السبت 10/مايو/2025

البحث بين الحطام

البحث بين الحطام

البحث بين الحطام، هذا ما يمكن أن يقال إنه مشترك بينفلسطينيي غزة والأمريكيين، لكن القول على هكذا منوال لا يعني بحال من الأحوالوضعهما في سلة واحدة، هما في اختلاف الدوافع والأهداف والأسباب. يبحث الفلسطينيونفي غزة بين حطام منازلهم التي دمرها الاحتلال الصهيوني عن أحبائهم الذين لم تصلإليهم أيادي الإنقاذ، وعن حاجاتهم البسيطة التي ارتبطوا فيها بحياتهم وتشدهمللحضور إلى هذه الأطلال، الصور التي ما زالت نابضة في ذكرياتهم بمشاهد جمعهم فيسكنهم آباء وأبناء وأجداد، قبل أن يحل عليهم زلزال الدمار الوحشي الصهيوني، فيمايبحث الأمريكيون عن مخرج لمأزق سياسة دمارهم التي دارت على هذه المنطقة، وكانتنتائجها في كثير من الأحيان عكس ما كان في الحسبان.

ولمجرد الاستدلال، لنبدأ من العراق لأننا سنعود إلىالعراق مع ما تقوم به الإدارة الأمريكية تحت مظلة “الحرب على الإرهاب”في العراق والشام، وهاكم بعض مما يمكن أن يقال:

قادت الولايات المتحدة غزو احتلال العراق وخاضت في غضونسنوات احتلالها لهذا البلد معركة تدمير الدولة بمؤسساتها والعراق بكيانه ومكوناتهمن خلال إعادة إنتاج الموروثات القديمة كالعشائرية والقبلية وتغذية الصراعاتالمذهبية والعرقية والدينية، ولعبت لعبة ماكرة بين الطائفتين السنية والشيعيةوخلفت انقساماً طائفياً مفتوحاً على مستقبل العراق، بعد أن أدى إلى الانهيار الذيفتح المجال أمام الجماعات المتطرفة من التواجد والانتشار والعربدة والوصول إلىالإمساك بمقدرات مصير البلاد والعباد، والنتيجة أن الأمريكيين فشلوا في السيطرةعلى ما زرعوه بأنفسهم.

ركزت الإدارة الأمريكية على نحو متواصل سياستها بعد غزوواحتلال العراق تجاه تدمير التضامن العربي وأدارت في هذا الشأن لعبة المحاور التيحولت المجموعة العربية وجامعتها إلى مجموعة متآكلة ودول متنافرة، وتصدت لكافةالجهود التي بذلت لخروج الدول العربية من هذه الدوامة، ومن ذلك ما كان يرتبطبتطوير الجامعة العربية والعمل العربي ولو بحده الأدنى، وفي مقابل إغلاقالأمريكيين النوافذ بين الغرب والعرب كان انفتاح الغرب على إيران.

استأثرت الإدارة الأمريكية بأزمة الشرق الأوسط وقادت فيغضون ما يزيد على عشرين عاماً عملية تدمير ممنهجة للقضية الفلسطينية من خلالمحاولتها تصفية المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني التي هي حق من حقوق هذاالشعب استعادة حقوقه من الاحتلال، واتباع سياسة الضغوط على الفلسطينيين لحملهم علىتقديم تنازلات عن حقوقهم المسلوبة، والأخطر من ذلك أن سنوات التسوية الأمريكيةكانت الزمن الذهبي للاستيطان الصهيوني الذي كان يتضاعف عاماً بعد عام داخل الأراضيالفلسطينية، وفي ظل الرعاية الأمريكية لما كان يسمى “المفاوضات” والتيأدت في محصلتها إلى تدمير عملية السلام المنشودة لشعوب هذه المنطقة وعالمنا بأسره.

ما الحصيلة لهذه السياسة التدميرية الأمريكية في المنطقةالعربية؟ وما جدوى البحث بين حطامها؟ في ظل الأوضاع العربية المتردية مازال هناكما هو متوفر للأمريكيين أو غيرهم تجنب مواجهة هذه القضية بوضوح وعلنية.

ومن هذه الزاوية تأتي قراءة بعض الخبراء الأمريكيينملامسة الأوضاع، ولكنها تتجاهل الواقع في عملية تبدو أقرب إلى إعادة إنتاج ما كانسبق تسويفه أمريكياً تجاه المنطقة، ولكن هذه المرة ليس على أساس أنه توجه أمريكيبل على أن الوضع العربي القابل لأي شيء وكل شيء حسب اعتقادهم بعد أن زاد تلغيمهوحان اللعب على إبطال تفجيره.

هنا يأتي الدور الأمريكي الآن في الحرب على”داعش”، فجرائم “داعش” أثارت الرأي العام الدولي والإنساني،وهي مدعاة أخلاقية وإنسانية وأمنية لمواجهتها، بيد أن الدول الغربية والولايات المتحدةبالذات لم تتحرك من هذه الدوافع فقط.

لأمريكا علاقة مع “داعش” منذ وجودها ولم يعدهذا سراً، لكنها تبحث بين حطام دمارها للوصول إلى أهدافها.

ومن ذلك الولايات المتحدة تعمل على استعادة زخم حضورهاالسياسي الذي تراجع بسبب أخطائها وأزماتها الداخلية، وهناك منافسة غربية شرسة علىالمصالح في هذه المنطقة.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات