حتمية زوال الكيان

العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، هو حلقة من سلسلةمتواصلة للحروب والاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين وعلى الأمة العربية منذإنشاء دولة الكيان وحتى هذه اللحظة. العدوانية هي إحدى متلازمات وجود”إسرائيل” وسماتها، كل الذي تغير، هو تطور أدوات ووسائل القتل والتدميرالصهيوني، وتطور أساليب الكيان النازية. لم تختلف “إسرائيل” منذ بدايتهاوحتى الآن، مثلاً، في وجود متغيرات فيها تجنح نحو التعايش مع الآخر والسلام معه،بدليل ما تعبر عنه الإحصائيات المتعددة التي تجرى في الكيان،من أن التطور الأبرز،هو أن الشارع “الإسرائيلي” يتجه نحو المزيد من اليمين والتطرف. ومنزاوية ثانية، أدركت شعوب العالم في تجربتها المرة مع النازية والفاشية في الحربالعالمية الثانية، أنه لا تعامل مع الظاهرتين إلا بالقضاء عليهما واجتثاثهما منالجذور. “إسرائيل” ليست استثناءً من القاعدة التي هي بمثابة القانون.الظروف المحيطة هي المختلفة، وكذلك حجم تأييده من قبل حلفائه الاستراتيجيين. هذهمسألة خاضعة للتغيير ولن تكون ثابتة، كما أن موازين القوى قابلة للتعديل أيضاً. مامارسته “إسرائيل” من وحشية في المذابح التي ارتكبتها يؤكد أن الكياننسخة متطورة من الظاهرتين، وبالتالي فإن مصيره لن يكون أفضل من مصيري أستاذيه.
لذا، فإن من يؤمن ويعتقد بحتمية زوال”إسرائيل” هو أيضاً على حق على الرغم من اتهامه من الآخرين بأنه يبدو فينظرهم وكأنه في العصر الخشبي وإنه خارج إطار التاريخ والزمن، وإنه بعيد عنالواقعية والموضوعية. بالتأكيد إن هؤلاء المتهِمين (بكسر الهاء) يعتقدون باستحالةإزالة هذه الدولة، وبالتالي فهم يتفاوضون معها، ويوقعون اتفاقيات سلام مع قادتها،ويرون أن وجودها أصبح واقعاً مفروضاً، وأنها تملك من عناصر القوة ما لا يؤهلالفلسطينيين والعرب جميعاً للحديث، حتى عن إمكانية إزالتها، فهي مزنّرة بالسلاحالنووي، وأحدث ما تنتجه مصانعها ومصانع حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدةوعموم الدول الغربية من أسلحة.
وبالمقابل، هناك المؤمنون والمعتقدون بحتمية زوالهالأسباب كثيرة: دينية وقومية وطنية. ومن هؤلاء، المتابعون للداخل”الإسرائيلي” بكل تفاصيله، ونتيجة معرفتهم الدقيقة بالتفاصيل يروناستحالة التعايش مع هذه الدولة، فعدوانها الدائم والمستديم هو الذي يؤسس لبدايةنهايتها، فهي ترفض كافة الحلول التي جرى تقديمها: حل الدولتين. فالواقع يشيباستحالة هذا الحل، فطبيعة الحقائق التي تفرضها على واقع الضفة الغربية تجعل منالاستحالة بمكان أن يرى هذا الحل النور. حل الدولة الواحدة هو أيضاً مستحيل، مثلماهو حل الدولة الثنائية القومية وحل “دولة لكل مواطنيها” الذي طرحهالبعض، ف”إسرائيل” تطمح إلى بناء دولتها اليهودية، والصهيونية ستظلصهيونية، والعقيدة التوراتية – التلمودية هي الخلفية التي أسست ولاتزال للعنصريةالصهيونية، وللعدوان ولارتكاب المجازر، وللاستعلاء، وإبقاء حالة الحرب مفتوحة علىالفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين الذين لا يرضخون للإملاء السياسي”الإسرائيلي” للتسوية أو الحل، الذي يتلخص في حكم ذاتي للفلسطينيينوإقامة سلام مع الدول العربية من دون شروط من قبلها، ليكون سلاماً مقابل سلام،وليس سلاماً في مقابل الأرض. هذه هي “إسرائيل” باختصار شديد، ومن يعارضوجهة النظر هذه، فليكشف لنا عن حقائقه.
من بين المؤمنين والمعتقدين بزوال “إسرائيل”،هناك أحزاب وقوى وطنية وقومية عربية كثيرة، كما أن ما يدور في الداخل”الإسرائيلي” من تناقضات يؤكد أن هذه الدولة في طريقها إلى الفناء منداخلها.
اعتماداً على التاريخ إن غزاة كثيرين احتلوا فلسطينوالأرض العربية وتناوبوا على حكمها، ولكن مثلما كان زوال كل أولئك الغزاة حتمياً،فلن يكون المشروع الاستعماري الصهيوني أفضل حالاً من كل أولئك الذين هُزموا وحملواأمتعتهم وعصيّهم على كواهلهم ورحلوا. صحيح أن فروقات كبيرة توجد بين المشروعالاستعماري الصهيوني، وبين كل تلك المشاريع، كوننا نواجه مشروعاً اقتلاعياً لأصحابالأرض الأصليين، وإحلال المستوطنين محلهم. لكن عندما تنضج الظروف المواتية ستتمإزالة الدولة الصهيونية.
كثير من المعتقدين باستحالة الإزالة يتساءلون: وماذاسنفعل بما ينوف على خمسة ملايين مستوطن وهؤلاء يعيشون على الأرض الفلسطينية،وبالتالي فأين يمكنهم الذهاب؟ وفي الإجابة نقول: إن عقوداً من اللجوء للفلسطينيينلن تزيل حقوقهم في العودة إلى بيوتهم وأرضهم ومدنهم وقراهم، ومن حق هؤلاء العودةإليها، وليس المعتدى عليه هو المطالب (بفتح اللام) بالأجوبة وإعطاء الحلولللمعتدي، فالأخير هو الذي يفترض فيه أن يجد الحلول لقضاياه. الحل يكمن بعودةالمستوطنين المهاجرين إلى دولهم التي يمتلكون مواطنتها وجوازات سفرها. هذا أيضاًما طرحته إحدى الإعلاميات الأمريكيات العاملات في البيت الأبيض منذ سنوات، وجرىمباشرة اتهامها بالتهمة الجاهزة “العداء للسامية” وجرت إقالتها من عملها.
وفي الختام نذكّر،بأن أكثر المتشائمين لم يتوقعواانهياراً للإمبراطورية البريطانية التي لم تكن الشمس تغيب عن ممتلكاتها ولاالإمبراطورية الرومانية، وغيرهما من الإمبراطوريات، هذا الحال سينطبق على”إسرائيل” أيضاً فصلفها وعنجهيتها لا يقومان بفعل سوبرمانياتها، بلبالقدر الذي يقومان فيه على ضعفنا نحن، نعم نحن، والحقيقة الأكيدة أن مآلها إلىزوال.
صحيفة الخليجالإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...