عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

غزة قد تعيد خلط الأوراق!

غزة قد تعيد خلط الأوراق!

دَمٌعربيٌّ جديدٌ يُراق الآن، في أرضٍ عربية أخرى، هي قطاع غزة؛ وهذا الدَّم يُراق علىأيدي الجيش الإسرائيلي، في حرب جديدة يشنها على قوى المقاومة الفلسطينية، وعلىأَذْرعها العسكرية، التي يتركَّز وجودها الآن في هذا الشريط الساحلي الصغير،الضَّيِّق، المنبسط، الفقير الموارِد، شديد الكثافة السُّكَّانيَّة، والمعزول،بَرًّا وبحرًا وجوًّا، عن العالَم الخارجي؛ ف”إسرائيل” تُحيط به من كلجهة باستثناء جهة واحدة هي التي يَقَع فيها معبره البري الحيوي (معبر رفح) مع مصر؛لكنَّ هذا الدَّم هو وحده الذي نَفْخَر به، ونَعْتَز، ولا نَخْجَل منه؛ لأنَّه لايُراق في صراعٍ عربيٍّ قَبَليٍّ جاهليٍّ على ما هو أقل أهمية من الكلأ.

فيقطاع غزة، ما عاد من وجود لجنود ومستوطنين إسرائيليين؛ وبهذه الحالة تَسْتَذْرِع “إسرائيل”لإنكار حق الفلسطينيين في القطاع في المقاوَمة؛ فالاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزةانتهى؛ فَلِمَ، من ثمَّ، تُضْرَب “إسرائيل” منه بالصواريخ والقنابل؟!

وقياسًاعلى ذلك، ينبغي لمحافَظَة ما من محافظات الضفة الغربية أنْ تُنْهي مقاومتهاللاحتلال الإسرائيلي إذا ما خَرَجَ منها (فحسب) الجنود والمستوطنون الإسرائيليون!

و”إسرائيل”تَفْهَم احتلالها، ولجهة إنهائه، على أنَّه خروج، أو إخراج، جنودها ومستوطنيها، منجزء ما من الأراصي الفلسطينية التي احتلتها في حرب حزيران (يونيو) 1967، كقطاعغزة؛ أمَّا أنْ تُحاصِر هذا الجزء، بعد ذلك، وتعزله عن العالَم الخارجي، وتتحكَّمفي كل ما (ومن) يَدْخُل إليه، أو يَخْرُج منه، فهذا ما يؤكِّد (ولا ينفي) انتهاءاحتلالها له!

“إسرائيل”لا مصلحة لها في الاحتفاظ باحتلالها لقطاع غزة، وما عادت قادرة على دَفْع “ثَمَن”الاستمرار في احتلاله؛ فخَرَجت منه، جنودًا ومستوطنين، جاعِلَةً إيَّاه، في الوقتنفسه، في حالة أسوأ كثيرًا من حالة احتلالها المباشِر له؛ كما أنَّ احتمال أنْتنجح مستقبلًا في دَفْع سكَّانه (أو قسم كبير من سكَّانه) إلى الهجرة منه، وإلىمصر على وجه الخصوص، لم يكن بالاحتمال الواقعي؛ لأسباب شتَّى، في مقدمها رَفْضمصر.

ومعبقاء النزاع بين “إسرائيل” والفلسطينيين بلا حَلٍّ (يُرْضي الفلسطينيينولو على مضض) لن يكون قطاع غزة مَصْدَر أمن ل”إسرائيل”؛ ولا بدَّ، منثمَّ، للعلاقة بين “إسرائيل” والقطاع، الذي فيه تتركَّز قوى المقاوَمةالفلسطينية، وأذْرعها العسكرية على وجه الخصوص، من أنْ تظل علاقة تَبادُل للعداءبالحديد والنار؛ وهذا ما شدَّد الحاجة لدى “إسرائيل” إلى خَوْض حروبهاعلى القطاع بما يؤسِّس لعلاقة تسمح لجيشها برَدْع قوى المقاوَمة في القطاع، وفياستمرار، عن ضرب البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة بالصواريخ والقذائف (علىوجه الخصوص).

وماجَدَّ الآن، حيث شنَّت “إسرائيل” حربها الثالثة على القطاع، هو “الرَّدْع(العسكري) الفلسطيني”؛ فصواريخ قوى المقاوَمة، وعلى الرغم من نظام القُبَّةالحديدية الدفاعي الصاروخي الإسرائيلي، يستطيع قسم كبير منها أنْ يَضْرب مواقعومناطق ومُدُناً إسرائيلية، بعضها يَقَع قي الشمال الإسرائيلي، وعلى مقربة من حدود”إسرائيل” مع لبنان. هذه الصواريخ، ولو لم تُلْحِق ب”إسرائيل”خسائر بشرية ومادية كبيرة، يمكنها أنْ تَفْرِض على الإسرائيليين نمط عيش يومي لميألفوه، من قبل، ويَصْعُب عليهم احتماله، أو التَّكيُّف معه؛ ولا يبقى لدى جيشهم،من ثمَّ، من خيار إلاَّ ما يَفوق هذه الحالة سوءًا في عواقبه عليهم؛ وهذا الخيارهو التمادي في حربهم الوحشية المدمِّرة على قطاع غزة، والتي قد تخالطها معارك بريةضارية يتكبَّد فيها الجيش الإسرائيلي خسائر بشرية جسيمة (قتلى وجرحى وأسرى). ولاشكَّ في أنَّ اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية، في موازاة هذاالصراع بالحديد والنار، سيُخْرِج الصراع برمته عن السيطرة.

صحيفةالوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات