الثلاثاء 13/مايو/2025

تطورات العدوان على غزة والمواقف العربية والدولية

تطورات العدوان على غزة والمواقف العربية والدولية

الليلة قبل الماضية بشّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنعدواناً برياً على قطاع غزة سيبدأ خلال ساعات، الأمر الذي دفع كثيرين إلى التساؤل عماإذا كان الصهاينة قد أخبروه بذلك، أم أنه محض تحليل. واللافت بالطبع أن المجلس الوزاريالإسرائيلي المصغر كان في حالة انعقاد في تلك الأثناء، ولم يخرج عنه قرار واضح، وجلما قاله الناطق باسم المجلس هو إن “إسرائيل تستعد لكل عملية، بما فيها الدخولالبري. تحررنا من الأوهام، وأنا لا اعتقد أنه يمكن تحقيق صورة نصر، ولكن ربما تحقيقهدوء لفترة أطول. القرارات غير بسيطة، وكل الخيارات تفحص بعناية شديدة”.

ربما كان هذا البعد المتعلق بالانتقال من الضربات الجويةإلى العملية البرية هو الأكثر أهمية في هذه الأثناء، وهو أمر لم يُحسم بعد، وإن باتأقرب إلى الترجيح. والحديث هنا يدور عن عملية برية محدودة، وليس عن إعادة احتلال للقطاع.

حسابات كثيرة هي التي تدفع نتنياهو إلى التردد في قرار التدخلالبري، لعل أولها من دون شك ما يتعلق بحساب الخسائر البشرية على وجه التحديد، في وقتلم يعد المجتمع الصهيوني يحتمل الكثير من الخسائر على هذا الصعيد، بعد أن تحول إلىمجتمع استهلاكي، وتراجعت العقائدية فيه، فضلاً عن ميل جيشه إلى القتال التكنولوجي،وليس الاشتباك المباشر.

الدخول البري هو الذي يمنح حماس وقوى المقاومة فرصة ضرب جنودالعدو، من خلال الأنفاق والاقتحام والاشتباك المباشر، بعيداً عن التفوق الهائل من الجو،ولعل ذلك هو ما يدفع نحو الحديث عن توغل بري محدود لا يتعدى المناطق المفتوحة التييمكن دخولها مع غطاء كثيف من النيران الجوية. أما دخول المناطق السكنية فسيكون مكلفاًإلى حد كبير.

على أن ما ينبغي قوله هنا هو أن الحروب لا تمضي غالباً كماهو مخطط لها، ويمكن أن تتدحرج على نحو لم يُحسب حسابه، فالتوغل البري قد يؤدي إلى مجازرتشعل أوضاع المنطقة، وهو قد يؤدي أيضاً إلى مزيد من التوغل وصولاً إلى احتلال مباشرسيعني خسائر كبيرة جداً أثناء العملية وبعدها، مع احتمال فشل كبير.

لا مقارنة أبداً بين منطقة صغيرة متواضعة الإمكانات، وبينقدرات أكبر جيش في الشرق الأوسط، لكن إرادة الإيمان لدى رجال المقاومة في قطاع غزةتبقى قادرة على إلحاق الهزيمة بالعدو، ودفعه إلى التراجع وصولاً إلى قبول تهدئة بشروطالمقاومة كما حصل من قبل في عدواني 2008/2009، و2012.

في هذه الأثناء تبدو المواقف السياسية الفلسطينية الرسمية،والمواقف العربية، وكذلك الدولية في صالح العدو بشكل سافر، الأمر الذي قد يشجع نتنياهوعلى إكمال العملية على أمل إلحاق هزيمة بحماس، وعدم تكرار انتصاريها السابقين.

لعل أسوأ ما في المشهد هو الموقف الفلسطيني الرسمي الذي يدجّنالموقف الشعبي على التعامل مع العدوان كحدث عابر. وإذا شئنا الدقة، فهو يحاصر الجماهيرويحول بينها وبين إظهار تعاطفها مع أهلها في غزة، وهذا التفاعل المحدود في الضفة معما يجري في قطاع غزة (أقله حتى كتابة هذه السطور) مخزٍ إلى حد كبير، وإذا استمر الحالعلى ما هو عليه، فسيشجع ذلك نتنياهو على مزيد من العدوان. ألم يكن معيباً أن يقول عباسإنه حاول إقناع حماس بوقف العمل العسكري، إلا أنها رفضت؟! لكأن عليها أن ترفع الرايةالبيضاء أمام عدوها.

هنا والآن، ليس ثمة مرسي في القاهرة يقول للفلسطينيين “أنتممنا ونحن منكم”، وأنظمة الثورة المضادة تقف موقفاً معروفاً باعتبار أن حماس تنتميإلى “الإسلام السياسي” الذي تطارده تلك الأنظمة.

وإذا تجاوزنا بعض المواقف العربية الخجولة إلى جانب موقفأردوغان، فإن الوضع العربي يخدم نتنياهو، وينطبق ذلك على الوضع الدولي الذي لا يرىمن المشهد غير صواريخ حماس، في حين يتجاهل قتل الأبرياء بصواريخ طائرات الاحتلال.

خلاصة القول هي أن ميزان القوى مختل بالكامل، ومن كل النواحيالعسكرية والسياسية لصالح الاحتلال، لكن ميزان القوى المتعلق بإرادة الإيمان هو الذيتتميز به حماس وقوى المقاومة، وهو ذاته الذي سيمكّن القطاع من الصمود والانتصار بإذنالله تعالى.

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات