3 مرتكزات للمشروع الصهيوني

بكما بدأت حرب ال51 يوماً على قطاع غزة من الضفة الغربيةعادت إليها مرة أخرى بعد انتهائها في تطور شديد الأهمية، يعني أن الضفة هيالمستهدف دائماً من المشروع الصهيوني، وليس قطاع غزة، بل ربما يكون قطاع غزة هوالحل على نحو ما ورد من مصارحات ومكاشفات غير مسبوقة وردت على لسان الرئيسالفلسطيني محمود عباس في لحظة افتقد فيها كل قدرة على ضبط الأعصاب والتستر علىالعبث “الإسرائيلي – الأمريكي” بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
ففي محاولة للهروب من استحقاقات الجريمة التي ارتكبت فيقطاع غزة ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني: أرواحه وممتلكاته، بل وأيضاً ضد الدولةوالمجتمع داخل الكيان الصهيوني، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن موشييعلون وزير الحرب الصهيوني أن تكلفة عملية “الجرف الصامد” تجاوزت ال9مليارات دولار، قررت حكومة الكيان ورئيسها الهروب إلى الأمام والتحرك السريع لوضعالعربة أمام الحصان ومنع أي إجراء أو خطوة أمريكية أو مصرية في اتجاه تحريك قطارالتفاوض مجدداً، وتوصيل رسالة للجميع مفادها أن الخيار الاستراتيجيل”إسرائيل” لم يعد حل الدولتين، الذي تتحمل الولايات المتحدة مسؤوليته،ويأمله الفلسطينيون والعرب معهم، بل بات هذا الخيار متركزاً حول هل “الدولةاليهودية” القادرة على تحقيق شعار “دولة واحدة لشعب واحد”، أي أنتتحول بحدودها التاريخية إلى دولة يهودية للشعب اليهودي وحده دون غيره.
الهروب إلى الأمام بهدف الإفشال المسبق لأي تحرك هدفهتجديد التفاوض مع السلطة الفلسطينية حول “حل الدولتين” واستكمال مفاوضاتالتهدئة الدائمة في قطاع غزة، وبهدف تسويق انتصار ل”الإسرائيليين” بعدأن عجزوا عن تحقيقه بعدوانهم الإجرامي على قطاع غزة، جاء عبر إجراءين يتكاملانمعاً في مشروع إقامة الدولة اليهودية.
الإجراء الأول جاء موجهاً إلى عرب 1948، أو الأقليةالعربية الفلسطينية داخل الكيان الصهيوني عبر إعداد مشروع قانون قدمته كتلة حزب”إسرائيل بيتنا” إلى الكنيست يقضي بإلغاء اعتبار اللغة العربية لغةرسمية ثانية داخل الكيان، إضافة إلى حزمة أخرى مكملة من مشروعات القوانين هدفها جعل”إسرائيل” دولة يهودية تقتصر المواطنة داخلها على اليهود فقط دون غيرهم،هذا المشروع يضع عرب 1948 الصامدين أمام أحد خيارين: إما القبول بأن يهودواثقافياً ويذوبوا تماماً وسط الأغلبية اليهودية داخل الكيان. (وهم يمثلون الآن 20%من سكان هذا الكيان)، وإما أن يرغموا على اللجوء القسري (الترانسفير) خارج الكيان.
الإجراء الثاني كان إقرار الحكومة وبعدها المجلس الوزاريالمصغر، وعلى لسان وزير الدفاع يعلون ضم أربعة آلاف دونم في وسط الضفة الغربيةتتبع خمس قرى تقع بين بيت لحم والخليل قريباً من حدود الضفة مع مناطق ال1948. ضمهذه المساحة الشاسعة جاء عبر إعلانها “أراضي دولة” ما يعني نزع ملكيتهامن أصحابها وتخصيصها للمنفعة، حيث تقرر ضمها إلى مستوطنة “غوش عتصيون”.
القرار صدر باعتباره قراراً عقابياً”إسرائيلياً” رداً على ما وصفوه ب”جريمة اختطاف وقتل المستوطنينالثلاثة” بالقرب من مدينة الخليل قبيل أيام من شن “إسرائيل” عدوان”الجرف الصامد” على قطاع غزة، أي أن هذا القرار له ارتباط بتداعياتعدوان “الجرف الصامد” ومحاولة لتسويق انتصار أو الحصول على ثمن من هذاالعدوان الذي عجز عن تحقيق أهدافه، خاصة هدف “نزع سلاح المقاومة”.
هذا القرار جاء ليكمل سلسلة من الخطط والقرارات التيتهدف إلى توسيع “غوش عتصيون” وربطها بالقدس المحتلة ومداخلها.
حيث كانت “إسرائيل” قد صادرت في إبريل/ نيسانالماضي 984 دونماً “كأراضي دولة” في منطقة “النبي دانيال”،كما حولت موقع “جفعوت ناحال” إلى مستوطنة تعليمية قبل تحويله إلىمستوطنة ضمن إطار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.
القرار سياسي دون ريب، وهو قرار عقابي ردعي من ناحية،وقرار شديد الارتباط بمشروع التوسع الاستيطاني وضم وتهويد كل ما يمكن ضمه من أراضيالضفة الغربية لفرض مشروع “دولة واحدة لشعب واحد”، هذا المعنى أوضحه مجلس”غوش عتصيون” الاستيطاني في بيان الترحيب بالقرار الحكومي بضم هذهالمساحة الشاسعة، بقوله: “إن هدف قتلة الشبان الثلاثة كان زرع الخوف فينا،وعرقلة حياتنا اليومية، والتشكيك في حقنا في الأرض” مؤكداً أن “ردنا هوتعزيز الاستيطان”.
في العراق، وفي سوريا، وربما في اليمن، وليبيا ودولعربية أخرى تعتصرها الأزمات الأمنية يرى الأمريكيون وقبلهم”الإسرائيليون” أن التقسيم هو الحل، كان هذا هو شعار جون بايدن نائبالرئيس الأمريكي، لحل الأزمة في العراق، وأصبح شعاراً لفرض النظام الشرق أوسطيالبديل، كما أسماه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في حديثه مع توماس فريدمان الشهرالماضي في “نيويورك تايمز” ب”نظام سايكس بيكو” في تعليق علىمغزى سيطرة تنظيم “داعش” على مناطق واسعة من شمال غرب العراق وشمال شرقسوريا.
وفي فلسطين أضحى الشعار “الاستيطان هو الحل”لفرض مشروع “إسرائيل دولة يهودية” الذي تدعمه الولايات المتحدة ورئيسهاأوباما في الوقت الذي يتعمدون فيه تزييف الواقع والزعم بانحيازهم إلى “حلالدولتين” وقيادتهم جولات متتابعة من المفاوضات ليس لها من هدف غير منح”الإسرائيليين” الزمن الكافي لفرض خيار “الاستيطان هو الحل”.
إن رد الفعل الأمريكي على مشروع قانون إلغاء اعتباراللغة العربية لغة رسمية ثانية داخل الكيان كان “الصمت” ولا شيء غيره،وكان رد فعلها على قرار ضم ال4 آلاف دونم الجديدة هو مجرد دعوة الحكومة”الإسرائيلية” إلى التراجع عن خطتها من دون أي إجراء عقابي، مع الحرصعلى لقاء وفد فلسطيني في واشنطن يضم صائب عريقات وماجد فرج لبحث حزمة من الموضوعاتتتضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة والمفاوضات التي يجب أن تستكمل حسب توضيح جنيفربساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية.
لكن ما لم تشأ أن تكشفه المتحدثة أن هذا اللقاء هدفهاحتواء مساع فلسطينية لاستصدار قرار من الأمم المتحدة يحدد مهلة 3 سنوات لإنهاءالاحتلال “الإسرائيلي”، كذلك لاحتواء ما تحدث عنه الرئيس الفلسطينيمحمود عباس من أن القيادة الفلسطينية ستلتحق ب552 منظمة وهيئة دولية من ضمنهاالتوقيع على بروتوكول روما لمحكمة الجنايات الدولية إذا لم تتحرك المفاوضات قدماً.
ربط عباس المضي قدماً في هذا التحرك باستئناف المفاوضات،وكأن استئناف المفاوضات يغني عن جدية العزم في هذا التحرك، يعني أمراً خطيراً، ولاينسجم مع المعلومات الخطرة التي كشف عنها في اجتماع الهيئة العامة لإقليم حركة فتحفي محافظة “رام الله – البيرة” وتحدث فيها عن رفضه لمقترح حل قضيةاللاجئين على أساس ضم أراض من سيناء المصرية، مؤكداً أن “إسرائيل” لامانع لديها “أن تكون هناك دولة في قطاع غزة” ولا تقبل إلا بحكم ذاتيللضفة، مشيراً إلى أن اقتراح ايجور ايلاند مستشار الحكومة “الإسرائيلية”الذي ينص على إضافة 1600 كيلومتر مربع من أراضي سيناء إلى قطاع غزة هدفه إقامةدولة غزة الكبرى.
الكلام واضح وخطر: دولة غزة الكبرى من ناحية، وضم الضفةإعمالاً لمبدأ “الاستيطان هو الحل” من ناحية ثانية، وذلك بالتوازي معفرض لجوء جديد أو “ترانسفير جديد” على عرب 1948 إمعاناً في طمس الهويةالعربية لهؤلاء الفلسطينيين ومن ناحية ثالثة هي مرتكزات المشروع الصهيوني لإقامة”إسرائيل دولة يهودية”، ويبقى السؤال الأهم دون إجابة حتى الآن: ما هيمرتكزات المشروع الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...