السبت 10/مايو/2025

انقلاب على سلطة بلا سلطة!

انقلاب على سلطة بلا سلطة!

حينما تسمع أن هناك تنظيماً عسكرياً يخطط للانقلاب علىسلطة ما، ينصرف ذهنك إلى وجود سلطة كاملة في دولة، تستحق أن يُنقلب عليها، أما فيحالة السلطة الوطنية الفلسطينية، فالأمر ملغز وغريب، فلا وجود لسلطة سيادية ولالدولة، وبالتالي يصبح الحديث عن «الانقلاب» ضرباً من الكوميديا السوداء، فأي عبقريهذا الذي يخطط للانقلاب على سلطة تقع تحت احتلال، يمسك بكل مفاصل الحياة فيها،ويحدد حركة رجالاتها، وعلى رأسهم رئيس «دولة» فلسطين، أو قل رئيس السلطة، محمودعباس، الذي قال ذات يوم وعلى شاشات العالم، أنه يحتاج لإذن الاحتلال حينما يسافرمن رام الله أو يعود إليها، يعني شأنه شأن أي مواطن فلسطيني تحت الاحتلال، يحتاجلـ «تصريح» يخوله الخروج من فلسطين، أو العودة إليها، فكيف تستقيم أنباء الانقلابالمزعوم، مع حقائق كهذه؟

 إن أي انقلابيخطط له أي تنظيم في الضفة الغربية، يجب أن يكون باتجاه من يحكم ويرسم وهوالاحتلال الصهيوني، وليس باتجاه السلطة في رام الله، ومع هذا، وجدنا من يصدق روايةالاحتلال ومخابراته، ومنهم الرئيس محمود عباس نفسه، الذي نقل عنه في الإعلام قوله،في محضر اللقاء المسرب بينه وبين أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني، والذي عقد قبل نحوأسبوعين في الدوحة إنه يصدق رواية “إسرائيل” بان حماس أعدت لانقلاب علىالسلطة في الضفة الغربية، «بالتعاون» مع محمد دحلان، وحسب المحضر، يقول عباس إنهقبل أسبوعين من اللقاء في الدوحة التقى رئيس المخابرات الإسرائيلي يورام كوهين فيرام الله وأطلعه على اعتقال 93 من أعضاء حماس «تعتقد!» المخابرات الإسرائيلية أنهمخططوا لانقلاب ضد السلطة في الضفة!

هذا كان رأي عباس، فما رأي المخابرات الإسرائيليةبالفعل، وحسب الوثائق و»الاعترافات» التي استخلصتها من رياض ناصر أحد مسؤولي حماسفي الضفة الغربية؟ باختصار شديد، وحسبما نشر كتاب الصحف العبرية ومنهم حاييملفنسون وعاموس هارئيل في هآرتس، وبعد اطلاعهم على نصوص اعترافات ناصر، نستخلص أنحماس لم تخطط لمثل هذا الانقلاب، وكل ما في الأمر، أنها أعدت نفسها لملء أي فراغقد ينشأ في الضفة الغربية في حال انهيار السلطة الفلسطينية!

يقول حاييم لفنسون، أن ناصر، مكث 51 يوماً في غرفة تحقيق«الشباك» في المسكوبية في القدس. وقد حُقق معه تحقيقاً كثيفاً دون نوم تقريباً علىأيدي عشرات المحققين دون أن أن يلتقي محاميه، وحينما انتهى التحقيق في ذروةالعدوان على غزة سارع «الشباك» إلى إعلان أنه أُحبطت بنية تحتية أرادت «أن تنفذانقلاباً على السلطة الفلسطينية وأن تسيطر على منطقة الضفة الغربية»، وينقل عنناصر قوله، في معرض الحديث عن خطط حماس في الضفة، إن أيام حكم السلطة في الضفةنهايتها قريبة وسينشأ بعد ذلك فراغ حماس معنية بالدخول إليه بغية تولي الحكم،ولذلك يجب عليهم في حماس أن يكونوا مستعدين في عدة صُعد للتمكن من ضبط الحكم،وكانت الرؤيا البعيدة الأمد هي الحلول محل فتح في الضفة واستكمال حكم حماس لأرضفلسطين،  وفي هذه القطعة، والحديث للفنسون،كتب المحقق في السجل باسم ناصر أن الحديث عن «نوع ما من الانقلاب يشبه ما حدث قبلذلك في غزة». لكن بعد ذلك حينما فصل الحديث بتوسع عن مراحل الخطة بين أن الهدف هوانتظار انهيار السلطة ومحاولة العمل آنذاك!

فهل هذا يعد انقلاباً؟ أم أنه ليس أكثر من محاولةصهيونية لشق الصف الفلسطيني، وتدمير أي فرصة قد تعطي الحياة لحكومة الوحدةالوطنية؟

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات