السبت 10/مايو/2025

أطفال غزة.. حين تكون براءة الطفولة بنك أهداف الاحتلال

أطفال غزة.. حين تكون براءة الطفولة بنك أهداف الاحتلال

لم تخلُ الأهداف الصهيونية من استهداف الأطفال كهدفٍ رئيسي في حربها على قطاع غزة، فكان الأطفال هو الهدف الأبرز والأهم؛ حيث كان ثلث الشهداء من الأطفال، ما يؤكد أن هناك جرائم ترتكب عن سبق إصرار وترصد بحق الأطفال.

لحظات قاتلة

تلك اللحظات القاتلة التي باغت فيها صاروخ من طائرة حربية بدون طيار تلازم الطفلة نعمة أبو فول في حياتها ما كتب اللهُ لها الحياة.

نعومة أظافرها؛ حيث لم تتجاوز العامين ونصف العام، لم تشفع لها ولم تستثنها من بنك أهداف الجيش الصهيوني، فالطفلة نعمة وبكل براءةٍ لم يخطر ببالها أنها قد تكون ضمن دائرة الاستهداف، وهي بطبيعة الحال لم تعِ فحوى كلمة “الاستهداف”.

لعبة الموت

فساعات قليلة للعب بالقرب من المنزل مع قريناتها، كفيلةٌ بتشويه نعومة وجهها، وكافية لتحطيم قلب والديها وهما يتحسّسون الكدمات التي أصيب بها رأسها، لو يعود والدها بالزمان قليلاً لتخلّى عن شفقته عليها، ولمنعها من الخروج للعب، ولكن ماذا عساهُ يفعل أمام الفطرة التي جُبِل عليها الآباء من حبٍ وعطْفٍ على الأبناء؟، وكيف له أن يرفض ذلك الطلب المُلِح من ابنته بالسماح لها بممارسة أبسط حقوقها وأكثرها لدى الأطفال؟، ألا وهو “اللعب”.

يقول والدها فادي أبو فول -والألم يعتصره-: “طلبت مني نعمة الخروج للعب خارج المنزل.. رفضت في البداية، ولكن بكاءها وإصرارها على الخروج دفعني للموافقة مع خوفي عليها من آلة الغدر التي لم يسلم منها الحجر ولا الشجر، ولا الشيخ ولا الطفل.. المشكلة أن حبّ اللعب هي طبيعة الأطفال، ولا يمكن لكائنٍ كان أن يغيّرها، كما هي طبيعة الجيش الصهيوني الغدر الذي يستهدف به كل فلسطيني”.

أما والدتها فقد هالها مشهد طفلتها وقد امتلأ وجهها بالكدمات، وقد باتت حبيسة السرير بعد أن ألقت بها قوة الانفجار أمتارًا في الهواء، لتهويَ نعمة على الأرض مغشيًّا عليها، وهي ملقاة على الأرض كجثة هامدة، فتهوي الأم على الأرض بجوار ابنتها جراء المشهد.

النزوح من القدَر إلى القدَر

تقول الوالدة: “نزحت أنا والعائلة من رفح لغزة، بحثًا عن الأمن لنا ولأطفالنا، ولكن قدر الله كان ينتظر نعمة في غزة، ماذا نقول، غير حسبنا الله ونعم الوكيل على أعداء الطفولة والحياة؟، والله قلبي تقطّع من هول الصدمة، ولكن ليست نعمة هي الطفلة الوحيدة التي أصيبت، واللي بشوف مصائب الناس تهون عليه مصيبته، والحمد لله إنها أجت على قد هيك”.

ريماس النجار

ولا يختلف حال الطفلة ريماس النجار عن سابقتها كثيرًا، والتي أصابتها التشوّهات في كامل أنحاء جسدها الذي بلغ ثلاث سنوات، بعد أن انسكبت عليه عشرات اللترات من الماء الحار.

لحظةٌ فارقة تلك التي عزمت فيها على الصعود مع والدتها لسطح منزلهم لجمع الغسيل، معتقدةً الأمن وهي إلى جانبِ أمّها، فخيّب ظنها انفجارٌ ضخم هز أرضاً مجاورةً للمنزل، فتناثرت شظاياه الحارقة لتخترق خزان المياه الساخنة، أو ما يسمى الحمّام الشمسي، وهي تلعب بألعابها بقربه، فانهمرت المياه الحارقة على جسدها الناعم، محدثة حروقًا بالغة وتشوّهات في مختلف أنحاء جسمها.

أم ريماس تروي ما حدث معها، وهي التي هرعت مسرعةً للاطمئنان على طفلتها تقول: “كان يسود مخيم جباليا هدوء نسبي دون هدنة أو وقف لإطلاق النار، فتجرّأت قليلاً على الصعود لجمع الملابس التي طال وجودها معلقة على حبل الغسيل، واغتنمت فترة الهدوء، وأصرّت ابنتي ريماس على المجيء معي لتلعب، فكان نصيبها والحمد لله”.

وأمام مرأى العالم، وبعدما لم تترك عيون كاميرات الإعلام في غزة مجالاً لصمت العرب والمسلمين والعالم بأسره، يتعامى العالم بنظره، ويغض طرفه عن مشاهد أشلاء الأطفال الممزقة، فلا يجد الطفل من يواسيه وينتزع له حقه، تاركًا الحكم النهائي لمن حكم على طغيان فرعون بالخلود في نار جهنم، إذا الموؤدة سُئلت، بأي ذنبٍ قُتلتْ”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات