المقاومة الفلسطينية.. صعود المارد أم سقوط الثور؟

بدا المشهد في الأسبوع الأول من حرب غزة الأخيرة لدى بعضالقوى الإقليمية والدولية وهي تتعامل ببرود لافت للعيان مع الهجوم الإسرائيليالوحشي على القطاع، وكأنها تنتظر “سقوط الثور” (المقاومة) حتى تجهز عليهوتتناوشه بسكاكينها.
خاب فألهم.. لم يكن ثوراً في مهرجان إسباني لصراعالثيران.. أولئك الذين كانوا يودون التلذذ بمشهد السقوط.. تسارعت نبضات قلوبهم..وأحرقوا آخر نفَس في الـ”سيجار”.. وهم يرون مارداً “مؤمناً”صاعداً يقلب حساباتهم.
* * *
منذ إنشاء الكيان الصهيوني لم تعش المقاومة الفلسطينيةبيئة إقليمية أسوأ من تلك التي عاشتها قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع في صيف2014 وأثناءه، الترتيبات كانت تجري على قدم وساق لإغلاق ملف المقاومة الفلسطينيةولإعداد مراسيم جنائزية “لائقة”!
كانت ثمة قناعات لدى اللاعبين الكبار أنه حتى يتم إغلاقملف الثورات وتعود الأنظمة الفاسدة والمستبدة للتموضع بشكل يسمح لها بالاستمرار معتكريس حالة من الضعف والتمزق الطائفي والعرقي، بما يوفر أيضاً بيئة إستراتيجيةمثالية للكيان الإسرائيلي، لا بد من:
– ضرب الاتجاهات الرئيسية التي شكلت قاطرة رئيسيةللتغيير وخصوصاً الاتجاهات الإسلامية.
– لا بد من إغلاق الملفات التي تشكل عنصراً للتفجير فيالمنطقة، وتحديداً الملف الفلسطيني وجذوته المتمثلة في العمل المقاوم.
في مطلع الصيف كان هناك ما يبرر صقل السكاكين والسيوف..حالة حصار غير مسبوقة من النظام المصري أغلقت “الرئة الاصطناعية” التيكان يتنفس منها (الأنفاق).. استمرار الحصار الإسرائيلي.. توقف المساعدات منذ نحوسنة ونصف من إيران و”قوى الممانعة”، ضيق وانزعاج من أطراف الاعتدالوالممانعة من تيار “الإسلام السياسي” السني الذي تشكل حماس مركزهالفلسطيني.
وجاء “اتفاق الشاطئ” وتفعيل ترتيبات المصالحةوإنهاء حكومة حماس في القطاع وتسليمها الإدارة لحكومة التوافق الوطني ليفسرهكثيرون بمن فيهم القيادة الفتحاوية في رام الله أن حماس جاءت إلى المصالحة وهيراغمة، بل جاءت وهي “شالحة” كما ذكر قيادي فتحاوي كبير في أحد مجالسه.
عندما سارت الحرب في أيامها الأولى كانت أطراف عربيةتتوقع أن تتلقى حماس الصفعات والضربات القاسية وأن تخرج مخفوضة الرأس مهيضة الجناحكان إعلامها بارداً، كما كان سمجاً وهو يستبطئ سقوط “الثور”، أما في مصرفلم يكتف معظم الإعلام الفعال بالابتعاد عن الدور الوطني والقومي والعروبيوالإسلامي المعتاد لمصر، وإنما انضمت جوقات إعلامية لحفلات الطبل والزمر في تشويهالمقاومة وتشويه نضال الشعب الفلسطيني والتبرير للعدوان الإسرائيلي.
فالإعلامية أماني الخياط وصفت العدوان الإسرائيلي بأنهمسرحية هزلية تديرها حماس، وبرر توفيق عكاشة الهجوم الإسرائيلي وطالب أهل غزةبالثورة على حماس، وطالبت أماني الدرديري السلطات المصرية بمساعدة”إسرائيل” في القضاء على حماس، ووصلت الفجاجة بمذيع مثل محمد الغيطيبعرض صور مفبركة مزورة في برنامجه على قناة التحرير لإسماعيل هنية قائد حماس فيالقطاع، تتهمه بعلاقات جنسية مع “نساء الموساد”، كما فبركت مجلة روزاليوسف أكاذيب أخرى.
الكيان الإسرائيلي الذي كان مرتاحاً للأداء العربي-خصوصاً المصري- لم يخفِ سعادته بالعلاقة التي نتجت مع دول المنطقة، ورأى فيهاذخراً مهماً لـ”إسرائيل” كما قال نتنياهو، وكانت وزيرة العدل الإسرائيليةتسيبي ليفني أكثر صراحة عندما تحدثت عن أن هناك توافقاً مع مصر على خنق حماس.
أما إسحق هرتسوغ رئيس حزب العمل وزعيم المعارضةالإسرائيلية فتحدث في مقابلة مع يديعوت أحرونوت عن “حلف آسر في المنطقة يشملمصر والأردن والسلطة الفلسطينية (في رام الله) والسعودية ودول الخليج”، مؤكداًأن “إسرائيل” جزء منه، وأن هذا الحلف يعبر عن رؤية إقليمية.
صحيفة الجيروزاليم بوست تحدثت في10/7/2014 عن أن مصرو”إسرائيل” تشكلان يداً واحدة ضد حماس، بينما وصف موقع صحيفة معاريف علىالإنترنت العلاقات المصرية الإسرائيلية بأنها وصلت إلى مرحلة “التحالفالشجاع”، أما داني دانون نائب وزير الدفاع الإسرائيلي السابق فقال -بعد نحوشهر من الحرب على غزة- إن المصريين طلبوا من الإسرائيليين الاستمرار في ضرب حماسلأنها لم تتألم بما فيه الكفاية.
وتحدث موقع ديبكا الاستخباري الإسرائيلي عن رسالة بعثها النظامالمصري أن مصر لم تتمكن من إقناع حماس بتقديم أي تنازلات لأن “الجيشالإسرائيلي لم يضرب حماس بما يكفي من قوة”.
ولخص المستشرق الإسرائيلي المعروف “إيهودإيعاري” المشهد بقوله إن الرئيس المصري السيسي يريد أن يرى حركة حماس تنزف،وأن يستمر النزيف، لذلك فإنه يعمل من أجل الإمعان في إذلالها من خلال العملية التييقوم بها الجيش الإسرائيلي.
وطوال الحرب ترددت فكرة نزع أسلحة حماس والمقاومة، وقالالإسرائيليون إن هذه الفكرة تدعمها الولايات المتحدة ومصر ودول أخرى، حسب ما عبرجلعاد أردان وزير الداخلية وعضو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر.
كان نزع أسلحة المقاومة يعني عملياً إغلاق ملف المقاومةالفلسطينية، وإذا كانت هذه الفكرة تروق للإسرائيليين والأميركيين فقد وجد فيهانظام السيسي ضربة للإسلام السياسي وفرع “الإخوان” في فلسطين، كما وجدتفيها بعض أطراف السلطة الفلسطينية فرصة لتهميش تيار المقاومة، والهيمنة على الساحةالفلسطينية، وفرض أجندتها المرتبطة بمسار التسوية على القضية الفلسطينية.
* * *
فاجأ أداء المقاومة الجميع وأربك حساباتهم، فالمقاومةصمدت على الأرض وقدمت أداء بطولياً، والمقاومة مرغت أنوف قوات النخبة البرية الإسرائيليةفي التراب، والمقاومة غطى مرمى صواريخها كافة التجمعات الصهيونية في فلسطينالمحتلة، ولأول مرة منذ عشرات السنوات أبدعت المقاومة في البر والبحر والجو.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...