الإثنين 12/مايو/2025

معركة الديمقراطية بين الفلسطينيين وإسرائيل

معركة الديمقراطية بين الفلسطينيين وإسرائيل

فتحت الحرب الأخيرة على غزة تاريخ الصراع العربي – “الإسرائيلي”بكل أشكاله، ومحدداته، وخياراته، ولعل هذه الحرب كما في الحروب السابقة أثبتت منجديد فشل الخيار العسكري، لأن الحروب مع الفلسطينيين على خلاف الحروب مع الدولالعربية، هي حروب ذات معادلة صفرية، بمعنى أن “إسرائيل” ومهما كانتقوتها لن تستطيع حسم الصراع لمصلحتها لسبب أساسي وهو أن الحرب مع الفلسطينيين هيمع كل الشعب، وليس مع دولة أو جيش. وبالمقابل، إن على الفلسطينيين أن يدركوا هذهالحقيقة، وأن يذهبوا ويبحثوا عن الآليات والأشكال الأخرى لإدارة الصراع مع “إسرائيل”وصولاً لتحقيق أهدافهم السياسية الوطنية في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وهذايتطلب مراجعة نقدية لكل الخيارات الفلسطينية، بما فيها خيار المقاومة وصولاً لفهمالمقاومة الشاملة.

لم يقتصر الصراع العربي – “الإسرائيلي” علىالجانب العسكري فقط، بل كانت الديمقراطية أحد أهم جوانب وأبعاد هذا الصراع. فلقددأبت “إسرائيل” منذ قيامها على الترويج لمقولة أنها تمثل واحةالديمقراطية وسط بحر من التخلف والاستبداد العربي، وأنها تمثل نموذجاً للديمقراطيةالغربية، وصاحبة رسالة أخلاقية وحضارية في منطقة تسودها أنظمة حكم شمولية وتسلطية.

ولا شك أن “إسرائيل” قد نجحت إلى حد كبير فيالترويج وتمرير هذه المقولة، وساعدها على ذلك حقيقة وطبيعة بعض أنظمة الحكمالعربية السائدة، إضافة إلى غياب الديمقراطية وانتشار ثقافة التشدد والتطرف كما هوالحال الآن بسبب ما تقوم به العديد من الجماعات الإسلامية. و”إسرائيل”بذلك تكون قد حققت اكثر من هدف أولاً أنها قد غطت على حقيقة هويتها اللاديمقراطية،وأن “إسرائيل” تمارس ديمقراطية إثنية وعنصرية، بتعاملها مع المواطنينالعرب باعتبارهم من الدرجة الثالثة. وغطت على كل سياساتها العدوانية، وممارستهالإرهاب الدولة، وأنها سلطة احتلال. ثانياً أن “إسرائيل” وحيث إنها دولةديمقراطية وسط هذا الاستبداد العربي فمن حقها محاربة الدول العربية، وهو ما أعطاهاحق شن حروب على أي دولة عربية تحت هذه الذريعة المسماة “الحرب العادلة”،وهي بذلك تقوم بالحرب بالوكالة نيابة عن الغرب والولايات المتحده لمحاربة هذهالنظم.

وبدلاً من أن تعاقب “إسرائيل” على إرهابهاوحروبها لاقت التأييد والمكافأة من الدول الغربية لما تقوم به. وثالثاً وهو ما سعتإليه “إسرائيل” أن بقاءها وضمان تفوقها على هذه الدول أصبح واجباًوملزماً على الدول الغربية والولايات المتحده، وهو ما منحها وضعاً استثنائياً بعدممعاقبتها جراء أي عدوان تقوم به ضد الشعب الفلسطيني الذي تصوره على انه إرهابي،لأن هذا العمل العدواني الذي يتعارض مع كل قيم الديمقراطية صار مبرراً غربياًطالما أنه ضد الإرهاب والاستبداد وضد أنظمة حكم ديكتاتورية.

ولعل أحد مصادر قوة “إسرائيل” أنها نجحت فيبناء نظام سياسي برلماني ديمقراطي بمقاييس عنصرية، ومن خلال هذا النظام استطاعت انتستوعب المهاجرين اليهود من كل بقاع الأرض، وفي الوقت نفسه أعطت للأقلية العربيةأصحاب الأرض بعض فتات الديمقراطية للتغطية على ممارستها العنصرية، وعلى كافةالقوانين العنصرية التي أصدرها الكنيست “الإسرائيلي” ضد السكان الأصليينالذين اعتبروا مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة. ورغم نظامها الديمقراطيالإثني ما زالت “إسرائيل” تعاني مشاكل الهوية والاندماج بين سكانها. ومايعني هنا أيضاً أن “إسرائيل” كانت دوماً تتسلح بقواعد هذا النظاموآلياته فيما يتعلق بقضايا السلام والمفاوضات، وقيام الدولة الفلسطينية، وكانتدائماً تتذرع وهذا ما أكده نتنياهو في كتبه أن السلام لا يمكن أن يقوم إلا بين دولوأنظمة حكم ديمقراطية، أما العرب فلا يصلح معهم إلا سلام القوة والخضوع.

والآن السؤال ماذا بعد هذه الثورات والتحولاتالديمقراطية العربية التي نشهدها في مصر وغيرها من الدول العربية؟ وكيف ستتعامل “إسرائيل”معها؟ وهل لها من حجة لرفض السلام الحقيقي والعادل والذي يتعامل مع مفهوم الحقوقالمشروعة عربياً وفلسطينياً؟ والسؤال الأهم: هل “إسرائيل” على استعدادللتعامل مع أنظمة حكم ديمقراطية للشعب فيها رأيه وقراراته في كل ما يتعلق بالسلاممع “إسرائيل”؟ لقد رفضت “إسرائيل” وأضاعت منها فرصة القبولبالمبادرة العربية، تحت ذريعة عدم ديمقراطية الدول العربية، لكن ماذا بعد ذلك؟ لاشك أن التحولات الديمقراطية العربية تعني بين الكثير أن الشعب سيكون له رأيه في كلما يتعلق بمصيره ومستقبله، وفي كل العلاقات الخارجية، وهذا أحد أبرز معالم التحولالسياسي، وهذا يعني ببساطة أن من حق الشعب أن يستفتي على اتفاق يعقد مع أي دولةحتى لو كانت “إسرائيل”، والأمر الثاني والمهم أن أي اتفاق حتى لو كانقائماً لا بد أن يخضع للمراجعة الشعبية عبر برلمانات تمثيلية حقيقية، تعيد التوازنلكل هذه الاتفاقات. أليس هذا ما تقوله “إسرائيل”، وتنادي به من المنظورالديمقراطي. ونقطة أخيرة أن هذه الثورة الديمقراطية ستعيد الاعتبار لقوة العرب،ولا خلاف أن أي دولة تريد استعادة دورها لا بد أن تتبنى قضاياها العربية هذه هيالمعادلة الجديدة التي ستخلقها وتفرضها الثورة الديمقراطية التي بدأت إرهاصاتهاتلوح في سماء المنطقة.

صحيفةالخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....