عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

غضب الضفة وسلطتها ومجلسها التشـريعي

غضب الضفة وسلطتها ومجلسها التشـريعي

حملة اعتقالات واسعة شنتها سلطات الاحتلال الصهيوني بحقرموز وكوادر حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وبعض العناصر الأخرى خلالالأسابيع الماضية، بدأت بعد أسر المستوطنين الثلاثة، وطالت ما يقرب من ألف منكوادر الحركة.

فجر الاثنين الماضي، كانت مدن الضفة على موعد مع وجبةاعتقالات جديدة طالت 11 نائباً من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني (من حماس طبعاً)،وطالت العشرات من الكوادر، كما طالت وهنا المفارقة الدكتور عبد الستار قاسم، أستاذالعلوم السياسية في جامعة النجاح، وأحد الرموز المشهود لهم بالوطنية والصلابة، وهورجل كما يعلم الجميع مستقل ولا ينتمي لأي تنظيم. بعد ذلك بأيام اعتقل نائبانآخران، مع تواصل الحملة بوتيرة متفاوتة.

ثمة الكثير مما يمكن أن يقال في هذا السياق الذي نحنبصدده، لكن الذي يعنينا أولاً هي دلالة هذه الاعتقالات من حيث التوقيت، أعنيالوجبة الأخيرة التي لا تأتي بهدف الانتقام من حماس وحسب، إذ تم الأمر قبل ذلك، بلتأتي خشية تصعيد الوضع في الضفة الغربية ضد الاحتلال بما يمكن أن يؤثر جوهرياً علىمسار العملية الجارية ضد قطاع غزة.

لاشيء كما قلنا من قبل يمكن أن يوقف العدوان على قطاعغزة مثل انتفاضة عارمة في الضفة الغربية، لكن السلطة التي لم تلوح حتى بوقفالتنسيق الأمني؛ لها موقفها الحاسم ضد الانتفاضة، وبالطبع خشية أن تتحول إلىانتقاضة مستمرة، ومن هنا فهي لا تجد حرجاً في محاصرة آفاق الانتفاضة، إلى جانبالتأييد الضمني لاعتقال سلطات الاحتلال لكل من يدعم مسار الانتفاضة والمقاومة،وهذا ما يفسر اعتقال الدكتور عبد الستار قاسم كما أشير من قبل.

البعد الآخر الذي يعنينا هنا في سياق الحديث عن هذهالوجبة من الاعتقالات هو دلالاتها على مسار الوضع الفلسطيني برمته، أعني السلطةووجودها وديمقراطيتها التي ينادون الآن باستعادتها بعد المصالحة وحكومة التوافق.

للتذكير فقط، يوجد الآن في سجون الاحتلال 38 نائباً مننواب المجلس التشريعي؛ 36 منهم من حركة حماس، إضافة إلى نائب فتح مروان البرغوثي،ونائب الجبهة الشعبية أحمد سعدات.

هل يستحق الأمر كثير تفكير لكي ندرك أن هذه ديمقراطيةمصممة لخدمة الاحتلال، تماماً كما هو حال السلطة ذاتها؟ وحين تقاعست السلطة عنأداء واجبها في التنسيق الأمني، ودعم قائدها (عرفات رحمه الله) انتفاضة الأقصى،استباح الاحتلال الضفة الغربية من جديد، ضمن ما يعرف بعملية السور الواقي، وبعدذلك جرى اغتيال الرجل وجيء بخليفة يرفض المقاومة رفضاً “عقائدياً”!!،وعندها عاد جيش الاحتلال إلى مسار إعادة انتشاره من جديد، ولكن مع بقاء حقه فيدخول أية منطقة يريد من أجل أن يعتقل من يريد، ربما بعد إخطار أجهزة السلطة التيلا تحرك ساكناً في مواجهته، ولكنها لا توقف التنسيق الأمني معه.

أما الديمقراطية التي تتبناها السلطة، فهي أيضاً مصممةلتكريس واقعها (أعني السلطة) في خدمة الاحتلال، فمن يريد المجلس التشريعي، ومن ثمالحكومة عليه أن يدفع الثمن بالتوقف عن المقاومة ومنح الاحتلال الأمان وانتظارعطاياه.

نفس حملة الاعتقالات التي شهدناها مؤخراً تكررت سابقاًبعد اختطاف الجندي شاليط قبل حوالي عشر سنوات، وها هي تتكرر بعد أسر المستوطنينالثلاثة وقتلهم، والآن من أجل منع أي تفاعل في الضفة مع قطاع غزة الذي يواجهالعدوان، ما يعني أن هذه السلطة ستبقى مستباحة، وكذلك ديمقراطيتها في حال فكرت فيالمقاومة، وهذا بالطبع ما يفسر تسهيل الاحتلال لانتخابات 2006، بما في ذلك إجراؤهافي القدس.

إنها كما وصفها كاتب إسرائيلي “الاختراع العبقريالمسمى سلطة فلسطينية”، وهي بالفعل كذلك، ما يعني أن أية مصالحة على قاعدةانتخابات لها، ومن ثم حكومة إنما تعني تكريس هذا الواقع البائس. على حماس بعد هذهالجولة البطولية الرائعة أن ترفض ذلك رفضاً باتاً، وتتحدث في المقابل عن انتخاباتفي الداخل والخارج لاختيار قيادة للشعب الفلسطيني. أما السلطة فتقوم على الشؤونالإدارية للشعب، وتُدار بالتوافق، ولا تقرر المسار النضالي.

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات