الإثنين 12/مايو/2025

الكذب حرفة

الكذب حرفة

لا يترك الاحتلال “الإسرائيلي” عادة، أمراًللصدفة، من دون تخطيط ولا تدبير، ولعل ذلك نابع أساساً من العقلية التآمريةالمدمرة التي يورّثها الصهاينة لبعضهم بعضاً منذ اليوم الأول لنشوء حركتهمالعنصرية الاستعمارية، التي ما زالت ترتكب الجريمة البشعة تلو الأخرى تحت مزاعموأكاذيب تحولت إلى أسطوانة مشروخة دائمة الاستخدام.

إعلان جيش الاحتلال اغتيال شابين فلسطينيين في مدينةالخليل أمس (الثلاثاء)، كان اتهمهما منذ زمن قريب بتنفيذ عملية خطف وقتل 3 مجندينقرب مجمع “غوش عتصيون” الاستعماري قبل أشهر، العملية المزعومة التي لايستطيع أحد حتى اللحظة التأكد من وقوعها، أو كشف تفاصيلها الحقيقية، يضع أكثر منعلامة استفهام أمام عملية التصفية التي ارتكبت بحق الشابين الفلسطينيين، خصوصاًوأن ما حدث لا يشي إلا عن عزم الاحتلال على حجب الحقيقة والتغطية على أكاذيبه.

أولى الأكاذيب التي اكتنفت عملية الاغتيال الدموية التيشهدتها مدينة الخليل، ذلك التباين بين إعلان جيش الاحتلال اغتيال الشابين إثرعملية مستندة إلى تقارير استخبارية، وما كشفه إعلام الكيان من أن العملية، كانتعبارة عن مداهمات واسعة النطاق، في سياق عملية هدم منزل من طابقين في المدينةاصطدمت، حسب ما زعم، بنيران أطلقت من المنزل باتجاه قوات الاحتلال، وأسفرت عناستشهاد الشابين.

ليس هناك ما يثير الاستغراب في هذا التباين المعتاد بينالاحتلال ووسائل إعلامه، إذ درج الطرفان على إضاعة الحقائق وتزويرها في سياق تكاملالأدوار بينهما، الهادف إلى تجريم الفلسطيني من جهة، وسلب حقوقه من جهة أخرى.

الأكيد أن الاحتلال لا يحتاج إلى ذريعة لتبرير أي منجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، لكنه يحتاج في كثير من الأحيان إلى الأكاذيب المعتادةفي إطار تسويق دعايته على مستوى العالم الغربي الذي يجد نفسه مضطراً إلى الاهتمامبمطالب الكيان واحتياجاته “الأمنية”، وإلى دعم أكاذيب الاحتلال ضدالحقائق الثابتة على الأرض الفلسطينية.

أمام كل هذا الكذب والتدليس “الإسرائيلي”، لابد من مواجهة، لكن أي مواجهة تلك التي سيتمكن الفلسطيني من خوض غمارها في ظل تنازعالأجندات والمصالح الحزبية بين خصمي السياسة الفلسطينيين “فتح”و”حماس”؟ وهل من وجود لأي مؤشر إلى أن الحالة المستعصية التي يشكلانهافي طريقها إلى الحل؟ وهل يمكن الحديث أو الدعوة إلى استراتيجية مواجهة شاملة في ظلما نشهد من تضارب البرامج والأهداف السياسية؟

الاحتلال يدرك ما يريد، ويفعل ما يريد، ورغم أن جولةالمفاوضات غير المباشرة التي من المفترض انطلاقها في اليوم ذاته الذي نفذ فيهعمليته الهمجية، إلا أن ذلك لم يمنعه من تنفيذها، ذلك أنه يدرك أنها لن تشكل فرقاًولن تؤثر في مسار الأمور، لأن خصمه المنقسم على ذاته ليس قادراً على اتخاذ موقفقوي، وليس مؤهلاً لوقف هذا العبث.

الضائع في هذه المعادلة الملتبسة هو الفلسطيني العادي،سواء كان ذاك المنتظر إزالة آثار سلسلة متتابعة من العدوان الدموي المدمر على قطاعغزة، أو ذاك الملاحق المهدد بالاقتلاع والتهجير والقتل والاعتقال وتهويد أرضه فيالضفة الغربية المحتلة، أو الثالث في فلسطين المحتلة عام 1948 المهدّد بتذويبهويته، والملاحق على أسس عنصرية، في كيان الكذب والتزوير.

صحسفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات