الإثنين 12/مايو/2025

مصر وفلسطين.. تحريك الجيوش أم تشغيل العقول؟

مصر وفلسطين.. تحريك الجيوش أم تشغيل العقول؟

من الأهمية -مع تصاعد العدوان الصهيوني على غزة- العودةمن جديد للتذكير بأبجديات علاقة مصر بالقضية الفلسطينية، وذلك من نواح ثلاث:الأضرار التي تسبب فيها خروج مصر من الصراع، والأبعاد الرئيسية للإستراتيجيةالمعتمدة حالياً من جانب الصهاينة لضرب أمننا القومي وإشغال المنطقة بصراعاتوهمية، والمعالم الأساسية للمواجهة وتصحيح المسار.

الإضرار بالمصالح

استطاعت دولة الاحتلال، وبشكل مدروس وتدريجي، الإضراربالمصالح الإستراتيجية لمصر والدول العربية عبر اعتماد سياسات محددة.

بدأ الأمر بتحييد مصر عبر اتفاقية السلام المنفردة،وكانت حجة السادات هي التفرغ لبناء مصر وتحقيق التنمية، لكن ما حدث هو أن سيناءظلت بموجب الاتفاقية منزوعة السلاح، كما غابت عنها التنمية تماماً، بل ولم تشهدمصر كلها أي برامج تنمية حقيقية.

وفتح خروج مصر من الصراع الباب أمام اعتراف مزيد منالدول بدولة الاحتلال وتعزيز علاقتها بالكثير من الدول كالصين والهند والكثير منالدول الإفريقية واللاتينية، وفتح الباب أيضاً لهدم ثوابت الأمن القومي العربي كلهوتغيير موازين القوة بالمنطقة.

فقد تفرغ الإسرائيليون لتصفية المقاومة وضرب منظمةالتحرير واحتلال لبنان وتدمير المفاعل العراقي واختراق النظام العربي. وأكملحلفاؤهم الأميركيون والأوروبيون المهمة من خلال دعم الحكومات العربية المستبدةووضع فيتو على ظهور حكومات منتخبة ومسؤولة، ثم باحتلال العراق وتفكيك جيشه.

وفي أعقاب حرب الخليج الثانية وخلال مرحلة أوسلو تمتحييد المنظومة القانونية الدولية بشأن الصراع برغم أنها لم تكن منصفة بالكامل.فقد سلمت اتفاقيات أوسلو القضية برمتها للولايات المتحدة ومن ورائها اللوبيالصهيوني حليف الحكومات الإسرائيلية المختلفة. وهنا اعتبر البعض أن دور مصر تحولإلى مجرد وسيط سياسي للقاءات الفلسطينية الإسرائيلية التي كان هدفها خداعالفلسطينيين بينما تتضاعف أعداد المستوطنين وتستمر خطة تهويد ما تبقى من فلسطين.

وفى ظل صمت نظام مبارك، طلب االأميركيون والإسرائيليونمن الفلسطينيين التنازل عن كل شيء تقريبا (تقرير المصير والمقاومة والقدس وحقوقاللاجئين والعودة والتعويضات) مقابل لا شيء تقريبا (حكم ذاتي محدود، أو وعدٌ بكيانيسمى “دولة” منزوعة السيادة والسلاح)، لتتحول القضية من قضية احتلالوحقوق مسلوبة إلى أراضٍ متنازع عليها.

ثم اعتبر البعض أن دور مصر تحول بعد أحداث سبتمبر/أيلول2001 من وسيط سياسي إلى مجرد قناة اتصال أمنية، وأحكمت اتفاقية فيلادلفيا المصريةالإسرائيلية (2005) حصار غزة بحظرها دخول السلع والأشخاص بشكل طبيعي، وتفاقمتتداعيات هذا الاتفاق بعد سيطرة حماس على غزة.

وبعد ثورة 25 يناير، ظهر أن ملف فلسطين ينكمش ليكون ملفغزة فقط، ورأى البعض أن الملف ظل ملفاً أمنياً ولم يُسلم أبداً للمؤسسات المدنيةالمنتخبة، وتفاقم الوضع بعد 30 يونيو/حزيران حتى سمعنا معلقاً إسرائيلياً يقول منذشهور إن حصار الإسرائيليين على غزة لا يمنع المساعدات الإنسانية على عكس سياسةالحكومة المصرية الحالية. ربما تكون هناك مبالغة بشأن السياسة الإسرائيلية، لكنبالنسبة لمصر نعرف جيداً أن المعبر ظل مغلقاً لفترات طويلة، ولا يزال مغلقاً بعدالعدوان الحالي.

وظلت مقولة “الوطن البديل” تتردد منذ أياممبارك دون أن يؤكدها طرف واحد، حيث ظهرت المقولة بعدما روجت لها دراسة إسرائيلية،ثم استخدمت لاحقاً لتبرير مواقف مبارك المخزية من العدوان على غزة. ثم وظفت مؤخرابعد إضافة الإخوان الذين أرادوا -حسب الرواية- بيع جزء من سيناء إلى أهل غزة.

لكن ما نعرفه حقيقة هو أنه عندما عَبَرَ الآلاف من الشعبالفلسطيني الحدود خلال عدوان 2008 ـ 2009 لم يبق أحد منهم بمصر، فقد جاؤوا لشراءمستلزمات الحياة وعادوا لوطنهم المحتل. وفى السابق ظل أهل غزة تحت حكم مصر (1948ــ1967) ولم يتخل أحد منهم عن وطنه، ومن جاء إلى مصر جاء إليها مضطراً، لاجئاًومطروداً بعد هزيمة 1967.

وازداد الأمر سوءاً في الشهور الأخيرة وظهرت مواقف لمنشاهدها حتى أيام مبارك، فبدون أدلة قاطعة صارت حماس، في الرواية الرسمية، متورطةفي عمليات العنف بسيناء، الأمر الذى تطلب غلق مئات الأنفاق (لكن دون فتح معبر رفحبشكل دائم وشرعي)، بجانب اعتبار حماس منظمة إرهابية ومحاكمة الإخوان على”تخابرهم” معها. وقد واكب هذا إطلاق يد بعض الصحفيين لتشويه المقاومةبشكل مخجل، ووصل الأمر بالبعض حد تشجيع الإسرائيليين على ضرب غزة.

إشعال المنطقة

تطورت إستراتيجية دولة الاحتلال في التعامل مع دولالمنطقة من النظر إليها من منظار “المعتدلين” و”المتطرفين”إلى التركيز على تناقضين اثنين لهما نتائج كارثية هما “سنة مقابل شيعة”،و”أيديولوجيا ودين مقابل واقعية وحداثة”.

فلعقود مضت قامت الإستراتيجية الصهيونية على تقسيمالمنطقة إلى معسكرين، الأول أطلق عليه معسكر “المعتدلين”. ويعني”الاعتدال” الاعتراف بدولة الاحتلال والتطبيع معها، وإسقاط المقاطعة،ومحاصرة المقاومة، والسيطرة على الشارع العربي. والثاني معسكر”المتطرفين” وضم المقاومة الفلسطينية واللبنانية بجميع تياراتها ودولاًداعمة لها.

وهذه الإستراتيجية في جوهرها إستراتيجية صهيونيةأميركية، فلأجل ضمان السيطرة على مصادر الطاقة واستجابة للوبيات الصهيونية، ظلتأميركا تحافظ على الاستبداد في المنطقة كضمانة لوجود حكام يعتمدون في وجودهم علىالداعم الخارجي ومن ثم يسهل السيطرة عليهم. ومع اعتماد الأنظمة”المعتدلة” على العامل الأمني في الداخل، أصبحت مواجهة “المتطرفين”هدفاً مشتركاً للإسرائيليين وبعض الحكومات العربية.

ولكن كان لهذه الإستراتيجية آثار جانبية، فقد وصل تهديدالجماعات الراديكالية المعارضة إلى القلب الأميركي مع أحداث سبتمبر/أيلول 2001بدلاً من احتوائه في موطنه الأساسي، كما ساهمت في تفاقم الأوضاع بالدول العربيةحتى تمكنت الشعوب من دخول المعادلة والثورة على أوضاعها الداخلية، ومن ثم تهديدهذه الإستراتيجية، لأن الثورات ستؤدي -حال نجاحها- إلى ظهور حكومات مسؤولة ومنتخبةلن تعتمد في بقائها على الداعمين الأمني والخارجي وستكون سياستها الخارجية أكثراستقلالاً، ما يضرب بقوة فكرة تقسيم المنطقة إلى “معتدلين”و”متطرفين”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....