الثلاثاء 13/مايو/2025

مزارعو غزة.. عزيمة وإصرار تتحدى الكيد والدمار

مزارعو غزة.. عزيمة وإصرار تتحدى الكيد والدمار

“كانت هنا جنة، أشجار من الزيتون المعمر، أحالوها خرابا ودمارًا، لم يبق شجرة، أتوا على كل شيء”.. بقلب حزين وعيون دامعة وبهذه الكلمات بدأ الحاج محمد أبو معمر حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”.

الحاج محمد أبو معمر (60 عاما) يجلس على ما تبقى من أفرع لأشجار قال إنه رباها ورآها تكبر أمام عينيه مثل طفل يترعرع أمام ناظري والديه.

يقول والحرقة تملأ قلبه: “أنا أمتلك 15 دونما جلها من أشجار الزيتون المعمر، لم تبق شجرة واحدة، دمروا كل شيء، انتقموا من الشجر والحجر والبشر”.

دموع الحاج الستيني ترى في مقلتيه وهو يقول: “هذه الأرض بغلاوة أولادي، أنا أقضي كل وقتي فيها، أحرث وأزرع وأعتني بها، أسقيها بعرقي قبل الماء”.

من الأجداد للأحفاد
لكن الحاج المكلوم يستدرك قائلا: “خابوا وفشلوا إن ظنوا أننا سنرحل مرة أخرى من هذه الأرض، لن يكتبوا علينا انتصارًا بعد اليوم”، مضيفا: “سأعيد زراعة الأرض مرة أخرى، سأورثها لأبنائي وأحفادي من بعدي”.

“هذه الأرض مثل العرض”.. الوصية الأبرز التي يوصي بها الحاج أبو محمد أبناءه وأحفاده، يقول مستنكرًا: “ليس منا من يفرط في عرضه”.

وعن ما حلّ بأرضه الزراعية، قال: “أرضي تقع في المناطق الشرقية لمدينة خانيونس، وما إن بدأ الاجتياح البري لقطاع غزة، حتى فررنا من شدة القصف الذي استهدف المنطقة”.

“وبعد اندحار الاحتلال فجعنا بحجم الدمار الهائل الذي لحق بالمنطقة، والتي كان من ضمنها أرضي، حيث كانت الأرض مسرحا للدبابات الصهيونية”.

يضيف الحاج أنه من هول الدمار والخراب الذي أحدثته آلة البطش الصهيونية، لم يعد أي منّا يعرف حدود أرضه الزراعية.

خسائر فادحة
بدورها، قدّرت وزارة الزراعة الفلسطينية حجم الخسائر التي لحقت بقطاع الزراعة في غزة جراء العدوان الصهيوني الذي استمر 51 يوما بنصف مليار دولار.

وقال فايز الشيخ الناطق باسم وزارة الزراعة في تصريح لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، إن قيمة الخسائر هي تلك التي تعرض لها قطاع الزراعة فقط، دون احتساب الثروة الحيوانية أو السمكية، حيث قصف الاحتلال أكثر من 70% من الأراضي المزروعة، بحجة أنها مواقع لإطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية.

وحسب الشيخ، فإن هذه الإحصائية غير نهائية نظرًا لعدم انتهاء عملية الحصر لكافة الأراضي الزراعية التي تعرضت للعدوان خلال الحرب على غزة.

دمار وخراب
حال المواطن علي أبو حسين لا يختلف كثيرا عن حال المواطن محمد أبو معمر، حيث حلّ الخراب والدمار في أرضه التي تبلغ مساحتها 10 دونمات مزروعة بالخضروات المختلفة.

يقول لمراسلنا: “الدبابات الصهيونية عاثت فسادًا وخرابا، لا أظن ذلك فقط بل هم انتقموا من الشجر والتربة وآبار المياه والحمامات الزراعية”، وكأن ثأرًا بين هذه الأرض وجنود الاحتلال الصهيوني”، يضيف: “قتلوا الطيور والبهائم”.

أرض المواطن أبو حسين أصبحت أثرا بعد عين، تشعر أنك تسير في صحراء قاحلة، لا ترى سوى أكوام من الرمال هنا وهناك، وحفر كبيرة يزيد عمق الحفرة الواحدة على 15 مترًا، نتيجة القصف بالمقاتلات الصهيونية.

يقول وعلامات الحسرة ظاهرة على محياه: “هذه الأرض كانت تعيل 10 عائلات، أصبحت الآن بلا مصدر رزق”.

تحدي
وبلهجة كلها تحد وعزيمة يقول: “الاحتلال خرب أراضينا كي نثور ونرفض المقاومة”، يضيف “لن ينالوا ذلك، فأرواحنا وأراضينا وكل ما نملك فداء للمقاومة التي تدافع عنا”.

“هم لا يستطيعون مواجهة المقاومة في الميدان، فينتقموا من الحجر والشجر والبشر، والذي نراه أمامنا خير دليل على هذا”، يقول الحاج.

وتعرض قطاع غزة خلال 51 يوما لحرب عدوانية صهيونية وصفت بالأعنف على الإطلاق، أسفرت عن ارتقاء 2150 شهيدًا وإصابة أكثر من 11 ألفًا آخرين، إضافة لتدمير هائل في البنية التحتية والمنازل والمنشآت الصناعية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات