السبت 10/مايو/2025

حرب ليبرمان الدبلوماسية

حرب ليبرمان الدبلوماسية

ما الذي تبقى في الجعبة الدبلوماسية لنتنياهو وليبرمانكي تعلن تل أبيب حرباً دبلوماسية ضد الفلسطينيين بعد خطاب الرئيس محمود عباس فيالجمعية العامة للأمم المتحدة؟

نتنياهو كان تعبيره عن رد الفعل متناغماً مع نبرتهالراديكالية، وعلى الفور نافسه ليبرمان بنبرة أعلى، وقد فات الاثنين معاً أن تلأبيب فعلت كل ما بوسعها خلال الأعوام الأخيرة على صعيد الحرب الدبلوماسية ولم تدخرورقة واحدة، كما أنها سعت إلى ما تسميه تجميل صورتها أمام العالم، ولتحقيق هذهالمهمة العسيرة قام قادة وجنرالات برحلات مكوكية عبر مختلف خطوط الطول والعرض لهذاالعالم.

ولو كان لدى هؤلاء فائض من الدبلوماسية لما لجأوا إلىالحرب، فهي دائماً التعبير الذي يجسد نفاد الصبر وانعدام الحيلة، إضافة إلى دورهافي تصدير الأزمات المحلية.

ما قاله عباس لا يخرج عن نطاق الحقوق المعترف بها للشعبالفلسطيني الذي يعاني من آخر احتلال في التاريخ، ومن حق أي فلسطيني سواء كانرئيساً أو مجرد مواطن عادي أن يعلن يأسهُ وضجره من المراوحة، والتسويف وإضاعةالوقت، فالدولة العبرية لا تسمع غير صدى صوتها وإن فاوضت فذلك نوع من المونولوج،الذي لا يكون للآخر فيه وجود. ولأن الفلسطينيين لدغوا ألف مرة من جحر المفاوضاتالعقيمة التي تنتهي باستمرار إلى أول السطر أو المربع الأول فلم يعد أمامهم إلا أنيطرقوا أبواباً أخرى، ومنها ما فتح أمامهم بالفعل كمنظمة اليونسكو، وحين يفعلونذلك سرعان ما يوصفون بأنهم ليسوا شركاء في عملية السلام، وقد أطلق هذا الوصف علىالراحل ياسر عرفات ويعاد الآن على لسان ليبرمان وبالحرف الواحد لوصف محمود عباس،ذلك لأن من تسول له نفسه الخروج عن المدار المرسوم والمحدد مسبقاً عليه أن ينتظرمثل هذا التوصيف.

لكن العالم بلغ رشده السياسي قدر تعلق الأمر بفلسطينوقضيتها المزمنة التي بدأت منذ أكثر من قرن، وهذا بالضبط ما يدفعنا إلى القول بأنالدبلوماسية في تل أبيب استنفدت جعبتها، ولم يبق لديها ما تضيفه أو توظفه لمزيد منالتضليل وحجب الحقائق. وكان العدوان على غزة الذي استمر أكثر من خمسين يوماً وعلىذلك النحو الوحشي دليلاً ساطعاً على أن السياسة بمعناها الدقيق خارج معجم اللغةالعبرية، فهي تجيد التفاوض بالطائرات والصوارخ والدبابات أكثر مما تجيده بالكلاموالسياسة.

ولأن القوة وحدها مهما بلغت لا تضع حداً نهائياً لأيصراع، فإن ثنائية النصر والهزيمة باتت بحاجة إلى إعادة تعريف، وبانتظار ما هدد بهالثنائي نتنياهو وليبرمان من حرب دبلوماسية يبقى الوضع الراهن على حاله ما لم يبلغاليأس الفلسطيني ذروته ويصبح الانفجار محتماً.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات