عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

أربع قراءات لخماسين غزة!

أربع قراءات لخماسين غزة!

رغم اختلاف هذه القراءات الأربع إلا أن المشترك بينها هوالارتهان للنوايا والمرجعيات، والقراءة الأولى شعبية وبها قدر كبير من العفويةوالبراءة كما أنها انفعالية أيضاً حيث يتولى القلب التفكير وهي رغم عمقها إلا أنهاقراءة صامتة تتخللها القشعريرة والدموع، فما من أب لم يتخيل أطفاله وهو يشاهدأشلاء أطفال في مثل أعمارهم وما من جدّ لم ير أحفاده وحفيداته بين هؤلاء، لإدراكهمبأن صدفة المكان فقط هي ما جعل القصف يخطئ بيوتهم وأبناءهم. لهذا كله لا تندرج هذهالقراءة الإنسانية في خانة السياسة والإيديولوجيات.

والقراءة الثانية ترتهن لموقف سبقها ويمارس نفوذه بالوعيأو اللاوعي عليها وهي ما يسمى في علم النفس الرغائبية أي رؤية الفرد لما يريد أنيراه فقط، لهذا فهي قراءة سياسية يتقاسمها العقل والقلب معاً وتراوح بين الانحيازللضحية وقدر من العتاب وهذه القراءة تتجسد لدى من رأوا في المبادرة المصرية فورصدورها إيقافاً للنزيف وأن كل ما أعقب تلك المبادرة منذ اليوم الأول كان يمكنتفاديه وتداركه.. لكن رغم أن هذه القراءة تندرج في خانة السياسة إلا أنها تبقىأفقية رغم أن المشهد كله ليس كذلك بل هو بانوراما على درجة كبيرة من التعقيد.

والقراءة الثالثة، برغماتية يخلو من أي بعد تراجيدي، حيثتتم المقارنة بواسطة الحاسوب البارد بين عدد القتلى لدى كل طرف، وما يسقط عن عمدوليسوا سهواً من هذه القراءة، هو غياب التكافؤ في القو والأحلاف بحيث انتهت إحدىالقراءات التي تنتمي إلى هذا النمط نهاية تضحك حتى البكاء أو تبكي حتى الضحك، حينقال صاحبها إن الخسارة البشرية كانت ثلاثين فلسطينياً على الأقل مقابل إسرائيليواحد، والخلل الجذري في هذه القراءة الحاسوبية هو التعامل مع الأرقام كما لو أنهاصماء فالإسرائيلي الذي يقابل ثلاثين فلسطينياً هو جندي بكامل سلاحه أما الثلاثونفلسطينياً فهم أطفال ونساء وشيوخ ومرضى في المستشفيات وسائقو عربات اسعاف!

والقراءة الرابعة، تتخطى مشاهد الدم والتدمير وانتهاكالمساجد والمدارس والمستشفيات، لأنها تبحث وراء المشهد الدرامي الذي يبث باللحمالحي عما يبرهن على صحة موقفها، وبالتالي يبرؤها، لأن من يمارسون هذه القراءةيقولون بأنهم قدموا النصائح وحذروا من المجزرة لكن أحداً لم يسمعهم، وبالتالي فإنهذه القراءة ليست متعسفة فقط بل هي جائرة وسادية وأنانية تخلو من أي إيثار بحيثتصور الفرار على أنه حكمة والعقلانية الباردة على أنها مواعظ وحقيقة الأمر أنهاقراءة متواطئة مع العدوان.. ويظل باب غزة بعد رفع الحصار مفتوحاً على مصراعيهلقراءة خامسة يقدمها الشهداء.

صحيفة الخليج الإمااراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات