عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

حقائق حول مفاوضات القاهرة

حقائق حول مفاوضات القاهرة

انتهت جولة أخرى مما سميت “بالمفاوضات غير المباشرة”بين وفد الفصائل الفلسطينية والكيان الصهيوني دون تحقيق أية مطالب فلسطينية. هذاكان متوقعا بل العكس من ذلك: وفي الساعة الأخيرة للمفاضات: خرقت “إسرائيل”الهدنة المتفق عليها كما حرصت على رفع سقف مطالبها من الفلسطينيين وتوجيه قذائفزوارقها إلى مراكب الصيادين في شاطئ غزة وهو جزء من عموم الساحل الفلسطيني كماطرحت موضوع الجنديين الأسيرين.

بالطبع: الكيان من وراء ذلك استهدف الضغط على الوفدالفلسطيني من أجل التراجع عن مطالبه المحقة والعادلة كما حاول إيصال رسالة إلىأعضاء الوفد وإلى الفلسطينيين عموماً مفادها: إن “إسرائيل” ستظل تتعاملمعهم ومقاومتهم: فقط من خلال فوهات المدافع. نتيجة المفاوضات تطرح تساؤلات كثيرةوكبيرة لعل من أبرزها: هل كان رأياً صائباً إرسال وفد فلسطيني للتفاوض مع الكيانولو بطريقة غير مباشرة؟ وهل حقا كان هناك تصور حقيقي في أذهان الوفد عن مدىالاستجابة الإسرائيلية للمطالب الفلسطينية؟ وبخاصة من خلال الائتلاف الحكوميالحالي والذي هو في حقيقته: يميني فاشي متشدد ومتطرف! السؤالان يقودان إلى سؤالأوسع: هل ندرك فعلاً حقيقة “إسرائيل”؟

بداية صحيح: أن الصمود الفلسطيني العظيم منع الكيان منتحقيق أهدافه لكن “إسرائيل” تحاول في المفاوضات تحقيق ما عجزت عنإنجازه في العدوان العسكري. “إسرائيل” وضعت هدفاً رئيسياً من المفاوضاتواعتبرته شرطاً وجوبياً وهو: نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في القطاع. كما أرادتمن المفاوضات: تعميم نتائج أوسلو على قطاع غزة ونقل تجربة الضفة الغربية إلىالقطاع. كما هدفت الحكومة الائتلافية: إلى تحسين صورتها في الشارع الإسرائيلي ومنعتشكيل لجنة تحقيق للبحث في تقصيراتها والمستوى القيادي العسكري للجيش أثناءالمعارك استباقاً لمنع تحميل نتنياهو ووزير حربه يعلون ورئيس الأركان وآخرينمسؤولية التقصير وإقصائهم جميعا من مناصبهم. “إسرائيل” حاولت ألا تظهرأنها تتفاوض مع الفلسطينيين وبخاصة مع الفصائل المعارضة لنهج أوسلو (حماس الجبهةالشعبية الجهاد الإسلامي) لذلك اتبعت تكتيكا في المفاوضات: عدم الجلوس مدة طويلةفي القاهرة، وإنما السفر بينها وتل أبيب مرات متعددة في الوقت الذي مكث فيه الوفدالفلسطيني أياما طويلة للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي. بالطبع “إسرائيل”حرصت على هذا الشكل التفاوضي الذي لم يأتِ صدفة لذا كان تصريح صائب عريقات رئيسملف المفاوضات في السلطة الفلسطينية والذي قال فيه: إن “إسرائيل” لاتفاوض وإنما تمارس سياسة الإملاء!

أيضاً فإن سن قوانين جديدة في الكنيست الصهيوني فيالعامين الأخيرين والتي هدفت في معظمها إلى: تقييد حركة الحكومات الإسرائيليةالمتعاقبة في اتخاذ القرارات التي تعتبرها مصيرية منفردة بل يجب عليها أن تأخذموافقة ثلثي أعضاء الكنيست (80 من 120) وهذا من المستحيل تحقيقه في الكنيستاليميني الاستيطاني الحالي.

من هذه التقييدات: التنازل عن أي شبر من “أرضإسرائيل” صفقات تبادل الأسرى القرارات المتعلقة بكافة التسويات معالفلسطينيين أو مع العرب وغيرها وغيرها لذا فإن المطالب الفلسطينية المحقةوالعادلة تعتبرها “إسرائيل” “اتفاقيات مصيرية” لها شأن وتأثيراستراتيجي على دولتها تماماً كما تعتبر الضفة الغربية “يهودا والسامرة”!ولذلك ينطبق عليها ما ينطبق على كل ما تعتبره “أرض إسرائيل التاريخية”.

أيضاً فإن أحد قرارات مؤتمر هرتزيليا الأخير (الرابععشر الذي انعقد في هرتزيليا في أواخر يونيو الماضي) هو: التخلص من القوة العسكريةللفلسطينيين في غزة باعتبار ذلك مهمة رئيسية تجابه “إسرائيل”! هذهالقضايا وغيرها تجعل من الصعب على الحكومة الصهيونية الحالية: الاستجابة للمطالبالفلسطينية إلا فيما يتعلق بتجميل الوجه القبيح للاحتلال من خلال الموافقة علىبعض القضايا التي تعتبرها “إنسانية” (وكأن فعل الاحتلال له وجهإنساني!؟) وليس الاستجابة لمطالب رئيسية من نمط (فك الحصار عن غزة) للعلم وفقاًلإحصائية أجرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” منذ أسبوع فإن 62% منالإسرائيليين يؤيدون توسيع العمليات العسكرية ضد غزة كما أن أعضاء في الائتلافالحكومي الحالي منهم على سبيل المثال وليس الحصر: ليبرمان وزير الخارجية ورئيسالحزب المتطرف الفاشي “إسرائيل بيتنا” ونفتالي بينيت الاستيطانيالمتشدد رئيس حزب “البيت اليهودي” وغيرهما يطالبان بإعادة احتلال قطاعغزة فكيف بمثل هؤلاء سيوافقون على المطالب الفلسطينية؟ كما أن معظم قيادة حزبالليكود حزب نتنياهو بزعامة زئيف إلكين منافس – المتشدد أيضاً – نتنياهووغالبية أعضاء الحزب 78% (مثلما أشارت استطلاعات كثيرة أحدها قامت به صحيفة -يديعوت أحرونوت) من الأعضاء يلحون على إعادة احتلال القطاع.

نفهم أن هناك ضغوطات عربية وإقليمية تمارس على بعضالفصائل الفلسطينية. كما أنه وقبل كل شيء فإن الأوضاع المأساوية الإنسانيةللمدنيين الفلسطينيين إضافة إلى بعض المواقف لبعض الدول العربية التي تتخذ صفةالوسيط المحايد (وليس الوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين كما هو مفترض) يشكلعامل ضغط جديد على الوفد الفلسطيني تماما كما هو انكشاف الظهر الفلسطيني طيلةأيام العدوان! كل ذلك دعا الفصائل الفلسطينية إلى إرسال وفد يمثلها إلى مفاوضاتالقاهرة.

مع التفهم الكبير لكل العوامل الضاغطة على الوفدالفلسطيني وعلى شعبنا في القطاع بكل تضحياته ومعاناته وردم بيوته وتشريدهوالتنكيل به ومع عدم الدعوة بالطبع إلى انتحار فلسطيني لكن للحقائق الصهيونيةالتي سقناها محلها في الصراع الأمر الذي يدعو إلى مراجعة المواقف الفلسطينيةبرمتها من عملية التفاوض والألاعيب الإسرائيلية المتمثلة في ظاهرة قصف: هدنة:قصف في محاولة واضحة لابتزاز الجانب الفلسطيني. إن للصراع مع العدو قواعده أيضاً:لا هدنة مع بقاء الاحتلال. لذا نرى أهمية المراجعة للمواقف كما ذكرنا إضافة إلىأن: الكيان لا يفهم غير لغة القوة. هذه وحدها كفيلة بإجباره على الاعتراف بالحقوقالفلسطينية.

قدر شعبنا: المقاومة والصمود. إنه لم يختر معركة بلالعدوان والمعارك مفروضان عليه فرضاً. للمقاومة أشكال متعددة أرقاها: الكفاحالمسلح وتسييد هذا الشكل أو ذاك من المقاومة مرهون بظروفه الموضوعية والذاتيةوله أيضاً قوانينه والتي لا يتوجب إهمالها.

صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات