السبت 10/مايو/2025

مستفز وتحريضي

مستفز وتحريضي

ليس غريباً على الولايات المتحدة وحليفها كيان الاحتلالوالعنصرية “الإسرائيلي” أن يعتبرا خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس”مستفزاً وتحريضياً”، كونه تخطى حدود المعقول والمقبول، عندما أعطىالوصف الواقعي ل”إسرائيل” وممارساتها على الأرض الفلسطينية، وجرائمهابحق الكل الفلسطيني، واعتبر ما جرى من عدوان على قطاع غزة جرائم إبادة جماعية.

ديوان رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنياميننتنياهو مثلاً اعتبر كلمة عباس بمثابة “خطاب تحريضي مملوء بالأكاذيب”،وقال “إن هذه الأقوال لا تليق بمَن يسعى للسلام”، أما أشد المتطرفينإجراماً وزير خارجية الاحتلال أفيغدور ليبرمان فلجأ إلى الكليشيه المعتاد بالقولإن الكلمة “تؤكّد مرة أخرى بشكل لا لبس فيه أنه لا يريد ولا يمكنه أن يكونشريكاً في اتفاق سلام سياسي ومنطقي”، و”إن رئيس السلطة يمارس الإرهابالسياسي ويروّج للافتراءات الكاذبة”.

ماذا عن واشنطن؟ لا جديد يذكر، فهي أتبعت فشلهاوانحيازها التامين، بالهجوم على خطاب الرئيس الفلسطيني، الذي انتقدته وكيلة الكيانالناطقة باسم الخارجية الأمريكية جينفير بساكي بوصفه بأنه “هجومي ومخيبللآمال”، وتأكيدها رفض إدارتها له، كونه يحمل “طابعاً استفزازياً يضربالجهود المبذولة لخلق مناخ إيجابي واستعادة الثقة بين جميع الاطراف”.

على أي حال، ليس هذا غريباً كما أسلفنا، فهو يعبر عنكيانين سياسيين مأزومين، الأول أثبت فشله الذريع في إيجاد أي أمل أو فرصة لمواصلةمفاوضات التسوية الفاشلة، والثاني أفشلها أكثر وتشبث بكل ما أمكنه بسياسات تقوّضأسس عملية السلام، من خلال المزيد من السلب والنهب والتوسع والقتل والتهويد.

أما المنصة ذاتها التي اعتلاها عباس ملقياً خطابه أمامالجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد استضافت مجدداً نتنياهو للمرة التاسعة فيتاريخه الإجرامي، ولعل الرجل لم يأت بجديد، سوى أن المتغيرات التي حملتها السنواتوالأشهر القليلة الماضية سمحت له بتغيير شكلي على مضمون خطابه المنفصل عن الواقع،فبعدما درج على اعتبار المقاومة الفلسطينية “إرهاباً”، فإنه أضفى عليهاارتباطاً مكذوباً بالتهديد العالمي الجديد الذي يمثله تنظيم “داعش”،مساوياً بين الاثنين، بطريقة مسرحية لا تخلو من سذاجة ووقاحة لم يسبق لهما مثيل.

المشهد يتكرر “إسرائيلياً” وأمريكياً، فالكيانيعيد تشغيل إسطوانته المشروخة على منصة الأمم المتحدة، وواشنطن تجتر الوعودالفارغة والأكاذيب ذاتها، عن سعيها لحل القضايا العالمية الأهم، وعلى رأسها القضيةالفلسطينية، وما بين هذا وذاك، لا فرق يكاد يلمس أو يستشعر عن بعد، ولا مجال لأملأو وهم عابر بتغير الوضع والمواقف على أي مدى كان.

ليس هناك ما يثير الأسف أو الاستهجان من مواقف الحليفينالتقليديين، وليس هناك ما يوجب الرد عليه بقوة وحسم، فالمنظومة العربية الرسميةأضعف من أن ترد، وما زالت متمسكة بقشة الأمل الذي تصدّره واشنطن بالمجان إلىالمنطقة، وعلى ذلك فلا مكان لتوقع أي تغيير.

حسناً إذاً، الخطاب الفلسطيني “تحريضيواستفزازي” ولا يخدم “جهود السلام”، ولعل ذلك كاف للفلسطيني الذيشبع وعوداً مفرغة، وآمالاً وهمية، ليفكر في تغيير الاستراتيجية، بدلاً من اللعبعلى وتر التكتيكات الطارئة، ذلك أن أمريكا و”إسرائيل” لم تغيراالاستراتيجية القائمة على تجريد الفلسطيني من حقوقه، وحمله على تقديم التنازل تلوالآخر، وفي نهاية المطاف اتهامه بأنه “ليس شريكاً”، وحقيقة فانعدام مثلهذه الشراكة المزعومة أفضل.

صحيفة الخليج الإمارانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات