الأحد 11/مايو/2025

تهديد غزة .. جدية تقتضي الحذر وندية تفرض الصمود (تحليل)

تهديد غزة .. جدية تقتضي الحذر وندية تفرض الصمود (تحليل)

بات تهديد قطاع غزة المخرج الوحيد لحكومة الاحتلال الصهيوني لتفريغ غضبتها من حركة حماس والمقاومة الفلسطينية.

زادت وتيرة هذه التهديدات بعد مقتل ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل المحتلة، وعلى إثر تصاعد وتيرة إطلاق القذائف على مستوطنات غلاف غزة ردا على جرائم الاحتلال.

بحث “المركز الفلسطيني للإعلام” مع اثنين من المحللين ما إذا كانت تهديدات الاحتلال هذه جدية تقتضي الحذر، أم أن الندية في توازن الردع تبعث على الاطمئنان والصمود.

حماس، التي لازالت تسيطر على مفاصل وزارات قطاع غزة، ولها قوة عسكرية كبيرة هي كتائب القسام، قالت أمس إن “المقاومة الفلسطينية لن تنكسر، ولديها إستراتيجية واضحة للرد”.

وأكدت أن رد المقاومة على أي عدوان صهيوني سيكون في الوقت الذي تحدده وتراه مناسبا، مشيرة إلى أن تهديدات الاحتلال لقطاع غزة ستكلفه ثمنًا غاليًا إذا أقدم على تنفيذ أي منها.

بين الجدية والندية
الكاتب والمختص في الشأن الصهيوني أحمد سعيد بدوره يرى أن “الاحتلال يخشى عدوانا كبيرا على غزة، ويحسب حسابا كبيرا وطويلا له”.

وألمح إلى الخلاف الدائر بين وزراء الحكومة الصهيونية حول الرد بعدوان كبير على غزة، لافتا إلى أنّ “اجتماع الكابينيت الأخير أول أمس كان سجالا بين الوزراء الجدد وبين المخضرمين الذين يعرفون ويقدرون كيف تسير الأمور”.

“الوزراء الجدد يريدون أن يجربوا طعم غزة، أما المخضرمون ليفني ونتنياهو ويعلون وغيرهم فإنهم يعرفون مخاطر التوجه لغزة، لذا كان الاختلاف على طبيعة الرد”.

وأكد أن “إسرائيل تدرك أن فتح جبهة مع غزة لن يحقق لها ما تريد، بل سيزيد الأمور تعقيدا بالنسبة لها”.

و”إسرائيل”، برأيه، تدرك أنها لا يمكن أن تحقق انتصارا حقيقيا في غزة، لذا يبقى الأمر بالنسبة لها مرهون بتوجيه ضربات سريعة وخاطفة إلى أماكن تسليح وأماكن تدريب وتخزين ذخيرة، لا يمكن أن تصل لمرحلة استفزاز المقاومة كاستهداف قيادات.

ورفعت حركة حماس من وتيرة تهديداتها لـ”إسرائيل” إن هاجمتها في غزة، عبر تصريحات غير مسبوقة تؤكد قدرة صواريخ القسام على الوصول لكل أنحاء ‏فلسطين.

الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة من جهته، قال إن “التهديدات بالعدوان على غزة، بشكل عام، لا بد أن تكون جدية على اعتبار أنها تصدر عن كل المستويات السياسية والعسكرية وحتى الإعلامية في دولة الاحتلال”.

لكن السؤال بالنسبة له عن حجم هذه التهديدات ونطاق تنفيذها، “الحديث قد يشمل ضربات مركزة للبنية التحتية، أو عدوانا موسعا يمكن أن يشمل كل التفاصيل في غزة على غرار ما حدث في حرب الفرقان”.

من جانب آخر، يقول عفيفة: “باتت إحدى الدوائر المهمة في تنفيذ هذا التهديد هي الجبهة الداخلية الصهيونية، وحجم الدعوة للانتقام على مستوى الشعبي والإعلامي وحتى على المستوى الحزبي”.

أما العامل الأصعب في هذه المعادلة، فهو: المتعلق بالإقليم، ومدى تقبل المجتمع الدولي لعدوان شامل على غزة، هذه الأمور قد تكون من بين الكوابح التي ستجعل الاحتلال يفكر ألف مرة قبل أي عدوان.

ورغم ذلك، أكدت مصادر أمنية فلسطينية مؤخرا، أن التعتيم الصهيوني على قرارات المجلس الأمني الوزاري المصغر الذي استمر لأكثر من 14 ساعة يثير القلق والريبة في نوايا صهيونية مبيتة نحو التصعيد والعدوان.

وقالت المصادر إن وسائل الإعلام الصهيونية تمارس خلال الـ 24 ساعة الماضية تضليلا كبيرا حول نوايا الاحتلال بعدم توجيه ضربات إلى غزة، مما قد يحدث حالة من الارتخاء لدى الفصائل الفلسطينية محذرا من الوقوع في الفخ مرة أخرى.

سياسة الاغتيالات
واستبعد سعيد وعفيفة كذلك أن تقدم حكومة الاحتلال على سياسة الاغتيالات –على الأقل في هذه المرحلة- لأنها تدرك أنها بذلك ستفتح أبواب جهنم على نفسها.

وعلى إثر هذه التهديدات، غابت قيادة حركة حماس في غزة عن الأنظار، واتخذت احتياطات أمنية فائقة خشية استهداف “إسرائيل” لها، وقدرتها على تتبع خطوط سيرهم، والوصول إليهم.

وحسب اعتقاد المحلل سعيد، فإن “الاغتيالات ستضيع ما يسمى الانتصار الذي حققته قوات الاحتلال في الضفة، حيث ترى أن ما تفعله اليوم في الضفة انتصار، لذا هي لا تريد توريط نفسها في معركة نتائجها غير مضمونة”.

وبناء على التجارب السابقة، يقول: “إسرائيل” تعرف أن الكلمة الأخيرة اليوم لأي حرب هي للمقاومة، كما حدث في حجارة السجيل، وتدرك أن الدخول والخروج لغزة لن يكون بإرادة “إسرائيلية”.

وحتى اللحظة، يؤكد عفيفة كلام سعيد، أنه: ليس واردا للاحتلال أن يغامر مغامرة واسعة، فعلى مدار الأسابيع الأخيرة هناك حالة من الحذر والتوتر وتقييم الأمور وحسابات متواصلة لدى الاحتلال، والجميع لاحظ ذلك.

“قبل عقد من الزمان كان الخروج لضربة في غزة أمرا سهلا، ولا يستدعي كثيرا من التفكير، لكن اليوم هناك حسابات مطولة، لذلك هناك خطة لتوجيه ضربة مركزة وسريعة لكن ما يحسب حسابه الاحتلال: هو ماذا بعد”.

ويضيف عفيفة: “لا يستطيع الاحتلال اليوم أن ينهي أي حرب يبدؤها في الوقت الذي يحدده هو، هذه معادلة صعبة، ما يجعله أكثر حذرا حول مدى وطريقة وحجم رد المقاومة التي يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة، وفي حجارة السجيل خير شاهد.

التهديدات، استمرار لحالة الهستيريا الصهيونية بعد مقتل المستوطنين الثلاثة وتعاظم قوة المقاومة، هذه الحكومة فيها 6 وزراء من المستوطنين، وتريد أن تثبت للجمهور أن الأمر لن يمر مرور الكرام.

وثار في الأيام الأخيرة صراع تصريحات بين قادة الاحتلال الصهيوني حول ضرب غزة وشن عدوان واسع عليها، لدرجة أن بعضهم طالب بإعادة احتلالها وإعادة سياسة الاغتيالات.

هل ينفذ الاحتلال مؤامرة كبيرة؟
قد تكون الاستخبارات الصهيونية فبركت قصة مقتل المستوطنين الثلاثة لتنفيذ مؤامرة كبيرة تطيح بحركة حماس بمباركة من السلطة والمجتمع الدولي، بشكل سري. هذه رواية يتم تداولها، وضعناها بين يدي المحللين سعيد وعفيفة.

قال سعيد: “قصة الفبركة موجودة ولا يمكن استبعادها، والاستخبارات الصهيونية تخطط منذ فترة طويلة للقضاء على حركة حماس، ولإيقاعها في الفخ، وهي تريد مبررا لذلك”.

وما يدعم هذا الأمر من وجهة نظره، أن “إسرائيل” تمر اليوم بأسوأ حالاتها مع المجتمع الدولي، وتتعرض لعزلة واضحة بسبب جرائمها.

لا يعطي سعيد لرواية الفبركة نسبة كبيرة، لكن تبقى موجودة بالنسبة له، وربما أرادت “إسرائيل” منها أن تفك هذا الحصار وتحصل على مكاسب أخرى”.

وعارضه الرأي تماما وسام عفيفة، الذي قال: “إنه من غير المقبول بعدما اتضحت كثير من الأمور التعاطي مع نظرية الفبركة، الأمر ليس بهذه السهولة”.

وأوضح: “لو كانت هناك نية للاحتلال لخوض مواجهة مع حماس فلديها أكثر من مبرر دون أن تذهب لكل هذه القصة”.

وعمليا، فإن الاحتلال الصهيوني ينفذ ضربات لحماس كل يوم، وهو على قناعة أن ضرب حماس ممكن، لكنه يدرك أنه سرعان ما تقف على أقدامها، وحتى في الضفة الغربية”.

هل تصمد غزة أمام هذا الصلف؟
في حرب الفرقان، كان هناك حرب ضروس على غزة، و”إسرائيل” حددت 3 أهداف ولم تحقق أيا منها، وفي حرب حجارة السجيل كان الأمر مختلفا، وصلت الصواريخ إلى مناطق عميقة بـ”إسرائيل”.

هذه المعطيات، يرى المحلل سعيد أنها حاضرة أمام حكومة “إسرائيل”، التي باتت تدرك أن أي معركة في غزة لن تطول، والجبهة الداخلية الصهيونية لن تصمد طويلا أمام صواريخ المقاومة.

وقال: “أعتقد أن “إسرائيل” لن تستطيع أن تكسر إرادة المقاومة في غزة، والحرب الأخيرة بالذات خير دليل، كما أنها لن تغامر بحرب بهذا الشكل لأنها ستكون خاسرة لكثير من الأسباب”.

أما عفيفة، فأشار إلى أن “أي مواجهة وأي تصد للعدوان مبني اليوم على تجربة تراكمية عاشها قطاع غزة، في الحربين السابقتين على غزة، كان الأمر صعبا وكانت غزة تعيش وضعا مأساويا”.

وأي عدوان جديد برأيه، لن يكون سهلا، لكن في نفس الوقت أكد أنه “أصبح لدى المقاومة وأهل غزة تجربة، تجربة مريرة لا نريد أن نهون منها”.

“المسألة ليست لعبة، لكن جبهتنا بالتأكيد أقوى من جبهة الكيان الداخلية، فهي ذات قدرة محدودة على الصمود، وحساباتها معقدة أكثر”.

يشار إلى أنه تزامنا مع الاستنفار الأمني بغزة، أجرت حركة حماس سلسلة اتصالات دبلوماسية عبر رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل مع الإقليم والعالم، لكبح جماح “إسرائيل” عن شن حرب على غزة.

كل الخيارات مفتوحة
ويرى مراقبون أن كل الاحتمالات على جبهة غزة مفتوحة وممكنة، في ظل التكتيم الصهيوني الواضح على سبل “الرد”، وفي ظل تنامي حالة الغضب على المستويين الرسمي والشعبي في الكيان.

كل ذلك، يعيد إلى الأذهان سياسة المفاجأة والمباغتة التي تنفذها “إسرائيل” في كل حروبها تقريبا، لتكسب الضربة الأولى، الأمر الذي يفرض على المقاومة الفلسطينية مزيدا من الحذر، والجمهور الفلسطيني الاستعداد للتضحية والصمود.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....