الإثنين 12/مايو/2025

فرحة الأمة في ليل الانكسارات

فرحة الأمة في ليل الانكسارات

الانتصارات والإنجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينيةفي غزة، وخصوصاً حركة حماس، في الأيام القليلة الماضية خلفت فرحاً غامراً في قلوبالسواد الأعظم من الأمة.

قال لي صديقي معلِّقاً على تغريدة بهذا الفحوى كتبتهاعقب العمليات النوعية للمقاومة في مواجهة العدوان الصهيوني على غزة والأداء الرائعلها، والمفاجآت التي أذهلت العدو، قال: “منذ زمن لم نسمع بأخبار تسرّ الفؤادوالخاطر”.

ولعل وراء هذه الفرحة غير المستغربة أسبابا كثيرة، لعلأهمها:

– أعادت أداء الفصائل الفلسطينية الرائع للمقاومة ألقها،في مواجهة احتلال مغرور متغطرس، كان يفاخر بجبروته وانتصاراته في المعاركوالمواجهات التي يخوضها ضد الفلسطينيين والعرب، رغم عدم التكافؤ في موازين القوى.ولعل ما حدث مؤخراً هو من المرات القليلة التي يشعر الاحتلال فيها بأنه أمام تحوّلنوعي في أداء المقاومة التي آلمته، “إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كماتألمون وترجون من الله ما لا يرجون”، وجعلته يعيد اعتباراته في أي هجوم قادمضدها، وضد الأراضي الفلسطينية، ويحسب لذلك ألف حساب.

– ردّت انتصارات المقاومة للأمة شيئاً من كرامتهاوعزتها، فقد اعتادت الأمة في منازلاتها ومواجهاتها الأخيرة مع الاحتلال أن ينفردبها الأخير، اعتقالاً وتشريداً وإعمالاً للمجازر البشعة، وتلقياً للصفعات وتكبيداًلها في الخسائر، ولعل من أسباب ذلك الركون منذ عقود إلى ما يسمى بعمليات السلام،واتفاقيات الذلّ المصاحبة لها، والتعاون الأمني مع الاحتلال، مع ما يلاقيه هذاالتوجه من دعم أنظمة عربية متصهينة أو مستكينة.

– لأول مرة في عصرنا الحديث تلتقي إرادة الربيع العربيضد الأنظمة المستبدة مع إرادة مناهضة الاحتلال، في وقت واحد، لتعيد للأمة حقهاالمسلوب وكرامتها المهدورة منذ عقود، ولا شك أن أي انتصار لطرفي هذه المعادلةسيثلج صدر الطرف الآخر، لأنه سينعكس إيجاباً عليه، ويسهم في توفير الدعم المعنويوربما المادي له، لأن الانتصار على الظلم تصبّ أهدافه في نهاية المطاف في مرمىواحد.

– انتصارات المقاومة التي حققتها ومازالت، بتوفيق منالله وبعزائم المجاهدين الصادقين، تكتسب أهمية خاصة هذه المرة، نظرا لأن الله أخزىبعض الأنظمة العربية التي وفرت غطاء سياسيا للعدوان الصهيوني وباركته، كما أشارتتقارير استخبارات دولية، ولأن كثيرين من الذين حسبوا أن غياب الدعم الإيرانيوالسوري عن المقاومة، وغياب دعم أنظمة الربيع العربي (كنظام الرئيس مرسي) سيفتّ فيعضد المقاومة، وسيلحق بها هزيمة نكراء، لكنّ الله خيب آمال الجهات التي سبق ذكرها،وأثبتت المقاومة بحسن توكّلها على الله وحسن إعدادها وتدبيرها في السنوات الماضية،أنها قادرة على صنع المفاجآت المذهلة، بإمكانات ذاتية وأخذ بالأسباب: “ومنيتوكل على الله فهو حسبه”.

– الحراك الأخير وما تحقّق من إنجازات نتيجة له، جسّدالصورة النقية للمقاومة، وكشف الفرق بين المقاومة الشريفة بحق من جهة، وبين أدعياءمحور الممانعة والمقاومة الذين يدعمون الأنظمة المستبدة، ويقفون إلى جانب جلاديهاويساهمون في قتل أطفالها من جهة أخرى.

منذ عقود ثمة من يدّعي المقاومة من الأنظمة العربية،كالنظام السوري، رغم أنه لم تُطلق طلقة واحدة عبر حدوده، وكان ضد الفصائلالفلسطينية في لبنان، وعمل على الإثخان فيها، وثمة من ألصق نفسه بالمقاومة منالأحزاب والجماعات، ثم التقى مع الأنظمة المستبدة وأسهم في إجهاض ثورة شعب وشاركفي قتل الأبرياء تحت غطاء دعم محور الممانعة، والكلام هنا عن حزب الله، ثم هو الآنيواصل دعم هذا النظام، ويكتفي بموقف المتفرج من المجازر التي تتعرض لها غزة، دونأن يكلف نفسه عناء إطلاق صاروخ من الصواريخ التي طالما تباهى بإمكانية وصولها إلىما بعد حيفا.

وفي المقابل خسرت حركة حماس دعم النظام السوري والإيرانيمنذ سنتين بسبب رفضها تأييد نظام الأسد في قتل شعبه، ورفضه للإصلاحات السياسية،لتؤكد بصورة مشرقة أنّ المقاومة لا تلتقي مع الاستبداد، وترفض أي مساومة على ذلك،وتعرّي بمواقفها المبدئية وانتصاراتها أدعياء الممانعة والمقاومة.

– قد يكون من الإفرازات المحتملة لهذه الانتصارات إمكانتحقيق مكاسب سياسية للمقاومة، لعل من أهمها كسر الحصار عن غزة وإطلاق سراح الأسرى،إن شاء الله.

– وأخيراً تعكس فرحة الشعوب بانتصارات المقاومة الراهنةفخرها بأحد مكوناتها المهمّة التي تدافع نيابة عنها وعن شرفها وأمنها ووجودها،تماماً كما تفرح العائلات والدول بأبنائها المتميزين علمياً أو فكرياً، فتحقيقالنجاح والتميز والإنجازات الواضحة في كل أمر من الأمور مدعاة للسرور والارتياحوالغبطة.

صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات