ولن نغفر، ولن نسمحلمجرمي الحرب بالهرب من العقاب”، وبين من أحبط تمرير “تقرير غولدستون فيمجلس الأمن” العام 2010، في أعقاب الحرب “الإسرائيلية” الأولى علىغزة.

شمعون شيفر في (هآرتس-28/9/2014)، تساءل في بداية مقالله، وبدا “أقل هجومية”، وكأنه يرد على زميله في الصحيفة برنياع، قائلاً:”على افتراض أن أبو مازن ليس شريكاً في السلام، علينا أن نسأل أنفسنا سؤالاًبسيطاً: إذن، من الشريك؟ هل هو خالد مشعل أم إسماعيل هنية؟!”. وبعد أن اعتبر”الخطابات التي تلقى كل سنة من على منصة الأمم المتحدة هي في الأساس رمزية،وفي معظم الحالات عديمة الأهمية”، إلا أنه يوضح لماذا بدا أقل هجومية على أبومازن بقوله: “رغم الأقوال القاسية التي أطلقها أبو مازن، محظور أن ننسى أنهيوجد له ولقادة أجهزة الأمن الفلسطينية، تنسيق مع أجهزة الأمن”الإسرائيلية” في هدف مشترك: منع عمليات الإرهاب”!!

على المستوى السياسي “الإسرائيلي”، حصد أبومازن مزيداً من السخط والغضب عليه. فنتنياهو، وقبل أن يتحرك إلى نيويورك ويلقيخطابه، كان قد قال عبر مكتبه عن الخطاب: “هذا خطاب تحريضي محض ومليء بالكذبوالافتراءات. ومن يريد السلام ويعتبر نفسه شريكاً فيه، لا يتحدث بهذه الطريقة، ولابهذه اللغة”! أما ليبرمان فعلق على الخطاب بقوله: “كلامه يؤكد أنه لايريد السلام، ولايمكن أن يكون جزءاً من أي حل سياسي منطقي”!

وأضاف: “أبو مازن امتداد لحركة حماس باستعمالهالإرهاب السياسي.. ومادام عباس يشغل منصب رئيس السلطة الفلسطينية سيبقى الخلافقائماً، وهو يكمل طريق عرفات..”! وكان ليبرمان قد قال للإذاعة”الإسرائيلية”: “رئيس السلطة ليس شريكاً، وهو لا يريد السلام،وعليه أن ينهي مهامه” كرئيس! (عرب 48- 28/9/2014).

وعلى مستوى الأحزاب “الإسرائيلية”، قال زعيمحزب “العمل” إسحق هيرتزوغ، عن الخطاب: “خطابه مخيب للآمال، وأكاذيبلا غير. لكننا لسنا متفاجئين فهو ليس صديقاً..”!

ذلك عن أصدقاء أبو مازن “الإسرائيليين”. أماأصدقاؤه الأمريكيون، فلم يكن أكثر حظاً معهم! لقد اعتبرت الخارجية الأمريكية خطابه”مهيناً”، لأنه قال إن كل المجهودات الأمريكية وكل سنوات المفاوضات لمتوصل إلا إلى مزيد من التوسع الاستيطاني والحروب التي شنتها “إسرائيل”على الشعب الفلسطيني. إضافة إلى ذلك، جاء مشروع القرار الذي تحدث عنه أبو مازنوالذي يعيد القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، سحباً للقضية وتخلياً عنالمفاوضات و”الرعاية الأمريكية”، في وقت ما زالت الإدارة الأمريكية تدعوللعودة إلى مفاوضاتها المباشرة. لكن الخسارة الكبرى التي أصابت أبو مازن منأصدقائه الأمريكيين جاءت على لسان الرئيس باراك أوباما، الذي “أقرواعترف” بصحة الإدعاء “الإسرائيلي” الذي كان يقول بأن “النزاعالفلسطيني – “الإسرائيلي” ليس سبباً لمشاكل الشرق الأوسط”!

لقد أبرز الكاتب في صحيفة (معاريف – 29/9/2014)، عاموسجلبواع، الموقف الجديد للرئيس الأمريكي، حيث نقل من خطاب أوباما في الأمم المتحدةقوله: “الوضع في العراق وسوريا وليبيا، يجب أن ينهي الوهم في أن هذا النزاع(بين “إسرائيل” والفلسطينيين) هو المصدر الأساس للمشاكل في المنطقة.ومنذ زمن بعيد استخدموا ذلك، ضمن أمور أخرى، لصرف انتباه الناس عن مشاكلهم فيالداخل”! ويعلق جلبواع على ذلك بفرح غامر، ويقول: “ها هو كل ما قالته”إسرائيل” الرسمية منذ عشرات السنين، جاء ليقوله الرئيس الأمريكي، ليسبالتلميح وبشكل غير مباشر، بل بالشكل الأكثر مباشرة: ليس النزاع”الإسرائيلي” – الفلسطيني هو الأساس، ولا تكمن فيه مشاكل المنطقة”!هكذا يفترض أن تنتهي رهاناته على “الصديق الأمريكي”، الآن على الأقل،كما يفترض أن تنتهي رهاناته على “شركاء السلام”الإسرائيليين””!

وهكذا خسر الرئيس محمود عباس “أصدقاءه” من دونمقابل.. المشكلة أنهم لم يكونوا يوماً أصدقاءه، لكنه هو الذي كان، ولا يزال،صديقهم ومتمسك بصداقتهم! وجاءوا اليوم ليقولوا له: إنه “ليس شريكاً”،وليس “صديقاً”، والقضية الفلسطينية مكانها في آخر القائمة من الاهتمامالأمريكي والدولي.. وهو حتى الآن لم يربح شعبه. فماذا عليه أن يفعل؟!

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...