القضية الفلسطينية في سياق الحرب على غزة

لم تحقق الدولة الصهيونية ما أرادت في غزة رغم كل العنفوالوحشية التي مارستها، وقد خسرت من الجنود أكثر من المرات السابقة، وبالتالي يمكنالقول إن المقاومة في غزة استطاعت ردع القوات الصهيونية، وأظهرت قدرات عسكرية جيدةمتطورة عن السابق.
رغم ذلك ربما يتوقف القصف الصهيوني وتنتهي الحرب لنكتشفمدى الدمار الذي حدث، ونعدّ الشهداء، ونحصي الخسائر، وقد يتكرر الأمر بعد ذلك، فمايجري الآن هو تكرار لما حدث سنة 2008/2009، وسنة 2012، وربما يتحقق بعض الانفراجفي وضع غزة بفك الحصار المفروض عليها من كل الجهات.
ولا شك في أن الحماس طغى على قطاعات شعبية كثيرة، وتحرّكرأي عام عالمي مهم بما يوضح أن الدولة الصهيونية باتت تسير نحو العزلة، وربما كانهذا أهم ما تحقق.
لكن غزة وحدها لا تستطيع سوى الدفاع عن الذات، وكلالمسيرات والتظاهرات التي خرجت عربياً، وفلسطينياً، أظهرت تعاطفاً ليس أكثر، وربماأفرغت بعض الاحتقان، لكنها لا تستطيع أن تغيّر شيئاً في المعادلة العسكرية علىالأرض، وهي تعود عند كل عدوان، ولكن ربما بشكل أضعف من قبل.
وبين عدوان وعدوان يجري تناسي أن الضفة تضيع من خلالالاستيطان والسيطرة على الأرض، وتنازلات السلطة، وقمع أجهزتها الأمنية للشبابالمتحمس الذي يريد تطوير الصراع مع الدولة الصهيونية.
بالتالي إن الوضع لا يحتاج إلى تنفيس احتقان، أو بعضالشعارات التي تطرح وينتهي الأمر. الوضع يحتاج إلى إعادة بناء المسألة الفلسطينية،ووضع إستراتيجية عامة لتطوير الصراع من أجل إنهاء الدولة الصهيونية.
لقد بات واضحاً أن الفلسطينيين وحدهم لا يستطيعون هزيمةالدولة الصهيونية، وأن لجوء قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى القبول بحل وسط لميثمر عن شيء سوى خدمة التوسع الصهيوني، وانفراج علاقاته الدولية وحتى العربية،ولقد تهافتت النظم العربية، كل النظم العربية، للتفاهم مع الدولة الصهيونية علناًوسراً، وكان الغطاء الفلسطيني يسهّل لها كل ذلك.
وعلى ضوء إنهاء حالة الحرب، والتصالح مع الدولةالصهيونية، وتفريغ المقاومة الفلسطينية من محتواها الوطني التحرري، كانت الدولةالصهيونية تفكك وتقطع المناطق الفلسطينية، وتسيطر على الأرض، وتحصر السكان فيمعازل، وسجون.
وفي الوقت ذاته كان اللاجئون الفلسطينيون يتشتتون في دولالمحيط، حيث قادت حرب لبنان إلى تشريد جزء كبير من لاجئي لبنان، وأدى احتلالالعراق إلى طرد اللاجئين وتشريدهم إلى أميركا اللاتينية، والأمر ذاته يحدث فيسوريا، ليبدو أن الفلسطينيين سوف يتلاشون في فلسطين وحولها مشردين في كل أصقاعالأرض.
وفي هذه الوضعية ليس من الممكن تغيير ميزان القوىفلسطينياً رغم كل البطولة التي تظهر، وكل الحماس الذي يسكن الكثير من الشباب الذييريد تحرير فلسطين.
وأصلاً كانت فلسطنة القضية جزءاً أساسياً في انهيارها،وفي التحولات التي حدثت على صعيد الدولة الصهيونية كما على صعيد النظم العربية.فكيف يمكن أن يكون الوضع بعد كل هذا التشتت وهذا الحصار؟
لا شك في أن تجاوز الفلسطنة يفترض تجاوز “الحلالسياسي” الذي ظهر بالملموس أنْ ليس من إمكانية له، بالضبط لأن الدولةالصهيونية تريد السيطرة والتوسع، وهي أصلاً نشأت ليس من أجل تحقيق استقرار اليهودفي فلسطين بل لكي يكون هؤلاء جيش الإمبريالية الذي يعمل على كبح تطور الوطن العربيوتوحده، وبالتالي البقاء تحت السيطرة الإمبريالية. هذا مفصل في المسألة الفلسطينيةجرى تجاهله، أو حتى التشكيك فيه، لكنه مفصل لا يمكن تجاوزه، والآن خصوصاً بعد أنبات الانهيار الفلسطيني فيما نرى.
وإذا كان استمرار أي مقاومة أمراً ضرورياً، فإن الوضعيفترض إعادة بناء التصورات لكيفية مواجهة المشروع الصهيوني، والإجابة على سؤال:كيف يمكن إنهاء الدولة الصهيونية؟
ربما كان ذلك أكثر فائدة من الحماس الذي يخفف الاحتقانأو يُظهر التعاطف، أو حتى يغطي على إهمال القضية كلها. فما يمارس هو بعض التظاهراتالتي ربما تصطدم مع أجهزة الدولة، أو ترعاها بعض أجهزة الدول، لكن هذه الدول تكملالسياسة الصهيونية.
إن تغيير موازين القوى يفترض إعادة الصراع إلى أساسهالحقيقي، وتجاوز الأوهام التي تعممت خلال العقود الأربعة السابقة، وأساسه هو أنهصراع الإمبريالية وأداتها الدولة الصهيونية ضد الوطن العربي من أجل فرض الهيمنةوالسيطرة الإمبريالية. والدولة الصهيونية هي القاعدة العسكرية التي جرى تركيبمجتمع مدني عليها، والتي تقف حاجزاً أمام التطور والحداثة والتوحيد. هذا ببساطة هوجوهر المسألة الفلسطينية. بالتالي فإن مواجهة الدولة الصهيونية هي مواجهةللإمبريالية بالضرورة، ولا أحد يعتقد بأنه يمكن الفصل بين هذه وتلك. والسيطرة علىكل فلسطين هي جزء من تمكين هذه القاعدة لكي تكون قادرة على المواجهة في وضع مريح.
لقد جرى تفكيك هذا الترابط بين الإمبريالية والدولةالصهيونية، وتفكيك العلاقة بين العرب وقضية فلسطين، وبهذا تحوّل ميزان القوى جذرياًلمصلحة الدولة الصهيونية، فباتت قادرة على التوسع، وعلى تدمير المشروع الفلسطيني.
كما بات الوضع العربي كله واقعا تحت السيطرة الإمبرياليةوالصهيونية، في سياق سيطرة فئات رأسمالية على النظم عززت من الارتباط بالنمطالرأسمالي والتبعية له، وعززت النهب الإمبريالي، ونهبها هي، وهي المرحلة التي بدأتبالانفتاح الاقتصادي و”السلام” مع الدولة الصهيونية، والتبعيةللإمبريالية الأميركية.
وهذا الوضع هو الذي فرض اندلاع الثورات العربية،فالتبعية والنهب والإفقار المتصاعد وصل حداً دفع الشعب إلى الثورة، وتلك لحظةحاسمة في إعادة موضعة الصراع مع الدولة الصهيونية، حيث إن انتصار الثورات يعنيتغيير الطبقة المسيطرة في النظم، وتغيير النمط الاقتصادي التابع، من أجل تحقيقمطالب الطبقات الشعبية، في العمل والأجر المناسب والتعليم والصحة، وهو ما يعنيالاستقلال عن السيطرة الإمبريالية وفك التبعية مع النمط الرأسمالي العالمي.
ولن يتحقق هذا إلا بالصدام مع القوى الإمبريالية ومعالدولة الصهيونية، لأن ما يجري ينهي فعلاً إمبريالياً مستمراً منذ سنة 1970، وينهيمنجزات صهيونية تحققت بعد معاهدة كامب د
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...