الثلاثاء 13/مايو/2025

أرض صبر وكبرياء

أرض صبر وكبرياء

لا يوجد أدنى شك في أن أغلب ما يوجد في سجلات الإبادةالجماعية من جرائم قد جسدته “إسرائيل” في عدوانها المستمر على قطاع غزةمنذ نحو 50 يوماً. وبعد أن سقط أكثر من 2000 شهيد ونحو 11 ألف جريح، يسابق قادةالاحتلال الضغوط المختلفة لوقف هذه المذبحة بتدمير ما أمكن من البنى التحتية رغبةفي الانتقام والتعويض عن الفشل.

الساعات الأخيرة شهدت نسف عدد من الأبراج السكنية بطريقةفيها الكثير من الشماتة والحقد. وتأتي هذه الاعتداءات استكمالاً لخطة التدميرالمنهجية للمستشفيات والمدارس والملاجئ التي تحولت جميعها إلى ركام في مختلف مناطقالقطاع.

ومثلما هي التبريرات دائماً، لم يستحِ رئيس وزراء الكيانبنيامين نتنياهو وقادة جيشه من الزعم أن الأبراج السكنية التي نسفت كانت تنطلقمنها الصواريخ، بينما الهدف المسكوت عنه هو التنكيل بالسكان ودفعهم إلى تركمناطقهم بعدما رفضوا التخلي عن المقاومة والخضوع لما تريده “إسرائيل” منإذلال وتبعية.

ورغم كل ما صبّه العدوان من قنابل وما ارتكبه من مذابح،ظلت الإرادة الفلسطينية صامدة ولم تنكسر مثلما توقع السفاحون في “تلأبيب”. وما يخشاه هؤلاء القتلة هو أن تنتهي جولة هذا العدوان من دون أنيحققوا شيئاً، ففي الوقت الذي تتكثف فيه الضغوط لوقف العدوان عبر المفاوضاتالجارية في القاهرة، لم تتوقف صواريخ المقاومة عن دك عمق الكيان بعشرات الصواريخيومياً، بل إن الأيام الثلاثة الأخيرة أثبتت أن المقاومة بفصائلها المختلفة لمتتضعضع مثلما كان التخطيط. وحين يتم التوصل إلى صيغة تنهي هذه المعارك وتظلالمقاومة حاضرة وجاهزة لصد أي عدوان، فإن ذلك يعني أن نتنياهو لم يحقق أهدافه،ويعني أيضاً أن مصيره لن يكون أفضل ممن سبقوه، مثل أرييل شارون وإيهود أولمرت.

وبعد كل ما تم لم يتبق لنتنياهو ما يفعله، فبعض التقاريرتؤكد أن حجم ما صبّه عدوان “الجرف الصامد” على غزة يعادل ست قنابل ذريةمثل تلك التي دمرت هيروشيما اليابانية في الحرب العالمية الثانية. كما تشير دراساتللأمم المتحدة أن هناك نحو 400 ألف طفل بحاجة إلى رعاية نفسية جراء هذا العدوانوالاعتداءات السابقة التي استهدفت قطاع غزة بدءاً من العام 2009، وهذا العدد منالأطفال هو تقريباً ربع سكان القطاع البالغ عددهم نحو مليون و800 ألف نسمة. ومنالمتوقع أن الإحصاءات الكارثية ستبدأ بالظهور في الأيام المقبلة، ومن المؤكد أنتكشف عن حقائق خطيرة ستحرج الضمير الإنساني وستلحق العار بكل من يتغاضى عنها أويتجاهلها.

طوال أيام العدوان لم تتوقف الاحتجاجات عبر العالم داعيةإلى وقف هذه المجزرة التي تجاوزت كل الخطوط الحمر. ومع كل ما حصل لم يحقق نتنياهوما يريد، فقد فشل في تفكيك المقاومة، وفشل في دفع فلسطينيي القطاع إلى الهجرةبعيداً عن أرضهم، ولكنه نجح في أن يحمل لقب “مجرم حرب” أراد أن يحيل غزةأرضاً غير صالحة للحياة، بيد أنها ظلت كما هي، أرض حياة وصبر وكبرياء.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات