الأحد 11/مايو/2025

ركوب إسرائيل على موجة داعش

ركوب إسرائيل على موجة داعش

وجدت “إسرائيل” في الآونة الأخيرة “ملفاً”جديداً تقفز عليه، وتتخذه ذريعة جديدة لها، لاستبعاد ملف الصراع الشرق الأوسطيالأساسي؛ القضية الفلسطينية، عن رأس اهتمامات الحلبة الدولية، وهو قضية تنظيم”داعش” وأشباهه، بعد أن فلت من أيديها في السنة الأخيرة ما جعلت منه”ملفاً”، أي المشروع النووي الإيراني. كما أن “إسرائيل” تحاولاستعادة ما اتبعته بعد تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) 2001؛ بربط هذه التنظيماتالأصولية المسلحة بفصائل فلسطينية أو تشبيهها بها، من باب ردع قوى عالمية عن الضغطعلى “إسرائيل” للتقدم نحو حل جذري للصراع، ترفضه حكومة بنيامين نتنياهومطلقاً.

وقد بادر نتنياهو، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة أمنية،بمشاركة وزراء ورؤساء أجهزة استخباراتية، لبحث ما سماه “احتمالات تغلغل تنظيمداعش” بين فلسطينيي 48. وسبق الاجتماع بيانات إعلامية حول قرار عقد الاجتماعوما سيدور فيه مسبقاً، وهو أمر غير مألوف في “قضايا أمنية حساسة”، إلاأن الرسالة التي أراد نتنياهو بثها من هذا التسويق الإعلامي لذلك الاجتماع، هوالادعاء بأن “إسرائيل ليست بعيدة عن تهديد داعش والحركات المماثلة”. هذامن ناحية، ومن ناحية أخرى، بث موجة تحريض جديدة مبطنة في الشارع الإسرائيلي ضدفلسطينيي 48، عبر استغلال انزلاق نفر ضئيل جداً من الشبان العرب نحو محاولة الوصولإلى تلك التنظيمات في سورية وحتى العراق، خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

كذلك، فإن نتنياهو ووزراء الصف الأول في حكومته، سعوا فيالأسابيع الأخيرة إلى تشبيه فصائل فلسطينية بتنظيم “داعش”. وهذا تشبيهلا يستهدف “حماس” وحدها رغم تسميتها، بل يستهدف الشعب الفلسطيني برمته،لأنه يبث رسالة مبطنة إلى العالم، مفادها أن لدى هذا الشعب قابلية لاستيعابتنظيمات مثل “داعش” وغيره، وبما يعني محاولة ردع الرأي العام العالمي عنمساندة القضية الفلسطينية.

وهذا النموذج بالذات رأيناه قبل 13 عاماً، في أعقابتفجيرات 11 أيلول (سبتمبر)؛ حينما كثّف قادة “إسرائيل”، وأولهم أرييلشارون، خطابهم الذي يربط بين تلك التفجيرات ونضال الشعب الفلسطيني في أوج “الانتفاضةالثانية” ضد الاحتلال، وبشكل خاص استغلال العمليات التفجيرية التي كانت تقعفي المدن الإسرائيلية. وبالإمكان القول إن هذا الخطاب ساهم حينها في ضعف المؤازرةالشعبية العالمية للانتفاضة الثانية، وحملات التضامن العالمية، في الوقت الذي كانالهلع كبيراً في العالم جراء تلك التفجيرات في الولايات المتحدة.

تجد حكومة نتنياهو نفسها، في الآونة الأخيرة، وقد خسرتمحاولتها فرض ما يسمى “الملف الإيراني” على رأس الاهتمامات الدولية،واستبعاد القضية الفلسطينية، بادعاء أن هذا الملف هو “الخطر الأكبر علىالعالم”. وهي ما تزال تحاول استعادة هذا الملف، وتسعى بكل السبل إلى التأثيرعلى سير المفاوضات بين دول مركزية في العالم وبين إيران. لكن إلى حين استعادة”الملف الإيراني”، ها هي “إسرائيل” تجد “ملفاً جديداً”تنسب إليه الصياغات ذاتها: “داعش والحركات الأصولية المسلحة هي الخطر الأكبر علىالعالم”، “كيف يمكن ل”إسرائيل” أن تتقدم نحو حل الصراع، وهيترى مثل داعش قريبة منها؟”.. وغيرها من صياغات.

من الواضح أنه في ظل موازين القوى العالمية القائمةاليوم، تشعر “إسرائيل” أنها أقوى من أي ضغوط دولية تمارس عليها، خاصةوهي تتلقى الدعم المطلق في القضايا الجوهرية من الإدارة الأميركية. وحينما تسعىإلى استبعاد القضية الفلسطينية عن رأس اهتمامات الحلبة الدولية، فإن هذا ليس فقطمن أجل استبعاد أي ضغوط عليها للتقدم نحو الحل، بل هو أيضاً محاولة لاقناع الرأيالعام العالمي بأن الصراع الشرق أوسطي لم يعد قضية الشعب الفلسطيني ودولته، بلتنامي تلك الحركات الأصولية المتطرفة المسلحة “والخطر الذي تشكله علىالعالم”.

وكما كانت “إسرائيل” بحاجة إلى مثل هذا الخطابفي سنوات الألفين الأولى خلال “الانتفاضة الثانية”، فإنها تجد نفسهااليوم بحاجة إلى الخطاب ذاته، بعد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التيارتكبتها في قطاع غزة.

صحيفة الغد الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....