عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

الأنظمة الديمقراطية ملاذ آمن لليهود بالمعايير الدولية

الأنظمة الديمقراطية ملاذ آمن لليهود بالمعايير الدولية

بعد كل جولة من جولات الصراع الساخن الفلسطيني/العربي-“الإسرائيلي” يسارع الزعماء “الإسرائيليون” إلى التأكيد بأن”إسرائيل” لا تزال حصناً منيعاً وسالماً لليهود، وأنها تملك القدرة علىحمايتهم من الأخطار والتحديات الكبرى التي تحيط بهم. يقدم الزعماء”الإسرائيليون” هذه التأكيدات وفي أذهانهم أيضاً التأكيد على أن المشروعالصهيوني لم يفشل وعلى أنه، في نهاية المطاف، سوف يحقق لليهود كل ما يطمحون إليهمن أمان ورخاء وحرية، وأن هذا المشروع سوف يعوضهم عن كل ما لحق بهم في التاريخ منأذى وضرر وعذاب المحرقة.

وخلال الجولات الأخيرة من الصراع الفلسطيني-“الإسرائيلي”، لجأ الزعماء “الإسرائيليون” مرة أخرى إلى طمأنةمؤيدي المشروع الصهيوني إلى أن مشروعهم لا يزال بخير، وإلى أن “إسرائيل”لا تزال كما أرادوها قوية، منيعة قادرة على توفير الأمن لليهود. وكدليل على صوابهذه الصورة، يعود المتحمسون إلى المشروع الصهيوني إلى مسألة الهجرة من وإلى”إسرائيل” باعتبارها دليلاً لا يخيب على نجاح هذا المشروع. فحسب تقاريرمكتب الإحصاء “الإسرائيلي” المركزي، بلغ عدد المهاجرين من”إسرائيل” من عام 2011 وحتى نهاية عام 2012 ما يقارب 16.000 مهاجرومهاجرة فقط. واعتبر المكتب أن هذه الأرقام تدل على أن مستوى الهجرة خلال هذهالفترة هو الأدنى منذ التسعينات، وأنه من أدنى مستويات الهجرة في العالم.

يعتبر الأصوليون الصهاينة هذه الأرقام مؤشراً كبيراً علىأن يهود “إسرائيل” باتوا لأول مرة في تاريخ اليهودية يشعرون بالأمان.إنهم يشعرون بأن “إسرائيل” صامدة في وجه التحديات، وأن عناصر تفوقهاليست ضروباً من الأساطير. إنها تملك جيشاً لا يقهر، وسلاح جو يعتبر الثالث فيالعالم، وقبة حديدية ترد عن مدنها وأراضيها الصواريخ والقذائف، وجداراً من ناروباطون يمنع تسلل المسلحين إلى داخلها. في ظل القبة والجدار والسلاح النووي يشعر”الإسرائيلي” بثقة عالية بالنفس، ويستمد من هذا الواقع استعداداًللتضحية وللدفاع عن “أرض الميعاد”، وبالتمسك بالمشروع الصهيوني الذي وفرله هذه القدرات. ولكن هل هذه الصورة حقيقية؟ إنها عرضة للمناقشة من زاويتين:

* أولاً، أن “إسرائيل” ليست منيعة بالمقدارالذي يصوره أو يتخيله الأصوليون الصهاينة. تأكيداً لهذا الرأي يقدم ناقدون للوضعالراهن في فلسطين أدلة تنفي هذه الصورة الزاهية للمشروع الصهيونيول”إسرائيل”. فعلى الصعيد الديمغرافي يشير الون بن – مئير، الباحثالرئيسي في “مركز الشؤون العالمية في جامعة نيويورك”، إلى التحدياتالخطرة التي تواجه “إسرائيل”. يستعين بن – مئير هنا بما جاء على لساننتنياهو نفسه حينما قال في مؤتمر هيرتسيليا عام 2003 إن “إسرائيل” تواجهخطراً وجوديا خلال المستقبل غير البعيد. توقع نتنياهو أن تبلغ نسبة عرب”إسرائيل” إلى 35-45% من مجموع سكانها “إسرائيل” في المستقبلالمنظور. هذا معناه، كما جاء على لسان رئيس الحكومة “الإسرائيلي”، زوالالدولة اليهودية. فضلاً عن ذلك، أشار بن – مئير إلى إحصاءات تدل على أنه يوجدمليون “إسرائيلي” مغترب خارج “إسرائيل” وأنه ليس في سلوكالأكثرية الساحقة من هؤلاء أنهم لديهم رغبة في العودة إلى “إسرائيل”.

هناك أربعة أسباب رئيسية، كما يقول بن – مئير، تفسر حالالاغتراب “الإسرائيلي” ألا وهي: البحث عن العمل، الصراع المستمر مع الفلسطينيين،الاضطراب الأمني ورغبة أولي العائلات تجنيب أولادهم الخدمة العسكرية. كل سبب منهذه الأسباب له علاقة بالصراع الفلسطيني/العربي-“الإسرائيلي”. وهذاالصراع لن يتوقف طالما أن أسبابه مستمرة. وهذه الأسباب موجودة في عمق العقيدةالصهيونية، وخاصة في تركة فلاديمير جابوتنسكي العقائدية التي يحملها خلفاؤه وورثتهفي معسكر اليمين “الإسرائيلي” الحاكم. ومؤشرات الصراع تدل على أن”إسرائيل” قد تزداد قوة في المستقبل ولكن موازين القوى لن تكون،بالضرورة، لصالحها.

فبين الأربعينات والسبعينات لم تتمكن الدول العربية منخوض حرب فيها شيء من التكافؤ ضد “إسرائيل”. إلا أن هذا الوضع تغير عام1973 حينما تحسن الأداء العسكري العربي، وحينما بدا الكيان – المعبد”الإسرائيلي” مهدداً بالسقوط كما جاء في مذكرات غولدا مئير. وبينالسبعينات والألفية الثالثة، لم تتمكن المقاومة العربية من إخراج الاحتلال”الإسرائيلي” من أي أرض عربية، ولكنها عام 2000 تمكنت من تحقيق هذاالهدف عندما اضطرت قوات الاحتلال إلى مغادرة الأراضي اللبنانية من دون تحقيق أيمكسب. هذه المنعطفات تدل على أن “إسرائيل” قوية ولكن ليس إلى درجةالتحكم في مسار التاريخ وتحديد أهدافه وإرضاخه لغائيات المشروع الصهيوني.

* ثانياً، أن اليهودي كثيراً ما وجد، مثل غيره من اتباعالعقائد الدينية الأخرى، ملاذات آمنة في التاريخ وفي عالمنا الراهن. البلادالعربية ليست واحدة منها اليوم لسببين: الأول بسبب الصراعالعربي/الفلسطيني-“الإسرائيلي” وتداعياته. الثاني: لأن ما من طائفة أوجماعة دينية في المنطقة تستطيع أن تضمن أمنها وسلامتها. ولهذا الواقع أيضاً صلةقوية بالصراع العربي – “الإسرائيلي”. ولكن خارج المنطقة وخارج التاريخالراهن هل وجد اليهود ملاذات آمنة؟ توجد أمثلة كثيرة على هذه الملاذات منهاالتالية:

كل دولة ديمقراطية – بالمعايير الدولية – هي ملاذ آمنلليهود. ولقد وضع هذا المبدأ تحت المحك مراراً في هذا النوع من الديمقراطيات. فياستراليا، على سبيل المثال جرى نقاش واسع حول هذه المسألة عندما طالب مهاجر روسيعام 2005 بإعطائه حق اللجوء. ولما طالبت دوائر الهجرة برد الطلب على أساس أن”إسرائيل” توفر الأمان للاجئ وأنها تفتح بابها إلى ذلك المهاجر عملاًبقانون الهجرة، رفضت المحكمة الاسترالية طلب دائرة الهجرة لأنه انطوى على موقفمضمر مفاده أن استراليا لا تملك الحق أو القدرة على توفير الأمان والحرية والمساواةلليهودي، وعلى أساس أن “إسرائيل” هي الملاذ الأفضل لليهود. المحكمةالاسترالية أكدت في حكمها النهائي، أن استراليا هي أيضاً ملاذ آمن لكل مضطهد بصرفالنظر عن دينه وعرقه وانتمائه. تكرر هذا المشهد، كما جاء في تقرير لادري نيوهوفوجيف هاندميكر الناشطين في مجال حقوق الإنسان في هولندا، في العديد من الدولالديمقراطية في العالم مثل كندا وهولندا. وفي كل حالة من هذه الحالات رفضت فيهاالدوائر القانونية والسياسية المعنية النظرة الصهيونية القائلة إن”إسرائيل” هي الملاذ الآمن لليهود في العالم.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات