السبت 10/مايو/2025

غزة.. مفترق طرق

غزة.. مفترق طرق

بعد51 يوماً من مواجهتها البطولية للحرب الوحشية الصهيونية على غزة، فرضت المقاومةالفلسطينية وقف إطلاق النار وكسر الحصار لتضع نهاية حاسمة للغرور والعجرفةوالاستهتار الصهيوني، ولتسقط وإلى الأبد ليس “أسطورة” الجيش الذي لايقهر وحسب، بل ولتفاجئ الرأي العام في عالمنا الدولي والإنساني الذي بقي أسيرالاعتقاد أن لا أحد بمقدوره مواجهة “إسرائيل” في أي مجال كان، فكيف فيالجانب العسكري الذي يعتبر الأقوى في هذه المنطقة، وهو إلى ذلك يتكئ إلى الدعموالإسناد الذي تقدمه بسخاء الولايات المتحدة، إذ في مقابل هذا فشلت الحرب في تحقيقأهدافها ومنيت “إسرائيل” بهزيمة استراتيجية عسكرية وسياسية، ولأول مرةلا تخرج من حروبها الوحشية والتدميرية بمكاسب بل تدخل نفق دفع ثمن الدمار وفي أزمةداخلية عميقة وحادة ومتداعية.

كيفحدث هذا؟

قديكون مناسباً الإشارة إلى أن هذه الحرب لم تكن من أطول الحروب الصهيونية وأبشعهافي الجرائم الوحشية وجرائم الحرب ضد الإنسانية فقط، بل كانت من أشمل الحروبوأوسعها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

فالحرببدأت في الضفة الغربية وامتدت إلى القدس وانفجر بركانها الجهنمي على غزة، وبهذاالمعنى كانت الحرب حرب العدو الصهيوني لا حرب المقاومة، التي لم تتفاجأ بالعدوانلكنها اجترحت المفاجآت التي غيرت مجريات الأمور وفتحت بوابة الزمن الفلسطينيالمفتوح على استعادة الحقوق المسلوبة، ومن المفاجآت:

التأثيرالبالغ في الوضع داخل “إسرائيل” بعد أن امتدت يد المقاومة إلى العمق،والارتباك الذي أصاب قيادة الحرب الصهيونية والعجز الذي وصل لأول مرة في”إسرائيل” حد الطلب من المستوطنين في حدود غزة البحث عن ملاجئ.

الردعلى استهداف الوفاق الوطني بتناغم العمل السياسي للسلطة والكفاح الميداني للمقاومةوالتصدي للاستفراد بالمقاومة بجبهة المواجهة التي انخرطت فيها كافة فصائلها،والالتفاف الشعبي الذي كان يتعاظم في وجه التدمير الشامل والقتل المفتوح والذيعاشه الفلسطينيون بتضحياتهم في غزة وبمشاركتهم الفعالة في الضفة والقدس وسكان 1948وفي الشتات، وهم وحدهم الذين أحدثوا التغيير في المعادلة لمصلحة قدرة إرادة الحقالفلسطينية الانتصار على قوة الوحشية والفاشية والعنصرية الصهيونية.

نعملقد كانت التضحيات كبيرة، التدمير طال الآلاف من المباني والوحدات السكنيةوالأبراج والمجمعات التجارية والمدارس والكنائس والمساجد والمستشفيات والأسواقوالحدائق والملاعب والمزارع والورش والمعامل وكامل البنى التحتية من كهرباء ومياهوآلاف الشهداء منهم 600 طفل وقرابة عشرة آلاف جريح وفي الأغلب أطفال ونساء ومسنون.

منهذه التطورات الفلسطينية يمكن القول إن أيام غزة أحدثت تغييراً جذرياً عما كانعليه الوضع في شأن ما يعرف بالأزمة “شرق أوسطية”، فهي لم تعد قابلةللارتهان للعبة المفاوضات الأميركية ولا الابتزاز والعربدة الصهيونية.

والأدلعلى هذه الحقيقة إعلان القيادة الفلسطينية في يوم إعلان اتفاق وقف إطلاق النارخطوط مسار العمل الوطني في المرحلة القادمة وهي: احترام وقف إطلاق النار والتمسكبالوحدة الوطنية وتعميقها ووضع خطة وطنية لإنهاء الاحتلال ومواصلة الشعب الفلسطينيلكفاحه واستعادة حقوقه المسلوبة والانتصار للسجناء الفلسطينيين والانعتاق من قبضةالاحتلال.

وقبلهذا إعلان الرئيس الفلسطيني أن “الدخول في مفاوضات غائمة أمر غير مقبول”،كما أن عالمنا بأسره صار لا يحتمل استمرار فظائع الجرائم الصهيونية على الشعبالفلسطيني.

هنايمكن القول لقد كان الفلسطينيون ومقاومتهم في مواجهة العدوان أكبر وأكثر مما كانمطلوباً منهم، وقد اجترحوا معجزات قهرت جبروت القوة الصهيونية وعليهم الآن أنيسموا عن الصغائر التي يجد فيها المتلاعبون بقضية هذا الشعب ضالة خداعهم لغاياترخيصة وعلى حساب الوحدة الوطنية الفلسطينية.

للفلسطينيينكامل الحق بهذه اللحظة من النصر الذي اجترحوه بإرادتهم وسطروه بدماء شهدائهموجرحاهم ومهروه بأغلى تضحياتهم أن يفرحوا ويردوا على تباكي نتنياهو لأحوالهمو”تعاطفه” بكل ما لديه من “وجبات” القتل والإبادة الوحشيةوالبشعة

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات