الصهاينة العرب

في يوم السادس من أبريل/نيسان١٩٧٧، وقف المفكر القوميالعربي المرحوم الدكتور عصمت سيف الدولة أمام طلبة جامعة الكويت يحاضر حول”الصهيونية في العقل العربي”، قائلاً “إن الصهيونية وحلفاءها بعدأن انهزموا عسكرياً في جبهة القتال في أكتوبر/تشرين الأول 1973، فتحوا من جباهناثغرات، وغزوا عقولنا”.
ومضى قائلاً “اختصروا الطريق إلى النصر النهائي،فبدلاً من احتلال أرضنا جزءاً جزءاً، بدأوا في احتلال رؤوسنا فكرة فكرة”،وبدلاً من الاستيلاء على الوطن، يحاولون الاستيلاء على البشر، ليكون الوطن لهم بعدذلك دون حاجة إلى القهر.
القومية اليهودية
واستطرد سيف الدولة “جردونا من نظريتنا العربية،ودسوا في رؤوسنا نظريتهم الصهيونية، ورفعوا من فكرنا القومية العربية، ووضعوا بدلاًمنها القومية اليهودية، ولما انمحت من ذاكرتنا دولة الوحدة، قامت بدلاً منها دولةإسرائيل”.
وخلص سيف الدولة إلى القول “ما كان ولن يكونللإقليميين أداة نضال عربية واحدة. ما كان ولن يكون للإقليميين خطة مواجهة واحدة.لم يلتق الإقليميون ولن يلتقوا قط على تحرير فلسطين”.
أما المفكر الدكتور جمال حمدان، فحدد بشكل مباشر -فيكتابه “شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان”، الصادر في القاهرة عن عالمالكتب، عام 1980- مسؤولية ضياع فلسطين، وقال إن “قيام إسرائيل وضياع فلسطينهو مسؤولية العرب، والعجز العربي، والجبن والتفرق العربي، والذي يحدد نتيجة الصراعالعربي-الإسرائيلي هو الصراع العربي-العربي”.
وأشار حمدان أيضاً إلى أن “مصر من أهم الدولالعربية، وليس أمام مصر من فرصة ذهبية لاستعادة كامل وزنها وزعامتها إلا بتحقيقنصر تاريخي مرة واحدة وإلى الأبد بتحريرها فلسطين كاملة، تماماً مثلما فعلت معالصليبيين والمغول في العصور الوسطى”.
ويمضي حمدان قائلاً “وإلى أن يتحقق هذا فستظل مصردولة مغلوبة مكسورة راكعة في حالة انعدام وزن سياسي تتذبذب بين الانحدار والانزلاقالتاريخي، دولة كما يصفها البعض شاخت وأصبحت من مخلفات التاريخ تترنح وتنزاحبالتدرج خارج التاريخ. وذلك -نحن نثق- لن يكون”.
ولعل كلاً من الدكتور عصمت سيف الدولة وجمال حمدان منخلال ما طرحاه لم يكونا يحللان واقعاً عربياً مريراً وقتها فحسب، بل كانا يستلهمانبرؤيتهما الصادقة مستقبلاً، ويرسمان لنا كأجيال عربية خارطة للإنقاذ تبين لناخطورة ما نحن فيه، وسبل تحقيق النصر على “إسرائيل”.
الإقليمية البغيضة
ولا بد أن نشير هنا إلى أنه منذ توقيع اتفاقية”كامب ديفد” المشؤومة -التي عزلت مصر عن محيطها الإقليمي- بدأتالإقليمية البغيضة تشق طريقها في المنطقة، حيث رفع الرئيس المصري الراحل أنورالسادات -مؤسس نظام كامب ديفد- شعار مصر أولاً، وبات عدد لا بأس به من الدولالعربية بعده يرفع هذا الشعار، والذي استهدف الوحدة العربية في الأساس.
ومن هنا، تفرقت جهود الأمة العربية، وضعف تأثيرها بعزلمصر عنها، وذلك في ظل تنامي مخططات خارجية استعمارية معادية للأمة تستهدف فيالأساس تفجير الخلافات والحروب الأهلية داخل الأقطار العربية.
وكان الهدف من وراء تلك الفتن تمهيد الطريق من أجل تقسيمالمقسَّم وتجزئة المجزأ، تلك المخططات تكاد تؤتي أُكلها الآن.
واستثمر الكيان الصهيوني حالة الوهن العربي والتشرذم،لكي يغرس الفكرة الصهيونية في العقل العربي، وتصديرها للعرب والمسلمين، والذيناتجهت جماعات وحركات بينهم تخطط لإقامة دويلات على أسس دينية، متجاهلة كل ما يربطالعرب من مقومات الوحدة والقوة إلى جانب الدين، وذلك على غرار “إسرائيل”والتي يجمع مستعمريها الدين فقط.
وهذا الأمر أعطى الفرصة للصهاينة لكي يعمقوا حالة الهوانوالتشرذم العربي ومن الفتنة بين الإسلاميين والقوميين، ويعلنوا الحرب على الفكرةالقومية العربية ويصفوها بالشريرة، مع العلم أنه لا تضاد بين القومية والإسلام بليكملان بعضهما بعضاً ولا يمكن فصلهما.
وعندما بدأت بعض الأحزاب والحركات والقوى السياسيةالإسلامية تدرك هذا الخطر الصهيوني، وتؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية الحديثةومرجعيتها الإسلامية، وتتوحد مع أغلبية الحركات الوطنية في هذا المطلب، استشعرالصهاينة الخطر، وأعلنوا الحرب على تلك القوى الإسلامية. حدث ذلك في تركيا وتونسوغزة والسودان وإندونيسيا.
مصر نموذجاً
وعلى سبيل المثال، كانت آخر مؤامرات أعداء النهوض العربيضد مصر والربيع العربي، ما تعرضت له ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ المجيدة من انقلاب عسكريحظي بدعم واضح من قبل “إسرائيل” ودول إقليمية وقوى دولية، وهذا الانقلابيستهدف هوية مصر، وقواها الإسلامية ومرجعيتها.
وذلك الانقلاب حدث عندما رأت القوى الصهيونية العالميةأن مصر وأقطاراً في المجتمع العربي بدأت تسترد حريتها، وتسلك في حياتها سلوكالمجتمعات الحرة والمتحضرة، بعيداً عما رسموه لتلك الدول من طغيان علماني تارة أوديني تارة أخرى.
ولكون القوى الصهيونية الدولية رأت الديمقراطية الوليدةفي القاهرة تشكل تهديداً بالغ الخطورة على أمن “إسرائيل”، والتي تعتبرنفسها جزيرة الديمقراطية في المنطقة، لكون ما يحدث بمصر سينتقل إلى بقية الأقطارالعربية.
ومن هنا يرى الإعلام الإسرائيلي، ومن يتابع مجرياتالأمور في الحرب التي أعلنتها من جانب واحد تل أبيب على أهلنا في قطاع غزة سيجد أنالمقاومة الفلسطينية تنامت قوتها في عام واحد تمتعت فيه مصر بحكم ديمقراطي تحتقيادة الرئيس محمد مرسي، وتمكنت تلك المقاومة من إذلال العسكرية الإسرائيلية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...