عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

تجريم المقاومة بدعوى التعاطف مع الضحايا

تجريم المقاومة بدعوى التعاطف مع الضحايا

منذ بدء العدوان على قطاع غزة ونحن نسمع كثيرين يحملونحماس مسؤولية الدماء التي أريقت بسبب العدوان، سواءً قبل المبادرة المصرية أمبعدها (رفضتها جميع القوى وليست حماس وحدها، لكنهم يتجاهلون ذلك)، والسبب برأيهميتعلق غالباً بقوة الكيان الصهيوني وعدم وجود آفاق لمواجهته. والمفارقة أن خطاباًكهذا كان يتردد على ألسنة سياسيين يساهمون في خنق الشعب الفلسطيني والتآمر عليه.

  المصيبة أنخطاباً كهذا لا زال يتردد من قبل أناس كثيرين؛ قلة منهم يتعاطفون فعلاً مع الضحايابسبب ما يشاهدونه في التلفاز، وأكثرهم يفعلون ذلك بمنطق الهزيمة وتجريم المقاومة،وتبعاً لموقف مسبقاً منها، بخاصة حركة حماس، وذلك مجاملة لأنظمة بائسة تآمرت علىربيع العرب وعلى الإسلاميين وعلى حماس كجزء منهم.

أمثال هؤلاء يتحدثون بمنطق سخيف في كثير من الأحيان، إذيتحدثون عن القيادات التي تعيش في الخارج بينما يُقتل الشعب، لكأن وجود من فيالخارج ليس ضرورة لبرنامج الثورة (قضية فلسطين كانت في جوهرها قضية لاجئين، ونصفقطاع غزة لاجئون أيضاً)، أو لكأنهم بمنأى عن رصاص الاحتلال، وقد اغتيل عدد منهم فيدمشق ودبي وبيروت، أو لكأن من في الداخل ينبغي عليهم أن يقفوا في الشوارع منتظرينصواريخ الاحتلال، في تجاهل لحقيقة أن مئات المقاتلين استشهدوا أيضاً ولا يظهرونعلى وسائل الإعلام لاعتبارات أمنية، ولاعتبارات سياسية أيضاً، كما يتجاهلون عدداًكبيراً من قادة الداخل الذين استشهدوا مع عائلاتهم، أو استشهد عدد من أبنائهموأهلهم، ولو جئنا نعدد فسيطول لمقال، وللتذكير، فما من حركة قدمت هذا العدد الرهيبمن قادتها وعائلاتهم شهداء مثل حركة حماس.

الأسوأ في هذا الخطاب هو الحديث بمنطق المقارنة بينالعدو المحتل الذي يملك عاشر أقوى جيش في العالم، وأقوى جيش في المنطقة، وبينمقاومة محاصرة ومعزولة، وهنا يستغل بعضهم ذلك؛ وهو صحيح في القول إن المواجهة تغدوعبثية وتغامر بأرواح الناس.

ما ينبغي أن يقال ابتداءً هو أن حركة حماس لم تبدأالمواجهة مع العدو، وإنما هو الذي بدأها، والحركة تدرك أن قطاع غزة المحاصر والمعزوللا يمكنه إطلاق مواجهة وحده مع العدو، وهي لذلك قبلت التهدئة حتى قبل أن تغدو فيالسلطة بعد الحسم العسكري منتصف العام 2007، لكن عندما يريد العدو فرض الاستسلامعلى القطاع، كجزء من فرض الاستسلام على الشعب والقضية، فإن المواجهة تغدو واجبة،بل من أوجب الواجبات مهما كانت التضجيات.

يبدو أن أصحاب هذا المنطق لم يقرؤوا التاريخ أبداً، ولاعرفوا تجارب الحروب ضد الاحتلال، بل حتى الحروب الداخلية بين الدول، ويبدو أنالصورة التي تتجلى بفعل الإعلام المفتوح أمام الناس تؤثر في الطيبين منهم، وهمالقلة، بينما تُستغل من قبل المهزومين، وأنصار الأنظمة المهزومة، بل المتآمرة علىالشعب الفلسطيني.

في حرب الثلاثين عاماً في أوروبا (16180- 1648) قتل 40في المئة من سكان القارة، وفي فيتنام كان ميزان القتلى جندي أمريكي مقابل 70فيتنامي، وفي الجزائر كان الرقم ضعف ذلك أو أكثر، وفي العراق أيضاً، فهل كانالخيار هو الاستسلام؟ لو انتظر كل شعب احتلت أرضه أن يصيح لديه من القوة ما يوازيقوة عدوه، فلن يقاتل أبداً، وسيستسلم إلى الأبد، لأن قوة نيران المحتل كانت دائماًأكبر بكثير، لاسيما أن أغلب المحتلين يستهدفون المدنيين بهدف ضرب الحاضنة الشعبيةللمقاومة ودفعها نحو الاستسلام.

الغريب أن بعض هؤلاء لا يجدون حرجاً في تأييد الثورة فيسوريا (ونحن نؤيدها أيضاً)، فقط لأن ولاة أمرهم يؤيدونها، مع أن ميزان الضحاياأكبر بكثير من المواجهة الحالية في قطاع غزة. إن ثمن المقاومة دائماً كان كبيراً،لكن ثمن الاستسلام كان أكبر بكثير، وهذا ما فهمته الشعوب الحرة، والشعب الفلسطينيفي مقدمة تلك الشعوب التي لن تستسلم أبداً أمام عدوها مهما كانت التضحيات. وإذاكان عمر المختار قد قال “إننا شعب لا نستسلم، نموت أو ننتصر”، فقد رددالشيخ عز الدين القسام مثل ذلك قبل ثمانين عاماً في أحراش يعد في جنين، حين قال: “إنهجهاد نصر أو استشهاد”، وهو الشعار الذي تبناه الشيخ الشهيد أحمد ياسين، وجعلهشعاراً لكتائب عز الدين القسام.

ذلك منطق لا يدركه المهزومون من أتباع أنظمة البؤسوالهزيمة والتآمر، لكن شعب فلسطين، وأبناء الأمة، وأحرار العالم أجمع يدركونه تمامالإدراك.

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...