الثلاثاء 13/مايو/2025

رجل مقابل جيش!!

رجل مقابل جيش!!

الحرب التي دارت في قبلان بالقرب من نابلس بين زكرياوالجيش الإسرائيلي واستمرت خمس ساعات انتهت بتفجير البيت الذي حوله زكريا إلىخندق، وكانت هذه الساعات الخمس كافية ذات هزيمة لاحتلال هضبة وضفة وقطاع وشبهصحراء، وهذه ليست الحرب الأولى التي تدور بين جيش ورجل واحد، ففي قلعة الشقيف حدثهذا باعتراف “إسرائيل” ذاتها، وفي وادي التفاح أيضاً قاتل جندي أردنيحتى الرصاصة الأخيرة والنفس الأخير ولم يستسلم.

فهل تحققت نبوءة شاعرنا العربي القديم حين قال هناك رجليعادل ألف رجل؟ أم أن المعادلة لها صيغة أخرى؟ بحيث يشعر جيش كامل بأنه يحاربويقتل الأطفال ويدمر البيوت ويحرق الشجر لأسباب يجهلها؟ مقابل أفراد لديهم منالشعور بأن حربهم عادلة وأنهم يدافعون عن بلادهم.

نعرف أن الحرب الحديثة وما بعد الحديثة أيضاً لم يعدفيها مكان للفروسية أو حتى الشجاعة، ما دامت الحرب تدار بالأزرار، وبمقدور أي مسخأن يلقي قنبلة ذرية على هيروشيما أو ناجازاكي أو على غزة!

ابن قبلان قاتل خمس ساعات بما توفر له من الذخيرة، ولواستطاع أن يحشو أصابعه مكان الرصاص لفعل، لأنه يدافع عن بيت هو له.. وعن أرض وشجروبشر هم ذووه الذين لم يهاجروا من بولندة أو روسيا، بل كانوا وأرضهم توأمين منذبدأ التاريخ دورته ومنذ بدأت الأرض في استدارتها!

لقد برهن العربي كفرد على جدارة قد تكون غير مسبوقة فيمختلف المجالات في العلم والأدب وأخيراً في الحرب وبسالة المقاومة، لكن ما ان يدخلهذا الفرد في أي سياق حتى يصاب بالشلل ويفقد مزاياه واستثنائيته، ولا نحتاج إلىبذل الجهد لتحليل هذه الظاهرة، لأن ما أفرزته ثقافة القطعنة حتى الآن منالامتثالية، والتأقلم السلبي يكفي لاستئصال الإرادة مهما بلغت من القوة.

ولا أدري كيف يمكن لنا أن نعالج هذه الإصابة البالغةالتي توارثناها بكامل حمولتها من التنابذ والتحاسد وظلم ذوي القربى؟ وكيف نخترعحاسوباً آخر يتقن الجمع أكثر من الطرح، والإضافة أكثر من الحذف؟

 ما جرى في قبلانقبيل استشهاد زكريا يجزم بأن القوة للإصبع وليست للزناد، وأن الإحساس بعدالةالقضية يضاعف من طاقة الدفاع، لهذا علينا أن نتخلى بعد الآن عن التعريفاتالكلاسيكية للنصر والهزيمة لأن الضحية أبلغ من الجلاد، ومن الأطفال المحترقينورمادهم سوف تولد مليون عنقاء في سماء ملبدة بالغربان!

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات