الثلاثاء 13/مايو/2025

غزة: من يوقف شلال الدم؟

غزة: من يوقف شلال الدم؟

عشرات الشهداء وآلاف الجرحى ومئات المنازل المدمرة فوقرؤوس أصحابها.. تلك هي الحصيلة الأولية للحرب العدوانية الثالثة التي يشنهاالاحتلال “الإسرائيلي” على قطاع غزة، بعد حربي نوفمبر 2008، وديسمبر2012، والتي لا تزال متواصلة بانتظار اكتشاف من يقدر على وقفها.

قد يبدو المشهد عادياً تماماً في قطاع غزة المحاصر منذنحو ثمانية أعوام، بعد أن تكرر مراراً خلال السنوات الماضية، لولا أن شلال الدمالذي يسيل بغزارة بدأ ينهمر على شكل مجازر متعمدة بحق العائلات والأطفالالفلسطينيين وهم نيام، فيما الحرب البرية على الأبواب ومعها مسلسل الاغتيالاتوعمليات الإبادة الجماعية التي لم تبدأ بعد، بينما عمق العربي يغط في سبات عميقوكأن ما يحدث في غزة هو حرب بين كائنات فضائية تجري على أحد الكواكب الكونية.

لا جدوى من الحديث عن عمق عربي لم يكن حاضراً يوماً إلافي بيانات الإدانة والشجب والاستنكار، وهو معذور بانشغاله في قضايا باتت أكثرأهمية في العراق وسوريا وغيرها، بعد أن تحولت قضية العرب المركزية إلى قضيةثانوية، كما لا جدوى من الحديث عن حراك شعبي عربي بات هو الآخر أسير “ثوراتالربيع” التي طال انتظارها لتزهر حرية وديمقراطية وكرامة وحقوق انسان. ربماكانت القضية الفلسطينية سبباً في تعطيلها. لكن الحديث يبدو أكثر أهمية حينما يتعلقبوجود تواطؤ دولي صريح مع العدوان الإجرامي لحكومة نتنياهو بحق الفلسطينيين، ذلكأن الغرب الديمقراطي لم يقف هذه المرة موقفاً محايداً أو متفرجاً، وإنما أعلنانحيازه إلى جانب العدوان بالسكوت وغض النظر عن جرائم الاحتلال، متخلياً عنمفرداته المعهودة.. الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاسبة مجرمي الحرب. وما إلى ذلك،وهي مفردات نعرف أنها ستتبخر حينما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني. ونعلم أيضاً أنالغرب قادر “لو أراد” على وقف هذا العدوان النازي على غزة أو السماحلمصر باستكمال دورها في هذا المجال بدلاً من عرقلة هذا الدور. فإذا كان الغربوالاحتلال يريدان معاقبة حركة حماس على فعل لم يثبت أنها قامت به (اختطاف وقتلالمستوطنين الثلاثة) أو التذرع بإطلاق الصواريخ الفسطينية على أهداف “اسرائيلية”،فإن الشعب الفلسطيني كله أصبح فريسة للانتقام الصهيوني الذي لم يرتو من شرب دماء أبنائهفي الخليل وسائر الضفة الغربية، ليستكمل حقده الأعمى بالرقص على جثث الأطفال فيغزة.

لا ندري كيف تصر السلطة الفلسطينية، بعد الآن، علىالتنسيق الأمني مع سفاحي شعبها، ولا نفهم أبداً موقفها الحيادي والخجول، فإذا كانتلا تزال ترى نفسها مسؤولة عن شعبها، وتطالب الفلسطينيين بالوحدة والتماسك فيمواجهة حرب نتنياهو القذرة، التي تستهدف في أحد جوانبها ضرب المصالحة الفلسطينيةوإسقاط حكومة التوافق الوطني، فإن على السلطة أن تخلع رداء الخجل، وتبادر إلىخطوات أكثر جدية في المحافل العربية والإقليمية والدولية لفضح جرائم الاحتلالوالعمل على استصدار قرار من مجلس الأمن بوقف شلال الدم النازف في غزة قبل أن يتحولهذا الدم إلى كارثة ولعنة تلطخ الضمير الفلسطيني والعربي والعالمي.

صحيفة الخليح الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات