الإثنين 12/مايو/2025

لا تقتلونا مرتين

د. يوسف رزقة
محمد أبو خضير طفل فلسطيني دون الثامنة عشرة يسكن مخيم شعفاط في ضواحي القدس المباركة. الطفل الفلسطيني يحمل الدم العربي، والسحنة العربية، وهذا كاف ليكون هدفا للتعذيب، ثم القتل، ثم الحرق، على يد مستوطنين صهاينة تمتلئ قلوبهم بكراهية العرب كراهية مبدأ وعرق.

في صباح أمس الأربعاء ٢/٧/٢٠١٤ اختطف المستوطنون الطفل محمد ونكلوا به ، ثم أحرقوه، دون أن يرف لهم جفن، ودون أن يشعروا بأنهم ارتكبوا جريمتي القتل والتمثيل بالجثة.

جريمة مقتل (أبو خضير) تقول: إن المشكلة ليست في الاحتلال الصهيوني لبلادنا، فمن الطبيعي أن يقتل المحتل أبناءنا بدم بارد دون وخزة ضمير، ولو توقف المحتل عن القتل لكان احتلالا شاذا في تاريخ الاستعمار، ولكن المشكلة فينا، أعني فيمن يمكن للمحتل أن يقتل أبناءنا ويحرقهم بالنار من خلال تمسكه الفولاذي بالتنسيق الأمني، ومن خلال حمايته المستوطنين من المجاهدين، وتقديم كل المعلومات الاستخبارية التي تساعد العدو على اعتقال المجاهدين الثوريين، ومطاردة المقاتلين.

بالأمس استنفرت السلطة الأجهزة الأمنية التابعة لها للبحث عن المفقودين الثلاثة قبل العثور على جثثهم، وما زالت مستنفرة لجمع المعلومات التي تساعد في إلقاء القبض على المجاهدين المتهمين بالمسئولية حتى بعد العثور على الجثث. السلطة تجاهر بأعمالها المشينة، بينما لا تفعل شيئا لحماية محمد ابو خضير وغيره من أطفال فلسطين، ولا تسارع لطلب الحماية الدولية لتغطية عجزها. إنها سلطة تخاف حتى من شكوى حكومة نتنياهو الى المؤسسات الدولية.

إن أطفال فلسطين في الضفة الغربية يقتلون مرتين، مرة على يد المستوطنين، ومرة على يد من يحمي المستوطنين ويطارد المجاهدين من بيت الى بيت، ومن زقاق الى زقاق، من أجل الحصول على كلمة ثناء تافهة من نتنياهو، الرجل الأكثر عنصرية في العصر الحديث.

إن قتل الطفل ابو خضير والتمثيل بجثته كان وما زال وقود العنف. العنف الصهيوني المتكرر والمتعاظم هو ما اجبر المقاتلين على القيام بعملية الخليل. من قام بعملية الخليل قام بها دفاعا عن حقه الشخصي في حياة كريمة، وعن حق شعبه وأسرى شعبه في حياة آمنة. لقد كان رجال الخليل يبحثون عن حياة كريمة لأطفال فلسطينيين. وكانوا يدافعون عن حق محمد ابو خضير، ومن في جيله، لكي ينعموا بحياة آمنة كريمة خالية من الاحتلال والمستوطنين. حياة خالية من عار التنسيق الأمني الذي كساه عباس للسلطة وأجهزتها رغما عن أنف الشعب الفلسطيني الرافض للعمالة والتخابر مع المحتل سواء أقام بها الفرد، أو قام بها جهاز أمني كامل. لأن ما يحرّم على الأفراد، يكون حراما على السلطة.

محمد ابو خضير ليس الأول الذي يقتل ويمثل بجثته، ولن يكون الأخير، ما دام هناك احتلال، وما دام هناك تعاون أمني يلاحق المجاهدين. وما دام هناك مجتمع دولي يفرق بين الدماء، وبين قتل وقتل، على أسس عنصرية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات