العدوان واستقرار حكومة نتياهو

ظهرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة،تحليلات وتقديرات تتوقع اتجاه “إسرائيل” إلى انتخابات برلمانية مبكرة،على خلفية أداء الحلقة الضيقة في قيادة الحكومة، وخاصة رئيسها بنيامين نتنياهو،خلال العدوان على غزة، وصيغة اتفاق وقف إطلاق النار. رافق ذلك تصريحات لأعضاء فيالائتلاف الحاكم، فيها تلميحات و”تهديدات” بالتوجه إلى انتخابات، الأمرالذي اعتبره البعض “إنجازاً” للمقاومة. إلا أن واقع الحال في هذهالمرحلة، استناداً إلى الحسابات الحزبية والشخصية في حكومة نتنياهو، يقول إن هذهالحكومة باقية وائتلافها مستقر، إلا إذا قرر نتنياهو شخصياً “قلبالطاولة”، لكنه إن فعل، فقد تنقلب عليه.
قبل الدخول في الحسابات الحزبية الإسرائيلية، فإنه ليسمفهوماً لماذا يختار البعض أن يحسب انهيار الحكومة “إنجازاً” للمقاومة؛فهو بذلك يُقحم نفسه في جدل إسرائيلي داخلي، قائم على المنافسة الحزبية. وفي هذهالمرحلة بالذات، فإن المنافسة قائمة على من يسفك دماء فلسطينية أكثر؛ كما أن جانباًكبيراً من هذا الصراخ الحزبي، يهدف إلى استبعاد النقاش الجوهري، واستبعاد طرحالبرامج السياسية البديلة، وترهيب الشارع الإسرائيلي إلى درجة الرعب، لمنعه منالبحث عن بديل، فيبقى ملتصقاً باليمين وسياسة “القوة”.
وعلى الرغم من كل ضجة الانتخابات المبكرة، فإنه لم يصّرحأحد من قادة الأحزاب المشاركة في الائتلاف، أن في نيته الانسحاب من الحكومة، لا بلفهمنا من التصريحات والتلميحات تمسّك كل شركاء الائتلاف بالحكومة القائمة، بصياغاتمثل: “هذا ليس وقت المناكفات، بل الوحدة لمواجهة التحديات السياسيةوالاقتصادية”.
أما أولئك المحسوبون على ما يسمى “الوسط”، مثلحزبي “يوجد مستقبل” برئاسة يائير لبيد، و”الحركة” برئاسةتسيبي ليفني، والذين “هددوا” بأنه في حال عدم التوجه لاستئناف العمليةالتفاوضية، فإنه لا مجال لبقائهم في الحكومة، فقد رأينا نهجهم على مدى قرابة عامونصف العام، بدعمهم المطلق ومن دون تحفظ لسياسة الاستيطان وتشديد الحصار، واتهامهمللجانب الفلسطيني بإفشال المفاوضات التي لم تبدأ أصلاً. ولهذا، فإن تصريحات هؤلاءليست إلا للاستهلاك والظهور الإعلامي.
إن الحسابات الأساسية التي ستحسم موقف كل واحد منالأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، بشأن مسألة بقائه في الحكومة أو العمل علىحلها بهدف التوجه إلى انتخابات، هي حسابات قائمة على الربح والخسارة الحزبية فيانتخابات كهذه. وفي هذه المرحلة، فإن استطلاعات الرأي، وأجواء الشارع الإسرائيلي،تشير إلى أن أي انتخابات برلمانية جديدة، ستبقي على الوضع القائم، مع بعض تغييراتفي توزيع المقاعد. بل إن استطلاع صحيفة “هآرتس” الصادر قبل ثلاثة أيام،دلّ على أن أحزاب اليمين المتطرف، ومن ضمنها الليكود، ستزيد قوتها بنسبة 32%؛ من43 مقعداً اليوم إلى 57 مقعداً، من أصل 120 مقعداً في الكنيست. ولكن هذا يبقىاستطلاعاً يشير إلى توجهات، وليس إلى نتائج حاسمة.
كذلك، فإن حزبي “الوسط” في الحكومة؛”يوجد مستقبل” و”الحركة”، تتنبأ لهما الاستطلاعات بتراجع جديفي قوتيهما. ولهذا، فإنهما لن يفرطا بالقوة الحالية والحضور السياسي لأسبابمبدئية؛ مثل الضغط على الحكومة للتوجه إلى حل الصراع، لأن هذين الحزبين لا يطرحان،أصلاً، بديلاً حقيقياً لموقف اليمين من الصراع.
وفي ظل الوضع القائم، فإن الشخص الوحيد الذي قد يكونبيده قرار التوجه إلى انتخابات جديدة، هو نتنياهو، الذي ما من شك في أنه يجريحسابات واستطلاعات كثيرة لمعرفة وضعيته. وهو يرى أنه “مضطر” للتوجه إلىطرح موازنة تقشفية للعام المقبل 2015، تتضمن تقليصاً في الميزانيات الاجتماعية،على ضوء حالة التباطؤ التي يشهدها الاقتصاد الإسرائيلي في هذا العام، مضافاً إليهاتكلفة العدوان وانعكاساتها بمزيد من الأعباء، ما يجعل الضربات الاقتصادية أكبر.ولهذا، فإنه لن يكون معنياً بالتوجه إلى انتخابات جديدة، في ظل أوضاع اقتصاديةكهذه، وانتقادات حول أدائه خلال العدوان وشكل إنهائه.
كذلك، فإن نتنياهو ملتصق بهذا الائتلاف الأفضل منناحيته، سياسياً واقتصادياً. ولهذا، فإنه في غنى عن مغامرة قد تجبره على تغييرالائتلاف، بشكل يضطره للتنازل عن توجهات اقتصادية وسياسية يتمسك بها.
تشهد “إسرائيل” في هذه الأيام حالة عاصفة،معظم محركاتها حسابات حزبية، وصراع داخل معسكر اليمين. ولهذا، كما قال أحدهم،”حينما يهدأ غبار المعركة، ستتضح الصورة الحقيقية من جميع نواحيها”.
صحيفة الغد الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...