حرب إبادة على غزة: فوق الأرض بكرامة أو تحتها بشرف

هذه الحرب تختلف عن كل سوابقها. إنها حرب إبادة ومن قالغير ذلك فقد انحرف عن الحق واصطف إلى جانب نتنياهو ويعالون. المطلوب اجتثات كل إنسانفي غزة، تحقيقاً لحلم إسحق رابين الذي تمنى أن يستيقظ يوماً ويرى البحر قد ابتلعغزة. حلم رابين الآن انتقل إلى كثير من الحكام العرب، الذين يتسامحون مع قتل أطفالغزة ويتشفون لإحراقها بقاذفات الموت، لأن غزة تعريهم وتكشف أضاليلهم وتضعهم فيدائرة الشبهة والانهيار الخلقي والوطني والإنساني.
بعد حرب غزة هذه لا نريد لأحد أن يحاضرنا عن الدولالعظيمة والجيوش العظيمة والقادة العظام. لقد سقطت هذه المقولات التافهة مع سقوط أطفالمدرسة بيت حانون ومذابح الشجاعية وخزاعة ومخيم الشاطئ وجباليا وسوق الشجاعية، وحبلالمذابح ما زال منطلقاً على غاربه. دم الاطفال سيلطخ وجوه جنرالات وأمراء ورؤساءالعرب الذين اصطفوا إلى جانب القاتل وبكل وقاحة ووجهوا اللوم للضحية كما فعل «أشباهالرجال» في حرب عام 2006. انتصار المقاومة سيحشر هؤلاء الأقزام في زاوية معنتنياهو وغولدا مائير وبن غوريون ودايان وشارون وموفاز «وفشروا» أن ترتبط أسماؤهمبجمال عبد الناصر وعبد المنعم رياض وسعد الدين الشاذلي وعلي صبري ومحمد فوزي. منيقف في صف العدو ويدافع عنه ويطلق رعاع الإعلام الساقط ليتشفوا بقتل أطفال غزة لايستحق إلا أن يقذف بالأحذية، كما فعل المذيع الأردني حسام العبدلات «حياه الله».لعنة ابدية ستلاحق أنصار حزب «إسرائيل بيتنا» العرب الذين ينفثون سمومهم ضد الشعبالفلسطيني المناضل، الذي يدفع ضريبة الدم نيابة عن نظام عربي فاسد وخانع ومرتزق.هذه الحرب عرّت كافة الحقائق. فهذا العدو لا يعطي الفلسطينيين إلا أحد خيارين«الموت السريع قتلاً أو الموت البطيء ذلاً وخنوعاً». في الحالة الأولى تأتيالطائرات والمدفعية والسفن الحربية والدرونز والقنابل الفوسفورية فتحول البيوتوالمدارس والشواطئ وملاعب الأطفال والملاجئ والمستشفيات إلى ساحات قتل. وفي الحالةالثانية تصادر الأرض أمام عينيك وتبنى الجدران العنصرية فوقها وتسمن المستوطناتوتهود القدس ويعتقل الآلاف وتهدم البيوت وتفتح الطرق الالتفافية وتحول الشرطة إلىجهاز أمن لهم، واذا صدف وأبديت احتجاجاً على هذه المنظومة فأنت إرهابي يجوز قتلك.وما دمت ساكتاً خانعاً تفاوض من أجل المفاوضات سنة او خمس سنين أو عشرين سنة بدون أنترتقي بأحلامك أبعد من السماح لك بأن تعيش كما تعيش البهائم فأنت فلسطيني جيد.
هذه الحرب كشفت حقيقة أخرى ساطعة كالشمس، وهي أن “إسرائيل”لا تحسب حساباً لأحد إلا للمقاومة، ولا يمكن استرداد الحقوق إلا بالمقاومة بكافة أشكالها.لقد آن الأوان لمجموعة أوسلو التي تورطت في هذه المستنقع أن تعترف بخطئها التاريخيالذي جر كل هذه الويلات على الشعب الفلسطيني. آن لها أن تعتذر عن اتفاقيات أوسلووما تبعها من اتفاقيات لاحقة: اتفاقية أوسلو 2 (القاهرة 1994) واتفاقية باريسالاقتصادية (1995) واتفاقية واي ريفر حول الخليل (1998) التي عمقت الاحتلال وأعطت “إسرائيل”الفرصة لابتلاع الأرض وتهويدها، وربط عجلة الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي. عليها أنتعلن ان فلسطين دولة تحت الاحتلال والمطلوب تحريرها. وعليها أن تعلن أن الشعبالفلسطيني كله متحد خلف منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعبالفلسطيني على أرضية المقاومة لا عبثية المفاوضات اللانهائية، وهي التي ستخوضالنضال لتحرير دولة فلسطين بكافة الوسائل. المقاومة فكر وأيديولوجيا قبل أن تكونسلاحاً. وأسلحة المقاطعة والعقوبات قد تكون أكثر تاثيراً من بعض الأسلحة الحديثة.فلتبدا المسيرة الآن وليس غداً.
مخيم قلندية – في وداع شهيد آخر
أتمنى على كل فلسطيني يزور الوطن في الصيف أن يأخذ جولةفي مخيم قلندية – نقطة الاحتكاك اليومية مع المحتل، حيث يوجد حاجز قلندية الأشبهبنقطة عبور دولية نحو القدس. يعبـُر الفلسطينيون من خلال اقفاص سلكية كاقفاصالدجاج فيتم تفتيشهم أربع مرات – الجسم والوثائق وحقيبة اليد والمشتريات. ويقررالجندي الأثيوبي او الأوكراني او النيويوركي ما إذا كان يسمح للفلسطيني بأن يدخلالقدس أم لا.
إقيم المخيم عام 1949 بطريقة عشوائية لا علاقة لهبمعايير الصحة أو السلامة او البيئة او الحداثة. إنه عبارة عن أكوام متراصة منبيوت الطوب المتداخلة في بعضها بعضاً، ومياه المجاري والطرق المحفرة وتجمعاتالقمامة تنتشر في كل الأزقة والشوارع والطرق الترابية. ويتكدس في المخيم نحو 25000لاجئ تعود أصولهم إلى نحو 52 قرية من قرى وسط فلسطين مثل، اللد والرملة ويافاوالقدس. في ظل ضيق العيش والشظف والقهر ظل مخيم قلنديا «ساعداً يشتد في النسيانفينجب زعتراً ومقاتلين»، حيث تربى أبناء المخيم على حب فلسطين والحنين إلى ديارهمالاولى، وكان أحد أهم معاقل الانتفاضتين الأولى والثانية. ولا يكاد يمر أسبوع بدوناحتكاك مع الحاجز اللعين الذي يذكر كل ابناء المخيم بهذا العدو الذي اقتلعهم منديارهم الأصلية ورمى بهم إلى دروب المنافي.
يوم الخميس 24 تموز/يوليو- وكانت ليلة القدر- كان المخيمعلى موعد مع مسيرة التضامن مع غزة التي إنطلقت من مخيم الأمعري قرب رام الله. أطلقعلى المظاهرة الليلية التي انطلقت الساعة 9:30 مساء مسيرة الـ 48 ألف تذكيراًبالسنة الأولى للنكبة التي تربط بين أبناء المخيمين. لقد كانت مسيرة مهيبة زاد عددالمشاركين فيها عن 20 ألف متظاهر. اقتربت المسيرة من المعبر اللعين وهي ترفعشعارات التضامن مع غزة وتبجيل صمود المقاومة والوحدة الوطنية وعدم الاستسلام، وإذابالجنود المذعورين المختبئين في برج المراقبة يفتحون النار على من كانوا فيالمقدمة عند نقطة التماس. نيران غزيرة انهمرت على الجموع وقنابل غاز ورصاص مطاطيوبدا الجرحى يتساقطون بالعشرات وسيارات الإسعاف لم تستطع التكفل بهذا العدد الذيزاد عن 150 جريحاً. لكن شاباً اسمه محمد زياد الأعرج، وعمره 17 سنة، كان قد احتفلبعيد ميلاده في اليوم نفسه، تلقى طلقة في جبينه فخر شهيداً.
كان مسجد المخيم على موعد في آخر جمعة في رمضان مع آلافالمصلين الذي جاؤوا من كل أنحاء الوطن للصلاة على الشهيد وتشييعه إلى مثواهالاخير. لم أسمع أبداً خطبة جمعة بهذا الوضوح الثوري والحس الوطني العالي وتعبئةالجماهير ضد المحتل، مثل تلك الخطبة النارية التي ألقاها أمام المسجد حسن علقم.لقد كانت الخطبة درساً في كيفية مقاومة العدو الظالم القاهر وضرورة الوحدةالوطنية، ثم هاجم الدول العربية الصامتة والمتآمرة والمشاركة في العدوان على أبطالغزة. قال لي صديق من المخيم لو لم يكن متطرفاً في طرحة لما وجد أذاناً صاغية فيمخيم البؤس والعذاب هذا. هؤلاء هم ضحايا إنشاء “إسرائيل”، فهل تتوقع أنيكونوا حنونين عليها مثل غيرهم. دموع وهتافات وتكبيرات يتردد صداها على مسامعالحاجز الذي لا يبعد عن مكان الدفن أكثر من كيلومتر واحد. دعهم يشاهدون الجموع –دعهم يسمعون الحناجر- دعهم يتحسسون الغليان الذي يمور في الصدور وعلى وشك الانفجارالكبير. هذا شعب لا ينكسر- لا يستسلم – لا ينسى – لا يخاف. الشهادة عنده مرتبةينالها من يستحقها عن جدارة».
رام الله ـ عيد حزين للأطفال- مدينة ملاهي مخماس تكادتكون فارغة
كيف استقبل أطفال الضفة العيد؟ أمن حقهم ان يفرحوا أم انالحزن والمصائب لم تترك مكاناً للفرح حتى للأبرياء من الأطفال؟ هل من الحكمة أنيشرك الأهل أطفالهم في تفاصيل الأحداث في غزة؟ توجهنا إلى مدينة مخماس الترفيهيةالخاصة بالأطفال في رام الله لنشاهد بأنفسنا ما اذا كان هناك أطفال يحتفلون بعيدالفطر. إنها المكان الوحيد الذي كان يستقطب الآلاف من الأطفال وأهاليهم، خاصة فيالأعياد. «المشكلة ليست في الأطفال، بل في أهاليهم الذين يشعرون بالذنب لو احضروا أطفالهمللألعاب، بينما أبناء غزة تمزق أجسادهم الطائرات المقاتلة»، قال لنا السيد وجيهالحاج صاحب مدينة الملاهي ومديرها العام، إن الحضــــور هذا العيد لا يتجاوز عشرةبالمئة مماً اعتدنا عليه في الأعياد الماضية. كنا أحياناً نضطر لاغلاق المدينةلشدة الازدحام أيام الأعياد. الآلاف يأتوننا من فلسطينيي الداخل ومحافظة الخليل فيالجنوب ونابلس وطولكرم وجنين من الشمال. بسبب الأحداث لم يصلنا أحد إلا من رامالله وضواحيها. إن هناك شعوراً بالذنب لدى الآباء، وكأن الذي يأخذ ابنه للترفيهالبسيط غير حساس بآلام الوطن.
بنيت المدينة عام 2009 برأسمال محلي وأصبحت أحد أهممعالم مدينة رام الله. فالمنشآت الترفيهية للأطفال لم تكن معروفة في فلسطين. وقدبنيت المدينة على نحو 16 دونماً تقريباً وتحوي كافة ماكينات الترفيه الحديثةالم
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....

الأمم المتحدة: عدد الوجبات اليومية المقدمة في غزة تراجع بنسبة 70%
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة انخفض هذا...