هل بدأ إهدار الانتصار؟

طوال العدوان على غزة، كانت بوادر الانتصار الفلسطينيتبدو جلية في الأفق: صمود في الإرادة السياسية رغم فداحة الخسائر، وانهيار مجتمعي”إسرائيلي” رغم ضآلة الخسائر، أداء ممتاز من فصائل المقاومة الفلسطينيةأدهش العدو قبل الصديق، مقابل تعثر “إسرائيلي” وعجز عن إنجاز أي هدفعسكري سوى القتل والتدمير. تماسك بين الفصائل التي تشكل منها وفد المفاوضاتالسياسية، في مقابل شرخ بين المجتمع المدني وقيادته السياسية في”إسرائيل”.
لكن ما إن هدأت نار العدوان، حتى بدأت تظهر في الجانبالفلسطيني بوادر مناقضة تماماً لما كان سائداً طوال فترة العدوان، فبدأ كل فريقسياسي يحاول ادعاء النصر له، وللمحور السياسي الإقليمي الذي ينتمي إليه، مع أن شعبفلسطين كان صاحب الانتصار الوحيد.
ومع أن السلبيات التي انعكست على الجانب”الإسرائيلي” ما زالت على حالها، وما زال منتظراً ظهور آثارها بعيدةالمدى في المواجهة الاستراتيجية التي تخوضها “إسرائيل” لتثبيت احتلالها،إلا أن النتائج العملية، بسبب التحول الغريب على مستوى القيادات الفلسطينية، يكاديذهب بكل انعاكسات الانتصار على حصار غزة، وعلى القضية الفلسطينية برمتها:
1- بدأت “إسرائيل” تتنصل من تنفيذ ما اتفقعليه في الجولة الأولى من مفاوضات القاهرة، بما في ذلك فك الحصار، وفتح المعابر،والسماح بحرية الصيد لأهل غزة على مسافات بحرية طويلة. ذلك أن تصرف”إسرائيل” يبدو متجهاً إلى اعتبار كأن شيئاً لم يتم الاتفاق عليه فيالقاهرة.
2- يؤكد ذلك المخاوف على الإنجازات الفلسطينية المرتقبةفي جولة المفاوضات الثانية، المفترضة بعد مرور شهر على توقف العدوان، والمتعلقةبإعادة افتتاح كل من الميناء والمطار في غزة.
فإذا كانت إنجازات المرحلة الأولى من المفاوضات التي تمالتوقيع عليها في القاهرة بضمانة مصرية قد بدأت تتبخر بهذه السهولة، فإن ذلك يشيرمنذ الآن إلى تبديد الإنجازات المتوقعة في جولة المفاوضات الثانية.
3- إضافة إلى كل ذلك، فإن “إسرائيل” قد عمدت،رغم استفحال آثار العدوان في أوضاعها السياسية والمجتمعية الداخلية، إلى السيطرةعلى مساحات إضافية شاسعة من أراضي الضفة الغربية في بيت لحم، في اتجاه عملي إلىالاستمرار في استكمال عملية تهويد ما أمكن من أراضي الضفة الغربية.
هنا تبدو المقارنة مفزعة، المجتمع الذي انتصر بصمودهأثناء العدوان صموداً بطولياً أسطورياً، تتجه قياداته السياسية إلى إهدار كل ماأنجز في المفاوضات السياسية الشاقة، في مقابل المجتمع الذي اهتز طوال مرحلةالعدوان تحت ضربات صواريخ المقاومة، وأصبح يقضي نهاره وليله في الملاجئ المرفهة،تتحول قيادته السياسية كالوحش الكاسر، لتتصرف كأنها هي التي حققت الانتصار العسكري.
لقد أهدت جماهير غزة بصمودها البطولي وتلاحمها معالمقاومة، رغم سقوط ما يزيد على ألفي شهيد وعشرة آلاف جريح، ودمار كل منازل غزةوبنيتها التحتية، أهدت بصمودها رغم كل ذلك انتصاراً فريداً للقضية الفلسطينية،تكاد تهدره، إن لم تكن قد أهدرته بالفعل، القيادات السياسية لهذه الجماهير.
إنها مفارقة تستحق وقفة إعادة نظر في مجمل الحركةالسياسية داخل الجماهير الفلسطينية، التي تستحق قيادات سياسية تليق بهاوبتضحياتها، أكثر من ذلك.
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...