الأحد 11/مايو/2025

المصالحة المستحيلة بين فتح وحماس

المصالحة المستحيلة بين فتح وحماس

لايمكن الإطمئنان إلى أن حركتي فتح وحماس ستنفذان اتفاق المصالحة بينهما، فمنذ عام2007 وحتى الآن لم يكن هناك سوى اتفاقات تفرخ اتفاقات، لم تكن أكثر من حبر علىورق، مما يجعل من المصالحة الأخيرة مستحيلاً يضاف إلى المستحيلات المعروفة وهي”الغول والعنقاء والخل الوفي”.

كثيرةهي الاتفاقات التي أبرمت في مكة المكرمة والدوحة والقاهرة والتي باءت جميعهابالفشل، منذ غضب سلطة رام الله بزعامة محمود عباس ميرزا من فوز حماس بالانتخاباتالتشريعية في 2006 ورفض المشاركة في حكومة ائتلافية وبدء فرض الحصار”الإسرائيلي” على قطاع غزة، ورفض الأجهزة الأمنية “وهي كلها تابعةلفتح” التعاطي مع حكومة إسماعيل هنية، وتشكيل حماس لـ”القوةالتنفيذية” كبديل عن الأجهزة الأمنية الرافضة لأداء واجبها، وتزامن ذلك معحملة اغتيالات واعتقالات لرموز من حماس في الضفة الغربية.

هذههي خلفية الانقسام بين فتح وحماس، الذي غذاه التحريض الأمريكي”الإسرائيلي” على رفض نتيجة الانتخابات التي أدت إلى فوز”الإرهابيين”، ودفع سلطة عباس إلى الاختيار بين “إسرائيل”وحماس، فكان أن اختار “إسرائيل” التي اعتبر أن المفاوضات هي الخيار الاستراتيجيالوحيد وأن التنسيق الأمني معها مقدس، وأنه لا مكان للخيار العسكري والكفاح المسلحأو حتى انتفاضة جديدة ولو بالحجارة. في الوقت الذي تعتبر فيه حركة حماس أن تحريرفلسطين يمر عبر فوهة البندقية.

هذاالتباعد الاستراتيجي الكبير بين الطرفين لا يمكن ردمه على الإطلاق، فما يفصلبينهما 180 درجة، فهما نقيضان بالمطلق، مما يجعل أي اتفاق بينهما بلا قيمة منالناحية العملية، وأن المحادثات الطويلة بين فتح وحماس ليست أكثر من مداورة ومضيعةللوقت، ومحاولات وهمية للضحك على الشعب الفلسطيني الذي يعاني من القتل والتشريد والحصاروالاحتلال واللجوء والغرق في البحار بحثاً عن ملجئ على الأرض.

مايفرق بين سلطة رام الله بقيادة فتح وحماس مشروعان سياسيان متباينان، المفاوضاتوالمقاومة، رغم أن مشروع المفاوضات منذ بدء محادثات أوسلو منذ عام 1992 وحتى الآنلم يحقق أي شيء للفلسطينيين، بل تم خلال هذه الفترة تهويد القدس والضفة الغربيةوزرعهما بالمستوطنات وتلغيمها بالمستوطنين اليهود، وتحول سلطة أوسلو في رام اللهإلى شرطي لحماية الاحتلال، وتواصل الحصار “الإسرائيلي” الخانق على قطاعغزة لإبادة 1.8 مليون فلسطيني.

فيالمقابل أثبتت البندقية الفلسطينية في قطاع غزة أن لها الكلمة العليا، وتمكنت منالصمود وتوجيه ضربات موجعة للاحتلال “الإسرائيلي” وآلته العسكرية، مماأعطى الفلسطيني جرعة من الثقة بالنفس، ومنح البندقية الفلسطينية التي حملتها كتائبالقسام وسرايا الجهاد وألوية الناصر صلاح الدين وكتائب أبو علي مصطفى وغيرها منالفصائل مصداقية عالية، أجبرت العدو “الإسرائيلي” والعالم على الاعترافبها والتفاوض معها مع أنها “إرهابية” حسب تصنيفهم.

كيفيمكن التوفيق بين المقاومة والرصاص والثورة وبين أطروحات عباس التي لا مكان فيهالأي شكل من أشكال المقاومة، والسؤال الأهم والأكبر: كيف يمكن صناعة توافق فلسطينيمع حقيقة عدم وجود “مشروع وطني فلسطيني جامع”، وللأسف فإن الشعبالفلسطيني حالياً ليس مشروعاً وطنياً بأهداف واضحة، وقيادات الفصائل الفلسطينيةتتعامل ما يجري دون خطة إستراتيجية تمثل كل الشعب الفلسطيني.

لاأعتقد أنه سيكون هناك أي مصالحة بين فتح وحماس، وبين سلطة رام الله وغزة، فلنيستطيع عباس ترويض حماس والمقاومة الفلسطينية، ولن يكون قادراً على إجبارها علىتسليم سلاحها وإخضاعه لسيطرته، ولن يكون قادراً على منع العدو”الإسرائيلي” من شن حرب على الشعب الفلسطيني، ولن يحقق أي شيء من خلالالمفاوضات، وستبقى الاتفاقات بين الطرفين مجرد ذر للرماد في العيون بانتظار جولةأخرى القتال والمفاوضات، وترك الشعب الفلسطيني نهبا للموت والاغتيال والغرقوالحصار واللجوء.

صحيفةالشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات