الأحد 11/مايو/2025

غزة.. سلاح الإعلام أمضى

غزة.. سلاح الإعلام أمضى

لا تتعجبوا لأمر مسؤول (الأونروا) حين أجهش بالبكاء لهولما شاهد في غزة عبر الصور التلفزيونية الحية.. أكبر التظاهرات المناوئة ل”إسرائيل”التي شهدتها بريطانيا كانت الأسبوع الماضي في مدينتي لندن وكارديف على خلفية أحداثغزة المؤلمة التي نقلتها الصور التلفزيونية..

بالطبع كان ذلك أكبر إدانة للصمت العربي المخزي، بيد أنذلك أكد فاعلية الإعلام خاصة الفضائي في صناعة الرأي العام المناوئ لمراكز القوىالدولية التي ورثناها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.. ليس غريباً أن يصف خبراءالإعلام والعلوم السياسية، الرأي العام بأنه أكبر قوة عرفها البشر.. بل يمثّلالقوة المعنوية التي تتحقق بها الأهداف المشتركة لأي أمة من الأمم. وحين تتحولالقوة المعنوية إلى قوةٍ ماديةٍ في ظروف معينة، تصبح كالطوفان، وتكتسح أمامها كلشيء ولا تبالي بأي شيء.. لقد أصبح الرأي العام أساس السلطة في عصرنا الحالي، عصرثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال وزمن الصراع الحاد على امتلاك المعلومةوالمعرفة.

لا يمكن في ظل عجز الإعلام العربي المُستمد من عجز النظمالعربية المحتمية بغياب الديمقراطية والشفافية أن نتجاهل ما تقوم به قناة الجزيرةمن دور فعال ومؤثر في كشف ألاعيب الدولة اليهودية وتحكمها في آلة الإعلام الغربي؛فهذا الكاتب الأمريكي الشهير يشير إلى أنه لا أحد يستطيع أن يُظهر لا مبالاة بقناةالجزيرة.

ويقول: “إن الجزيرة متحيزة للتطلعات العربية بلاجدال في سياق حلم جميع العرب بأن يتّحدوا ويتحرّروا من السيطرة الأجنبية. ولكن هذالا يجعل نقلها للأخبار كاذبا”، مضيفاً: “إن الجزيرة في تغطيتها للاحتلالالإسرائيلي لفلسطين عكست رأي أغلبية العرب”.

الواقع العملي عبر التاريخ يؤكد أن الإعلام سلاح ماضٍيُستخدم في الأغراض السّياسية بشكل كبير جدا، بل إن البعض يذهب إلى القول بأنكثيرا من الأجهزة الإعلامية حول العالم ليست إلا مشاريع سّياسية بأهداف محدّدة،وتؤكد المدرسة الغربية في العلوم السياسية على أهمية الإعلام والاتصال باعتبارهأبرز مكونات النظام السّياسي المعاصر..

وعليه ليس من المنطقي وبكل بساطة أن نتوقع من جهازإعلامي عربي مثل “الجزيرة” أن يكون غير متحيّز إزاء القضايا الأساسيةمثل قضية فلسطين التي يُجمع العرب الرأي عليها.. ألم تقر لجنة بمجلس النوابالأمريكي (الكونجرس) قبل أكثر من عقد من الزمان تخصيص مبلغ 245 مليون دولار لبدءبث تلفزيوني وإذاعي وبرامج تبادل ثقافي موجهة إلى منطقة الشرق الأوسط؟ وجاء ذلكبعد الإشارة إلى أن قناة الجزيرة كانت صوتاً مؤثراً في المنطقة. وتم إقرار ذلك ضمنمشروع قانون أُطلق عليه برامج “دبلوماسية الرأي العام” يخصص أموالاًلإنشاء قناة تلفزيون فضائية باللغة العربية تبث إرسالها 24 ساعة يوميا وموجهةللشرق الأوسط. وقد سُمّيت هذه القناة لاحقاً بقناة الحرّة. وأشار كاتب – آنذاك -في صحيفة الاندبندنت البريطانية إلى أن هناك قلقاً أمريكياً كبيراً بخصوص تأثيرالجزيرة على الرأي العام العربي، مما دفع الحكومة الأمريكية في العام 2003م إلىإنشاء تلك القناة.

ربما كنا اليوم أكثر قناعة بأن قيماً مثل الحريةوالموضوعية في ظل ارتباط السياسة في الغرب بالإعلام تكون أقرب إلى الأطر النظريةمن الفعل الحقيقي، فعلى سبيل المثال تعمل هيئة الإذاعة البريطانية من الناحيةالنظرية مستقلة عن الحكومات والأحزاب السّياسية والمصالح المختلفة، ولكنها تظل فيالنهاية خاضعة لإرادة البرلمان، وهي تعمل باعتبارها شركة بتفويض من البرلمان، وذلكلعدد معين من السنوات..

وتقدم هيئة الإذاعة البريطانية وجهة النظر البريطانيةالرسمية من خلال تصريحات المسؤولين وإجراء مقابلات، وتتحقق وزارة الخارجيةالبريطانية من عدم تقديم الإذاعة باستمرار لمعلومات معارضة للحكومة، وتحاول وزارةالخارجية أحياناً أن تمارس سلطاتها بإرسال مسؤول صغير ليتحدث كضابط اتصال معالمسؤول المختص في الهيئة العتيقة.. في الولايات المتحدة، بات معروفاً لدى وسائلالاتصال الجماهيرية ما اشتهر بمصطلح “متطلبات الأمن القومي الأمريكي” فيمواجهة “الأضرار” التي يمكن أن تصيب الرأي العام الأمريكي بالعطب أوالخلل في اطلاعه على الوقائع الحقيقية لمجريات ونتائج المغامرات العسكريةالأمريكية حول العالم.. ليس هذا فحسب بل إن نفوذ الدولة اليهودية قائم في كل مكانبشكل كبير عن طريق امتلاك الإعلام حول العالم والإشراف على القنوات الفضائيةالعالمية والصحافة ودور النشر ووكالات الأنباء.

عبر الإعلام يقود اليهود عبر العالم بذور الفتن والشرورليبقوا سادة العالم؛ يقول اليهودي الدكتور أوسكار ليفي في الطبعة الخامسة لكتاببروتوكولات صهيون، ترجمة عباس محمود العقاد: “نحن اليهود لسنا إلا سادةالعالم ومفسديه، ومحركي الفتن فيه وجلاديه”.. بسبب هذه العقلية اليهودية ظلموقف تركيا وهي الظهير القوي للأمة العربية والإسلامية، منذ انقلاب “أتاتورك”ولوقت قريب تجاه العرب لا يفسره إلا نفوذ اليهود في تركيا، فلو بقيت الخلافةالعثمانية ـ رغم ضعفها ـ قائمة لما أمكن قيام وطن يهودي في فلسطين، فنكب اليهودتركيا لذلك بتسليط بريطانيا عليها أثناء الحرب العالمية الأولى، وكادت بريطانياتعقد الصلح مع تركيا أثناءها، ولكن اليهود عطلوه بزعامة وايزمان رئيس “إسرائيل”ـ كما ذكر هو في مذكراته ـ وبمساعدة بعض النساء فهم الذين حالوا دون الصلح بينهما،حتى تخرب تركيا وتنحل خلافتها وتمتد حاجة بريطانيا بشدة إلى اليهود. كما كان لهمنصيب كبير في إلغاء الخلافة، وكان أحد الثلاثة الذين سلموا الخليفة قرار العزليهودياً. وكان لنفوذهم أكبر الأثر في طرح تركيا دينها الإسلامي وقوانينها الإسلاميوقوانينها الإسلامية ومحاربة اللغة العربية والتبرؤ من صلاتها بالعرب.

صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات