الثلاثاء 13/مايو/2025

ضفتان وبندقية

إياد القرا
أعادت انتفاضة الأقصى الثانية للقضية الفلسطينية تأثيرها الإقليمي والدولي وكذلك للقضية الوطنية اعتبارها، والعودة بها إلى مراد نشأة فصائل المقاومة الحديثة، وفي مقدمتها حركة فتح، ووضعت حدا لمسيرة التسوية التي أطلقتها منظمة التحرير بنسختها المحسنة في إطار التغيرات الإقليمية في عقد التسعينيات من القرن الماضي، والتي أنتجت اتفاق أوسلو قبل عشرين عاماً، حيث تخلت قيادة منظمة التحرير وقيادة حركة فتح في حينه عن السلاح لصالح مشروع التسوية تحت عنوان غزة أريحا أولا، وثبت لاحقاً أنها النهاية، وغيرها أوهام.

لذلك غزة اليوم هي رأس حربة المقاومة وتقاتل بشراسة لأنها استطاعت أن تنهض سريعا وتطلق المقاومة المسلحة من مسدس وبندقية وقنبلة وصاروخ M75 وبينهم نفق، في حين أن الضفة الغربية تقدمت في بداية انتفاضة الأقصى بعملياتها الاستشهادية في العمق الصهيوني وتركت تأثيراً بالغاً على الجبهة الداخلية للاحتلال إلا أن السلطة تعاونت إلى أبعد مدى وانزلقت في وحل التنسيق الأمني خلال العقد الأخير وحولت الضفة الغربية إلى محمية إسرائيلية، وخاصة بعد عام 2007.

بالأمس ظهرت في الضفة الغربية صورتان، الأولى لضفة التنسيق الأمني التي بناها الرئيس محمود عباس بعد عام 2007 برعاية الجنرال الأمريكي دايتون، حيث التنسيق الكامل بين قوى الأمن التي تتبع عباس مع الاحتلال الإسرائيلي في مدينة الخليل في مطاردة القساميين مروان القواسمة وعامر أبو عيشة وصولا إلى اغتيالهما وترجمة حقيقية لمفهوم التنسيق الأمني المقدس.

وفي الصورة الضفة الغربية الأخرى وهي أمهات الشهداء والبيوت والعائلات وكتائب القسام التي خرج منها الشهيدان وزملاؤهما الذين استطاعوا أن ينفذوا عملية بطولية باختطاف وقتل الجنود الثلاثة في الخليل قبل أربعة أشهر لمبادلتهم بأسرى في سجون الاحتلال، وفي الصورة جماهير فلسطينية واسعة تخرج في وداعهما وتحدي الاحتلال، وسط انزواء الأجهزة الأمنية واختفائها بعد أن وفرت المعلومات للاحتلال عن مكانهما وحولت سلاحها إلى أداة مسخرة لخدمة الاحتلال ومطاردة المقاومين وفض المظاهرات المؤيدة لغزة.

قاتل القواسمة وأبو عيشة بسلاحهما حتى اللحظة الأخيرة ورفضا الانسحاب أو تسليم نفسيهما للاحتلال متمسكين بسلاحهما وهو السلاح الشرعي الذي تعرفه الضفة الغربية، وغيره من أسلحة هي أسلحة تتبع للاحتلال ولا قيمة لها، ويؤكد أن الضفة الغربية ذات المشهدين لسلاح المقاومة وهو امتداد لضفة يحيى عياش ومحمود أبو الهنود وبندقية الغول في غزة.

الصراع بين الضفتين هو أمر طبيعي لكن الفارق هو التوقيت الذي ستبرز فيه الضفة التي أخرجت القواسمة وأبو عيشة وقد أصبحت الظروف اليوم ملائمة لصعود زملائهم لمواجهة الاحتلال وإعادة الضفة الغربية إلى دورها البارز في المقاومة ومواجهة الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات