الإثنين 12/مايو/2025

تفتيت فلسطينيي 48.. طبعة منقحة

تفتيت فلسطينيي 48.. طبعة منقحة

لو كانت “إسرائيل” دولة لكل مواطنيها، علىالنهج الليبرالي الغربي كما تزعم، لما ميزت بين هؤلاء المواطنين في بطاقات الهويةوصنفتهم إلى يهود ومسلمين ومسيحيين ودروز.. بل ولانتفت الحاجة لوجود خانة الديانةمن الأصل في هذه البطاقات. لكن فلسفة التمييز العنصري الصهيونية لا تقتصر على هذاالإجراء، بتداعياته الحقوقية على كافة مناحي الحياة،.

ففي “إسرائيل”، يتم إدراج المواطنينالفلسطينيين الأصليين عملياً، تحت تابعيات وهويات فرعية بحسب المذاهب والمناطقوالجهات والقبائل والبطون والعائلات، وأحياناً بحسب المواقف الايديولوجيةوالسياسية من الدولة.. فهناك عرب المثلث، وعرب الجليل، وعرب أو بدو النقب، وسكانالمدن المختلطة.

وداخل هذه المنوعات الجهوية، ينقسم الفلسطينيون وفقاًللديانات والمذاهب والقبائل.. ومع ما تثيره هذه التوليفة العجيبة من حنق وسخرية،يبدو أن جراب الحاوي الصهيوني ما زال عامراً.

فضمن أحدث مبتكرات ابتداع الصدوع وتصنيعها في أحشاءمجتمع عرب أو فلسطينيي 1948، أعلنت وزارة الداخلية الاسرائيلية في 16 سبتمبرالجاري، عن البدء في إلحاق كلمة «آرامي» بكلمة مسيحي، في هويات المواطنينالمسيحيين.

هذا نذير سوء على ما يضمره صانع القرار الصهيونيالإسرائيلي تجاه شرائح هذا المجتمع، فقريباً يصبح التعامل بسياسة التمييز والفصلالعنصري مع هذه الشرائح وفي ما بينها، مكشوفاً ومتبجحاً أكثر فأكثر.

وإذا مر هذا المستجد فسوف تظهر هويات لا حصر لها لأبناءهذا المجتمع؛ قد يتم التمييز فيها بين الجماعات المنمنمة تحت مسميات من قبيل مسلممن المثلث، مسلم بدوى من النقب، درزي من الجليل، مسيحي أرثوذكسي، مسيحي كاثوليكي،مسيحي من اللاتين، أجنبي مقيم في حيفا، أجنبي في يافا، مسلم من قبيلة زيد، مسلم منبني عبيد..

المؤكد أن صلة فلسطينيي 48 جميعاً بأرومتهم العربية، هيأقوى وأعمق بكثير مما يربط قطاعات المهاجرين اليهود إلى الكيان الصهيوني ببعضهم..أقله، لأن ثمة تاريخاً ولغة وبنى ثقافية مادية وروحية وأواصر دم ورحم تشد أبناءالمجتمع الفلسطيني إليها، وتفرض عليهم التلاقي على الصعيدين القومي والوطني.

هذا في حين يثور السؤال عما يربط اليهودي القادم مناليمن أو من الهند شرقاً، باليهودي المستجلب من أوكرانيا أو فرنسا شمالًا، أو منالأرجنتين غرباً أو من جنوب إفريقيا؟

منذ عشرات السنين والمشروع الصهيوني يلهث، سعياً إلىتلفيق هوية إسرائيلية مشتركة لأناس لا يشتركون في شيء، اللهم الا في عنصر الديانة،الذي تثور شكوك حول انتماء بعضهم إليه.

وعلى التوازي من ذلك، يستميت القائمون على هذا المشروعلتحطيم قوام المجتمع الأصيل، الذي تتوفر له كل مقومات الحياة تحت سقف دولة وطنيةواحدة لا عوج فيها.

ربما جادل البعض بأن سياسة التمييز وتمزيق النسيجالاجتماعي لفلسطينيي 48، مسألة قديمة ولا تنطوي اليوم على جديد فارق، سوى النزوعإلى طرح المزيد من الوسائل والآليات.

لكن هذه القناعة لا ينبغي أن تحجب السؤال عن أسبابالنقلة النوعية في هذه السياسة، وتغذيتها بطبعة جديدة مزيدة؛ شديدة السفالةوالتواقح في هذا التوقيت.. واجتهادنا في هذا السياق، هو أن المشرع الصهيوني يهدفإلى قطع الطريق مجدداً على دعوتين آخذتين في البروز بقوة؛ أولاهما بين فلسطينيي48، خلاصتها الاصطفاف خلف مطلب الاعتراف بهم كقومية مغايرة، بكل ما يتأتى عن ذلكمن استحقاقات داخل الدولة.

والثانية تدور في أوساط بعض القوى الفكرية والسياسيةالاسرائيلية ذاتها، مؤداها أن فشل التسوية الفلسطينية خلف الخط الأخضر، سيؤديبمرور الزمن إلى نشوء الدولة ثنائية القومية، وعندئذ سيكون لفلسطينيي الداخل شأنأكبر في حسم موازين القوى لصالح الجانب العربي الفلسطيني، ما لم يتم كسر شوكتهمالقومية والوطنية وتذريتهم.. كأن سياسة التفتيت المضافة راهناً، تكاد تكون خطوةاستباقية ضد هاتين الدعوتين.

لا توجد دولة في هذا العالم تنحو من تلقاء ذاتها إلىصناعة الصدوع والشروخ في بنائها الاجتماعي السياسي، فكل الدول العاقلة تتجه إلىالعكس، حتى وإن لم يستحوذ اجتماعها السياسي على عوامل الوحدة. وهكذا فإن ما تقومبه “إسرائيل” يعد بدعاً من سلوك الدول، لكن ماذا نقول إن جاء العيب مندولة قامت وعاشت عليه!

صحيفة البيان الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....