الحرب على غزة وسُبل مواجهتها إعلاميا

إن المواجهة المقبلة مع الاحتلال تُحتمُ علينا إيجاد وسائل مواجهة على المستوى الإعلامي نكون فيها درعاً واقياً لمقاومتنا العسكرية، بل ويداً تكسر هيبة الإعلام الصهيوني الدجال والمكذوب، وهذه المهمة لن يقوم بها الزملاء الإعلاميون فقط، وإنما كل أفراد المجتمع الفلسطيني الشرفاء، وهي نقاط تتمثل في التالي:
1- على صعيد الفضائيات الفلسطينية، ولأنها تبث إلى العالم الخارجي وفي حال وقوع مواجهة مع الاحتلال الصهيوني فإن نسبة المتابعة العربية سوف تزداد لهذه الفضائيات، فسوف يُصبح مطلوبا منها نقل مشاهد المعاناة الفلسطينية واستنفار الحمية العربية نحو الخروج للشوارع وأمام سفارات الاحتلال الصهيوني وحلفائه، والتأكيد عبر هذه الفضائيات أن واجب الدفاع عن فلسطين ليس للفلسطينيين وحدهم، وإنما يقع على كاهل المسلمين جميعا.
2- أما الإذاعات المحلية الفلسطينية فمن الواجب عليها كونها تبث للجمهور الفلسطيني الداخلي العمل بكل ما أوتيت من قوة نحو تعزيز صمود المواطن الفلسطيني من خلال ما تنشره من أنباء وأخبار ومعلومات، والابتعاد عن كل ما من شأنه بث روح الإحباط والخضوع في نفس المواطن الفلسطيني، وسوف أُفرد المساحة الواسعة للتفصيل في موضوع الإذاعات من باب خبرتي المتواضعة في هذا المجال والأهمية البالغة للإذاعات في المجتمع الفلسطيني وبخاصة خلال أوقات الحروب والأزمات، ويمكن إجمال ذلك في التالي:
أ. الحرص من قبل الإذاعات المحلية على استمرار البث على مدار الساعة وبخاصة خلال ساعات الليل، فالمواطن يستمد الأمن والطمأنينة من استمرار البث، ويعتقد بأن استمرار البث أننا لا نزال بخير ولم يصل إلى مؤسساتنا العدو الصهيوني.
ب. الخوف صفة مجبولة عليها النفس الإنسانية، لكن هذا الأمر محظور لدى العاملين في الإذاعات وبخاصة لدى قطاعات المذيعين والمراسلين، فإن كان أناس بهذا الشكل يعملون لدى الإذاعات فيجب إعطاؤهم إجازة خلال أي تصعيد ومنع خروجهم على الهواء. أما إن وقع قصف أو استهداف ووجد المذيع أو المراسل نفسه خائفا فلا يخرج على الهواء بسرعة ولينتظر قليلا وليغسل وجهه ويشرب بعض الماء، ومن ثم يخرج إن كان عاد إلى حالته الطبيعية. باختصار خروج ذلك الزميل وهو يرتجف سيعود بضرر كبير على جبهتنا الداخلية.
ت. في حال استهداف أي مقاوم فلسطيني لا تصفوا ذلك المقاوم بالقائد العسكري فلان الفلاني مع توضيح رتبته في تنظيمه، ولكن تكون الرواية باستهداف سيارة مدنية فلسطينية مثلا واستشهاد فلان الفلاني، أما الحديث عن طبيعة ذلك الشخص فتكون بإعلان تنظيمه عنها. باختصار لا تُعطوا إنجازات مجانية للعدو خلال معركته.
ث. في حال استهداف واستشهاد شخصية فلسطينية وازنة يتم التأني لأبعد درجة في إعلان اسمه، والتدرج في عملية الإعلان وتسريب المعلومة ببطء شديد؛ لأن الإعلان من شأنه أن يكلفنا كثيرا جدا بعد التحرك الكبير من مناصري تلك الحركة والبدء بتصفيتهم من قبل الاحتلال. إن المطلوب من الإذاعات وقبل السرعة بخروج الخبر التحلي بالمسئولية الاجتماعية تجاه المجتمع الذي تعيش فيه.
ج. في حال إصابة أي مواطن فلسطيني فمحظور جدا ذكر اسمه؛ لأن ذلك يجعله ضمن قوائم الاحتلال ومخابرات حلفائه ويؤثر سلبا على ذلك الشخص مستقبلا، أما إن كان مسئولا كبيراً فلا ضير من ذلك، ويتم تقدير الموقف بحسب المصلحة العامة.
ح. في حال استهداف أي منزل لأي ناشط فلسطيني فلا تقوم بتبرير استهداف المنزل بأنه للناشط فلان الفلاني القائد في كذا وكذا “وهذه أيضا معلومة مجانية”، وإنما نذكر اسم صاحب المنزل وصفته مواطن فلسطيني، ولا نقول صفة صاحب المنزل إلا إن كان قائداً كبيراً جداً وفوائد ذلك أننا نحقق عنصر التلاحم بين المواطن وقادته، ونُبطل رواية الاحتلال بأن قيادة المقاومة تُضحي بأبناء الشعب الفلسطيني وتتلاعب بأرواحهم.
خ. في حال استهداف أي أرض محظور القول بأنها أرض خالية، فهذه رواية يسعى العدو الصهيوني لترويجها، وإنما روايتنا و”هذا هو الواقع أصلاً” أنه استهدف أرضا زراعية في محيط منازل المواطنين. باختصار معنى استهداف أرض خالية هو التأكيد على أنه احتل أرض فلسطين لعدم وجود بشر فيها يقومون بتعميرها وزراعتها وهكذا.
د. عدم التحديد على الإطلاق أماكن إطلاق الصواريخ، والاكتفاء فقط بذكر البيانات التي تُصدرها الأجنحة العسكرية مع التدقيق في البيان قبل الخروج به، فمثلا لا يصلح بيان للخروج به على الهواء بأن صاروخا ضرب بلدة كذا الصهيونية التي تبعد عن غزة 50 كيلو متر بصاروخ كذا الذي لا يصل مداه إلا عشرة كيلو مترات؛ لأننا بذلك نخدش المصداقية لدى وسائل إعلامنا، ونقوم برفع رصيد “فصائل إعلانات البيانات بعيداً عن الميدان”.
ذ. منع خروج أي استغاثة من أي مواطن كائنا من كان على الهواء مباشرة من قبيل الماء مقطوع والكهرباء كذا والطحين …؛ لأن خروج أي أمر بهذا الشكل يضرب جبهتنا الداخلية ويؤدي لانهيارها بشكل سريع جدا، بل إني أطالب فصائل المقاومة الفلسطينية بإغلاق أي إذاعة تقوم بهذا الدور خلال أي مواجهة ومنعها من العمل، فجبهتنا الداخلية أغلى ما نملك خلال أي عدوان، وهذه الرسائل التي تخرج على الهواء البعض منها مقصود من الاحتلال، ونستثني من الخروج على الهواء تلك الرسائل التي تخرج من شخصيات اعتبارية ومخاتير وغيرهم ومواطنين معروفين ويكون مقصدها فقط تثبيت وتمتين الجبهة الداخلية.
ر. في حال سقوط أي صاروخ فلسطيني على أي تجمعات لغير العسكريين المحتلين الصهاينة وهجوم العدو علينا إعلاميا “وهذا الأمر يخص كل متحدث فرد أو قائد أو صحفي” فالواجب علينا الحديث أولاً بأننا استهدفنا أرضنا المحتلة وهذا من حقنا، وأمر آخر فصواريخنا بدائية الصنع وغير موجهة وبذلك نُحمل المجتمع الدولي المسئولية عما يجري لنا والتي تتمثل في تزويد الشعوب المحتلة بالسلاح للدفاع عن نفسها، وأيضا نحمل الاحتلال مسئولية التصعيد الذي يجري لنا وبأننا في حال دفاع عن نفس في مواجهة صواريخه الموجهة والتي تقتل المدنين والعُزل بأمر واضح أنه مقصود من الاحتلال.
ز. في حال خروج أي صاروخ من أي منطقة فلسطينية محظور الحديث عن الصاروخ وطبيعته وأي تفاصيل من قبيل لحظة إطلاقه وتحديد مكان إطلاقه أو القول أنه خرج من محيطك أخي الكريم وأنت تكتب ذلك على الفيس بوك. اعلم أخي أن مكانك على الفيس بوك يتم تحديده مباشرة ولا داعي لإخفائك مكان إطلاق الصاروخ، فبالتالي، تخيل أخي الكريم لو تم قصف مكان إطلاق الصاروخ واستشهد أحد المجاهدين، فإنك ستكون السبب المباشر في قتله، والسؤال: كيف ستقضي باقي حياتك وأنت تتذكر تلك الجريمة التي ارتكبتها بلسانك وبفعلها ترك ذلك الشهيد أبنائه أيتاماً وزوجته أرملة؟.
س. خلال أي تصعيد “لا نتمناه” يجب وضع الأمور في سياقها الطبيعي، فمن غير المقبول على أي وسيلة إعلام مشاهدة خيانة وتنسيق أمني وعمالة عالمكشوف من أي شخصية فلسطينية والسكوت عليها، فهذه ليست مهنية أو موضوعية أيها السادة وإنما انسلاخ عن المجتمع، وأي وسيلة تقوم بهذا الدور ستهوي بنفسها إلى مهاوي الردى ولن يشفع لها كل المبررات التي تسوقها لتأكيد نظريتها الإعلامية المختلفة تماماً مع كل نواميس الكون.
ش. خلال أي تصعيد يجب على أي مواطن عدم الثرثرة والحديث الزائد أمام هذا وذاك وفي الوقت الذي يحمل جوال “جاسوس متنقل” على جنبه، فلا داعي للحديث عن غياب جاركم “أحمد” عن بيته منذ ثلاثة أيام، ومن الضار الحديث أن ابن خالك مثلا يتنقل بسيارة قديمة وركن الحديثة جانباً، ومن المعيب الحديث أن فلان “وأنت تعلم أنه مجاهد ومقاوم” رجع إلى بيته قبل قليل.. فربما وأنت تتحدث بهذه الأمور تُعطي طرف خيط لعميل يتواجد في المكان الذي تجلسون فيه وتتبادلون أطراف الحديث.
ص. العدو خلال أي عدوان يشن حربا نفسية كبيرة جدا لضرب جبهتنا الداخلية، والمطلوب منا “كمواطنين أو صحفيين” عدم نقل كل ما يقول على أنه مسلمات، بل والرد بحرب نفسية أخرى، وأن المقاومة ستحرق الأخضر واليابس للعدو إن فكر باقتحام أرضنا وديارنا وأن الأمور لدينا تغيرت عن الماضي، وهكذا، فلا تساهموا في شن حرب نفسية علينا بنقل أخبار عدونا دون تمحيص أو تدقيق، وهذا أمر للأسف تنشط بالقيام به العديد من وسائل الإعلام الفلسطينية التي هي بحاجة إلى محاسبة قبل فوات الأوان، ووقفها عند حدها.
ض. وبعد انتهاء أي عدوان وحتما سيكون الألم علينا كبيراً من نتائجه، لكن يجب العض على الجراح والخروج إلى الشوارع في مسيرات تحت عنوان “انتصار المقاومة” والتأكيد على الوقوف من خلفها؛ لأن خطوة من هذا القبيل ستوجه ضربة نفسية قاصمة للعدو الصهيوني.
إن أي مواجهة مع الاحتلال الصهيوني واستفادة من تجارب الماضي تضع على كاهلنا مسئولية دراسة كل كلمة وكل مشهد وكل صورة نقوم بنشرها ونقلها، ومعرفة التداعيات المتوقعة لها قبل نشرها، فإن كان مردودها ايجابياً على المواطن الفلسطيني قمنا بنشرها على الفور، وإن كانت سلبياتها أعظم من الإيجابيات فنتوقف فوراً عن النشر ونمنعه بكل قوة مهما كلفنا ذلك من ثمن، واعلموا أن الإعلام مسئولية قبل كل شيء، فإن لم نملك المسئولية الوطنية تجاه أبناء شعبنا خلال التصعيد والعدوان، فمتى نمتلكها؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...