عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

النصر والهزيمة في مفهوم الأحرار

د. يوسف رزقة
ليس للنصر والهزيمة مفهوم واحد. نحن لا نتحدث عن مفهوم لغوي نرجع فيه الى المعاجم. نحن نتحدث عن معركة عسكرية، ونتحدث عن طرفين جرّب أحدهما الآخر في معارك سابقة، ونتحدث عن طرفين أحدهما ليس لديه ما يخسره ، ومفهوم الهزيمة لا تنطبق عليه، وهذا هو حال المقاومة بغزة، وطرف ثان يخسر مع كل صاروخ فلسطيني بعضا من صورته الأسطورية التي بناها على ضعف قادة النظام العربي، وهروبهم من المواجهة.

يمكننا أن نقول إن حماس والمقاومة قد حققت نصرا معنويا بصمودها أولا ، ثم بكسرها للروح المعنوية للقيادة السياسية ، والعسكرية ثانيا، إضافة الى حالة الهلع والخوف والانقسام التي ضربت المجتمع الصهيوني، فقرر بعضهم السفر الى الخارج.

إن وصول صواريخ المقاومة الى حيفا ، والخضيره، وتل أبيب، والقدس، في رشقات متوالية، تتحدى طائرات الاستطلاع وغيرها من الطائرات التي تملأ سماء غزة، يكشف عن قدرة المقاومة على تحييد طائرات الاستطلاع، واستنزاف حالة التفوق العسكري والتقني لجيش الاحتلال.

كم طائرة من مختلف الأنواع في سماء غزة !، وكم قبة حديدية منشورة حول غزة! وكم هي النفقات المالية المبذولة لمواجهة غزة! ومع ذلك فإن الفشل الكبير يلاحق الطائرات والقبب الحديدية ، والقرار أيضا، ومن ثمة تحول المال المنفق حسرة على من أنفقوه في الشر ، وفي تحدي الفلسطيني صاحب الوطن المحتل، وصاحب الحق في مقاومة المحتل.

المشهد كله، وفيه تفاصيل متعددة، يحكي هزيمة القيادة الإسرائيلية على المستوى المعنوي والنفسي، ومن ثمة نلحظ حالة من التخبط في القرار الحكومي والعسكري، واتجاهه نحو الانتقام، وهو ما حذر منه أوباما في تصريحه الأخير. لقد ظهر (الانتقام ) باستهداف الطيران الحربي لمنازل المواطنين المدنيين بالهدم، لكون أحد أبنائهم يعمل في المقاومة. لقد فشلت حكومة نيتنياهو في مواجهة المقاومة، أو في الوصول الى أهداف عسكرية، فحوّلت انتقامها الى المدنيين والى المنازل، حيث تم قصف وهدم أكثر من (٥٠) في يومين.

(الانتقام ) هو تعبير جيد عن حالة الهزيمة، وحالة الخيبة. والأهم من ذلك فيما أحسب هو فقدان المجتمع الصهيوني ( للثقة ) في حكومته، وفي قدرة أجهزته الأمنية، بعد تعدد مظاهر الفشل، مما دفعه الى المطالبة بحل سياسي مع حماس، وفتح مجال لغزة لكي تحيا بشكل طبيعي بلا حصار، وقد عبّر عن هذه الفكرة بشكل واضح ( ديسكن ) مسئول الشباك السابق، منتقدا حكومة نيتنياهو.

إن مجزرة آل كوارع، ومجزرة آل حمد، وقتل المدنيين من كافة الأعمار ، ( عبد الناصر ابو كويك 60 عاما، وابنه خالد 30 عاما مدنيا لا علاقة لهم بالأعمال العسكرية) هو علامة أخرى على الهزيمة المعنوية والأخلاقية، فالمنتصر لا يلجأ عادة الى المجازر. الخائف المرتبك هو الذي يقتل بشكل عشوائي، بغرض التغطية على فشله.

لقد انتصرت المقاومة معنويا، وأخلاقيا، بدفاعها عن شعبها بقوة وحكمة، وفي تحملها أعباء هذه المعركة وحدها، في ظل غياب الدور المصري، والدور العربي.

لقد أرسلت المقاومة مجموعة من الرسائل، ولكن أود التنبيه الى رسالتين : الأولى تقول : إن من يريد شرف الحكم وشرف، وشرف الدنيا الآخرة ، عليه أن يلحق بالمقاومة، أو يسند المقاومة، ومن يخاف الموت والعدو فهو ميت بخوفه، ولا فائدة من مناشدته، أو إيقاظه من خوفة. والثانية تقول: إن حسابات المقاومة غير حسابات السياسة، وإن حصار غزة وخذلان العرب وانقسام قادتهم بين : صامت، وشامت، ومحرض، ومحايد، لن يثني المقاومة عن تحمل مسئولية الدفاع عن الشعب، وحسبها أن الله معها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات