الأحد 11/مايو/2025

تقييم صهيوني لتكاليف الحرب على غزة: استراتيجيّاً وداخليّاً

تقييم صهيوني لتكاليف الحرب على غزة: استراتيجيّاً وداخليّاً

بدأ المحللون الصهاينة يقيمون تكاليف الحرب على غزة من الجانب الصهيوني، إعلاميّاً واقتصاديّاً واستراتيجيّاً وداخليّاً على مستوى الإئتلاف الحكومي. ويتضح من تحليلاتهم أن الحرب على غزة كانت له تبعيات ونتائج ربما أنّ المسؤولين عن شن هذه الحرب لم يحسبوا لها حساباً، أو أنها فاقت توقعاتهم.

•الكلفة الإعلاميّة

لا شك أنّ “إسرائيل” خسرت الحرب إعلاميّاً وأخلاقيّاً عندما استهدفت المدنيين دون تمييز ولاسيما قتل عدد كبير من الأطفال. في هذا السياق، قال “جدعون ليفي” أنه على الرغم من أن تشديد قادة الغرب على حق “إسرائيل” في الدفاع عن النفس، إلا أنّ مشاهد الجثث والدمار الكبير فجر غضب العالم، وهو ما فاقم الكراهيّة لـ”إسرائيل” في أرجاء العالم. ومن جانبه، قال “أوري أفنيري” إنّ مسار نزع الشرعيّة عن “إسرائيل” في جميع أنحاء العالم جرى بخطوات متسارعة، لافتاً إلى أنّ الملايين تشاهد يوميّاً الصور القادمة من غزة، وبالتالي تغيرت صورتهم عن “إسرائيل”.

•الكلفة الإقتصادية

على الرغم من أنّ “إسرائيل” قادرة على تحمل الثمن المالي والإقتصادي لحروبها ضد العرب ما دامت أمريكا تعوض على الكيان بسخاء من أموال المكلف الأمريكي ومال النفط العربي، فإنّ تأثير العدوان لا يمس عصب الإقتصاد الصهيوني بقدر ما يمس حياة الرفاه  والكماليّات. ولكن المحللين الصهاينة لا يستخفون بما سببته الحرب من أضرار للإقتصاد والمجتمع الصهيوني. في هذا السياق، قال المعلق الصهيوني “بن كاسبيت” إن “إسرائيل” لا يحق لها أن تدعّي النصر في صراع أسفر عن انهيار صناعة السياحة واقتراب الإقتصاد من الركود، مشيراً إلى أنّ الاقتصاد “الإسرائيلي” تكبّد خسائر قاسية بمليارات الدولارات بسبب الحرب على غزة، والتي أدت إلى اتخاذ العشرات من شركات الطيران العالمية قراراً بتعليق رحلاتها إلى “تل أبيب”.

من جانبه، أوضح خبراء اقتصاديون صهاينة أنّ خسائر الإقتصاد “الإسرائيلي” تجاوزت عدة مليارات، وأنّ هذه الخسائر تفاقمت منذ إلغاء مئات الرحلات الجويّة من وإلى “تل أبيب”، وبعد أن تحول مطار “بن غورويون” إلى ما يشبه “مدينة أشباح” بسبب عدم وجود مسافرين قادمين أو مغادرين. ومن ناحيته، أفاد المحلل السياسي “عاموس هارئيل” أنّه عمّا قريب ستفرض تكلفة القتال ضد حماس عبئاً اقتصاديّاً كبيراًعلى المواطنين، وسوف يتبدد الأمل في إحداث تغيير في سلم الأولويات الإجتماعية الذي كان مطروحاً على النقاش السياسي في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

•قدرة الردع

شكلت الحرب على غزة نقطة تحول في المفهوم القتالي “الإسرائيلي”، إذ أنّ استخدام الصواريخ بكثافة كاد يلغي دور الطائرة والدبابة. ولهذا اكتسب ميدان القتال طابع  “المسار المنحني” أي استخدام الصواريخ بكثافة ضد الجبهة الداخليّة، وقد أدّى هذا التطور إلى انتقال ميدان القتال من الجبهة العسكريّة الحدوديّة إلى الجبهة الداخليّة. وربما أن هذا التحول قد أفقد “إسرائيل” جزءاً كبيراً من قدرتها على الردع والحسم. وقد حاولت قبل ذلك ترميم هذه القدرة إلّا أنها فشلت بل كانت النتيجة ازدياد التآكل في هذه القدرة.

وفي تقدير المحلل الصهيوني “يوسي فيرتر” أنّ الحرب ضد حماس عكست طبيعة المعارك التي يواجهها الجيش الصهيوني في الوقت الراهن، وكشفت أنها حرب غير متكافئة ضد تنظيمات تخوض حرب عصابات وتهاجم الجبهة الداخليّة في “إسرائيل”. وأشار “فيرتر” إلى أنّ نتائج الحرب بالنسبة إلى “إسرائيل” قاتمة للغاية، لأنها لم تحقق الردع الكافي الذي يمنع حماس من مهاجمة “إسرائيل” مجدداً.

من جانبه، عقب المحلل العسكري الصهيوني “رون بن يشاي” على  تصريحات المسؤولين الصهاينة الذين ادعوا النصر، متسائلاً، ما الذي حققته “تل أبيب” من ذلك؟. وأوضح “بن يشاي” أنّ مقاتلي “كتائب القسّام” استمروا في إطلاق الصواريخ حتى آخر ثانية من الحرب وبوتيرة وكميات قاتلة، وأنّ سكان القطاع لم يثوروا على حماس، حيث أعلن قادة حماس عن نيتهم العودة إلى محاربت “إسرائيل”، معتبراً أنّ معنى ذلك كله أنه لم يتم ترميم قوة الردع كما قيل، ولذلك اصبحت مسألة الجولة التاليّة من الحرب مسألة وقت.

•العلاقات الصهيونية الأمريكيّة

على الرغم من الحصانة التي تتمتع بها العلاقات الأمريكيّة – “الإسرائيليّة”، يظهر بعض “الإسرائيليين” حساسية تجاه أي تغيير في هذه العلاقات. في هذا الشأن، قال الباحث في “معهد دراسات الأمن القومي”،”عوديد عيران، إنّه لو كانت الولايات المتحدة في خضم مسار نحو تقليص وجودها في الشرق الأوسط، فليس لدى “إسرائيل” بديل سياسي – أمني عنها، مشيراً إلى أنّ حرب غزة أضافت بعداً جديداً على التوتر في العلاقات بين الطرفين، وخاصةً على المستوى القيادي، فتسريب الوثائق والاتهامات الشخصية التي وجهت إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري وإلى نتنياهو، وتأجيل موعد وصول شحنات السلاح من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، عكست مدى عمق التراجع في العلاقات.

القناة العبرية الثانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات