السبت 10/مايو/2025

العدوان واستقرار حكومة نتياهو

العدوان واستقرار حكومة نتياهو

ظهرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة،تحليلات وتقديرات تتوقع اتجاه “إسرائيل” إلى انتخابات برلمانية مبكرة،على خلفية أداء الحلقة الضيقة في قيادة الحكومة، وخاصة رئيسها بنيامين نتنياهو،خلال العدوان على غزة، وصيغة اتفاق وقف إطلاق النار. رافق ذلك تصريحات لأعضاء فيالائتلاف الحاكم، فيها تلميحات و”تهديدات” بالتوجه إلى انتخابات، الأمرالذي اعتبره البعض “إنجازاً” للمقاومة. إلا أن واقع الحال في هذهالمرحلة، استناداً إلى الحسابات الحزبية والشخصية في حكومة نتنياهو، يقول إن هذهالحكومة باقية وائتلافها مستقر، إلا إذا قرر نتنياهو شخصياً “قلبالطاولة”، لكنه إن فعل، فقد تنقلب عليه.

قبل الدخول في الحسابات الحزبية الإسرائيلية، فإنه ليسمفهوماً لماذا يختار البعض أن يحسب انهيار الحكومة “إنجازاً” للمقاومة؛فهو بذلك يُقحم نفسه في جدل إسرائيلي داخلي، قائم على المنافسة الحزبية. وفي هذهالمرحلة بالذات، فإن المنافسة قائمة على من يسفك دماء فلسطينية أكثر؛ كما أن جانباًكبيراً من هذا الصراخ الحزبي، يهدف إلى استبعاد النقاش الجوهري، واستبعاد طرحالبرامج السياسية البديلة، وترهيب الشارع الإسرائيلي إلى درجة الرعب، لمنعه منالبحث عن بديل، فيبقى ملتصقاً باليمين وسياسة “القوة”.

وعلى الرغم من كل ضجة الانتخابات المبكرة، فإنه لم يصّرحأحد من قادة الأحزاب المشاركة في الائتلاف، أن في نيته الانسحاب من الحكومة، لا بلفهمنا من التصريحات والتلميحات تمسّك كل شركاء الائتلاف بالحكومة القائمة، بصياغاتمثل: “هذا ليس وقت المناكفات، بل الوحدة لمواجهة التحديات السياسيةوالاقتصادية”.

أما أولئك المحسوبون على ما يسمى “الوسط”، مثلحزبي “يوجد مستقبل” برئاسة يائير لبيد، و”الحركة” برئاسةتسيبي ليفني، والذين “هددوا” بأنه في حال عدم التوجه لاستئناف العمليةالتفاوضية، فإنه لا مجال لبقائهم في الحكومة، فقد رأينا نهجهم على مدى قرابة عامونصف العام، بدعمهم المطلق ومن دون تحفظ لسياسة الاستيطان وتشديد الحصار، واتهامهمللجانب الفلسطيني بإفشال المفاوضات التي لم تبدأ أصلاً. ولهذا، فإن تصريحات هؤلاءليست إلا للاستهلاك والظهور الإعلامي.

إن الحسابات الأساسية التي ستحسم موقف كل واحد منالأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، بشأن مسألة بقائه في الحكومة أو العمل علىحلها بهدف التوجه إلى انتخابات، هي حسابات قائمة على الربح والخسارة الحزبية فيانتخابات كهذه. وفي هذه المرحلة، فإن استطلاعات الرأي، وأجواء الشارع الإسرائيلي،تشير إلى أن أي انتخابات برلمانية جديدة، ستبقي على الوضع القائم، مع بعض تغييراتفي توزيع المقاعد. بل إن استطلاع صحيفة “هآرتس” الصادر قبل ثلاثة أيام،دلّ على أن أحزاب اليمين المتطرف، ومن ضمنها الليكود، ستزيد قوتها بنسبة 32%؛ من43 مقعداً اليوم إلى 57 مقعداً، من أصل 120 مقعداً في الكنيست. ولكن هذا يبقىاستطلاعاً يشير إلى توجهات، وليس إلى نتائج حاسمة.

كذلك، فإن حزبي “الوسط” في الحكومة؛”يوجد مستقبل” و”الحركة”، تتنبأ لهما الاستطلاعات بتراجع جديفي قوتيهما. ولهذا، فإنهما لن يفرطا بالقوة الحالية والحضور السياسي لأسبابمبدئية؛ مثل الضغط على الحكومة للتوجه إلى حل الصراع، لأن هذين الحزبين لا يطرحان،أصلاً، بديلاً حقيقياً لموقف اليمين من الصراع.

وفي ظل الوضع القائم، فإن الشخص الوحيد الذي قد يكونبيده قرار التوجه إلى انتخابات جديدة، هو نتنياهو، الذي ما من شك في أنه يجريحسابات واستطلاعات كثيرة لمعرفة وضعيته. وهو يرى أنه “مضطر” للتوجه إلىطرح موازنة تقشفية للعام المقبل 2015، تتضمن تقليصاً في الميزانيات الاجتماعية،على ضوء حالة التباطؤ التي يشهدها الاقتصاد الإسرائيلي في هذا العام، مضافاً إليهاتكلفة العدوان وانعكاساتها بمزيد من الأعباء، ما يجعل الضربات الاقتصادية أكبر.ولهذا، فإنه لن يكون معنياً بالتوجه إلى انتخابات جديدة، في ظل أوضاع اقتصاديةكهذه، وانتقادات حول أدائه خلال العدوان وشكل إنهائه.

كذلك، فإن نتنياهو ملتصق بهذا الائتلاف الأفضل منناحيته، سياسياً واقتصادياً. ولهذا، فإنه في غنى عن مغامرة قد تجبره على تغييرالائتلاف، بشكل يضطره للتنازل عن توجهات اقتصادية وسياسية يتمسك بها.

تشهد “إسرائيل” في هذه الأيام حالة عاصفة،معظم محركاتها حسابات حزبية، وصراع داخل معسكر اليمين. ولهذا، كما قال أحدهم،”حينما يهدأ غبار المعركة، ستتضح الصورة الحقيقية من جميع نواحيها”.

صحيفة الغد الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات