الثلاثاء 13/مايو/2025

حق إسرائيل في الدفاع عن النفس

حق إسرائيل في الدفاع عن النفس

مع كل عدوان إسرائيلي يتسابق الساسة الأمريكيون ومعظمنظرائهم في الدول الغربية في الترديد الدائم والسمج لمقولة «حق إسرائيل في الدفاععن نفسها» بما يشبه جوقة كورال للأطفال.

لا جديد هذه المرة أيضاً مع العدوان على غزة… نفس الصيغالمعلبة تعود باستمرار على لسان الرئيس أوباما ونظرائه الأوروبيين وغيرهم من كنداإلى أستراليا مع أن هذه الإسطوانة المشروخة تحتاج إلى وقفة على أكثر من صعيد. منالناحية القانونية، يؤكد الخبراء أن غزة هي من يرزح تحت الإحتلال وجميع المواثيقالدولية ومنها ميثاق الأمم المتحدة تتضمن حق «الدفاع عن النفس» ضد أي عدوان أواحتلال. وبالتالي فإن ما تقوم به المقاومة الفلسطينية هو الذي يمكن أن يطلق عليهبالتعبير القانوني «دفاع عن النفس» وليس ما تقوم به قوات الاحتلال. ويضيف هؤلاءالخبراء بأنه لا يمكن بحال قبول حجة الإسرائيليين بأن عدوانهم على الشعب الرازحتحت الاحتلال «دفاع عن النفس» إذ رفضت محكمة العدل الدولية في فتواها المتعلقةبالجدار العازل حجة “إسرائيل” القائمة على زعم ذلك حين نصت المحكمة قبلزهاء الخمسة أعوام أنه «لا يوجد حق الدفاع عن النفس للمحتل في القانون الدولي».

وحتى بعيداً عن القانون، طالما أن لا أحد من مؤيدي “إسرائيل”يقيم عملياً وزناً لذلك ولا يمكن لأي شخص منصف ومتوازن أن يعتبر أن دفاع “إسرائيل”عن نفسها، على افتراض التسليم به جدلاً، يمكن أن يصل إلى هذا الفجور في الرد. ثمأنه من غير المعقول أيضاً أن تطلب من زهاء المليونين من الآدميين المحاصرين براًوبحراً وجواً والمحرومين في لقمة عيشهم أن يظلوا هادئين كأطفال مهذبين في فصليديره معلم صارم. وحين يعربون عن امتعاضهم بحركة أو أخرى يقع الرد عليهم بما لايقاس أصلاً بحجم ما قاموا به، خاصة عندما يكون الرد قتل عشرات الأطفال والنساءوالشيوخ مقابل صاروخ لم يسقط ضحايا، أو كأن يعترف وزير الدفاع الإسرائيلي بأنمجزرة الشجاعية الأخيرة حدثت عملياً لأن قواته لجأت إلى قصف مكثف لإجلاء قتلاهاوجرحاها!!

وسط ليّ الحقائق والتعسف على أبسط مقومات التفكير السليموالعادل الذي يفترض أن الإنسانية قد وصلت إليه الآن من المهم جداً العثور علىتصريح منصف حتى وإن جاء من مسؤول أمريكي سابق. فقد أكد زبغينو بريجنسكي مستشارالأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر (1977-1981) والأستاذ الجامعي في مادةالسياسة الخارجية الأمريكية أن نتنياهو ارتكب خطأ فادحاً بهجومه على غزة. وأوضحبالقول إنه «عندما قبلت حماس فكرة المشاركة في القيادة الفلسطينية فإنها اعترفتعملياً بقرار تلك القيادة بالسعي إلى الحل السلمي مع إسرائيل وذلك كان خياراًحقيقياً». ورأى بريجنسكي في مقابلة مع قناة «سي أن أن» الأمريكية أنه «كان يفترضفي نتنياهو أن يتمسك بذلك الخيار ولكنه بدلاً من ذلك شن حملة تشويه ضد حماس مستغلاًمقتل المستوطنين الثلاثة باتهام الحركة على الفور بالتورط في قتلهم بدون أي دليلواستخدم ذلك الأمر لشحن الرأي العام الإسرائيلي وتقليبه من أجل خلق المبرر لذلكالهجوم الشرس على غزة».

عندما تقارن هذا الكلام بما يعيده جون كيرى بلا كلللأكثر من قناة تلفزيونية أمريكية هذين اليومين من أن «إسرائيل تحت حصار منظمةإرهابية تحفر الأنفاق وتحاول خطف مواطنين إسرائيليين والعودة بهم كأسرى، وليس هناكأي دولة بإمكانها أن تتغاضى عن هذا الأمر وأن تجلس مكتوفة الأيدي ولا تحاولالتعامل مع أناس يضربونها بآلاف الصواريخ»… أو عندما يقول بأن «إسرائيل لديها مطلقالحق في الدفاع عن نفسها، لكننا نأمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أسرع وقتممكن، ولكن لا يمكننا مكافأة الإرهابيين ومنحهم الفرصة لفرض شروط مسبقة»… فإنالفجوة كبيرة للغاية في منطق النظر إلى الحدث نفسه. وحتى عندما سئل كيري الذي يزورالمنطقة هذه الأيام عما إذا كانت بلاده تشعر بالارتياح إزاء الأفعال الإسرائيليةفي غزة قال «ليست هناك دولة أو إنسان يشعر بالارتياح لقتل الأطفال والناس، ولكننالسنا مرتاحين لقتل الجنود الإسرائيليين أو لقصف الناس بالصواريخ في إسرائيل». ولماسئل كذلك إذا كانت “إسرائيل” مضت بعيداً في هجومها على غزة، لم يجدجواباً أفضل من القول «أعتقد أن هناك وضعاً صعباً للغاية، فهناك أناس يستخدمونالأنفاق، ومن حق “إسرائيل” تدمير تلك الأنفاق، ونحن ندعم ذلك بشكل تام،كما ندعم “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها ضد الصواريخ التي تستمر بالسقوطعليها».

إنه منطق ظالم لا منطق له. ومن فرط ظلمه لم يعد بيدالفلسطينيين من خيار سوى التصدي له ببسالة وهو ما يفعلون.

صحيفة القدس العربي اللندنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات