الأحد 11/مايو/2025

تناقُض اليهودية الكبير!

تناقُض اليهودية الكبير!

ولَمَّا خرجوا ليذهبوا إلى “أرض كنعان”،ظَهَرَ “الرَّب” لـ “أَبْرام”، وقال: “لِنَسْلِكَ أَعْطيهذه الأرض (من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات)”، وكان الكنعانيون،حينئذٍ، فيها، لكنْ، مَنْ هُمْ “نَسْل” أَبْرام الذين مَنَحَهُم “الرَّب”تلك الأرض (أرض الكنعانيين)؟ نتنياهو يجيب قائلاً: “إنَّهم الشعب اليهودي”،ثمَّ يَدْعو الفلسطينيين إلى الاعتراف ب”إسرائيل” على أنَّها “دولةيهودية (لا تَخُصُّ إلاَّ الشعب اليهودي)”، والفلسطينيون يَتَحَدُّون نتنياهو(وأمثاله) أنْ يُعَرِّف لهم “اليهودي”، أيْ أنْ يجيب عن سؤال “مَنْهو اليهودي؟”.

“اليهودي”، في “تعريفه الأُم”، هوالذي “وُلِدَ يهودياً، أيْ هو الذي أُمُّه يهودية، فَعِرْق أبيه، أوتَدَيُّنه (اليهودي) مِنْ عَدَمه، ليس بذي أهمية. “الأُم”، في تعريف “اليهودي”،هي الأصل والأساس، فكل مَنْ يَخْرُج من رحمها، أكان ذكراً أم أنثى، يُعْتَرَف بهعلى أنَّه “يهودي”، وهذا إنَّما يعني، أيضاً، أنَّ “اليهودي”هو ابن (أو بنت) اليهودية. وعلى مضض، توسَّعوا قليلاً في “التعريف”،فأدرجوا فيه “مُعْتَنِق اليهودية (مِنْ “عِرْق آخر”). هذاالاستعصاء في تعريف “اليهودي”، أو إجابة سؤال “مَنْ هو اليهودي؟”،جَعَل من الاستعصاء (أو الصعوبة) بمكان إجابة السؤال “كَمْ عدد اليهود فيالعالَم؟”.

أَبْرام، وُفْق الرواية اليهودية، هو في منزلة “آدم”لدى “نَسْل أَبْرام”، وكان إسماعيل (الذي أُمُّه الجارية هاجر) هو “النَّسْل(أوالولد) الأوَّل” لأَبْرام العبراني، ثمَّ رُزِق أَبْرام طفلاً (هو إسحق)من زوجته سارة، فقرَّر “الرَّبُّ”، عندئذٍ، أنَّ “الأرض الجديدة”ستكون لـ “نَسْل إسحق” فحسب، فـ “شَعْب الله المختار (المُفضَّلعلى العالمين)” يجب أنْ يأتي من المرأة سارة، المفضَّلة على المرأة الجاريةهاجَر، وإنَّ سارة، من ثمَّ، هي “حوَّاء اليهودية”، هي “المرأة ــالأُم اليهودية الأولى”، هي التي جاءتنا بـ “المولود اليهودي (العرقي)الأوَّل”، أو بـ “الرَّجُل الأوَّل من شعب الله المختار”!

لكنَّ هذا “الرَّجُل (إسحق)” لن تكون لهذُرِّيَّة يهودية إلاَّ من “امرأة ــ زوجة يهودية”، فـ “اليهودي(بالعِرْق)” إنَّما هو الذي أُمُّه يهودية، فهل أصبح لإسحق ذُرِّيَّة من “امرأةــ زوجة يهودية”؟

 لَمَّا بلغ اسحقالأربعين من العمر، أرسل أَبرام خادِمَهُ إلى بلاد ما بين النهرين ليختار لابنهاسحق زوجة (تُدْعى رفقة) من لابان الذي هو من عائلة زوجته سارة، لكنَّ زوجته كانتعاقراً، فصلَّى اسحق لكي يَمُنَّ الله على رفقة بالحمل، فحمَلَت بتوأم عيسوويعقوب، ففضَّل اسحق عيسو، لكن رفقة فضَّلت يعقوب، ويعقوب هذا هو “إسرائيل”،ونَسْلُه هُمْ “بنو إسرائيل”.

لِنَدْمِج الآن بين مفهوميِّ “اليهودية العرقية”،و”اليهودي هو الذي وُلِدَ يهودياً”، أيْ هو الذي أُمُّه يهودية، فماذايكون معنى “لِنَسْلِكَ”؟

 إذا اعتدَّ “الرَّب”سارة امرأةً يهودية، فإنَّ نَسْل أَبْرام الذين مَنَحَهم “الرَّب” أرضكنعان هُمْ نسله من سارة، وإسحق هو كل نَسْلُه من سارة، وينبغي لإسحق أنْ يتزوَّجامرأةً يهودية بالعرق حتى يكون نسله يهوداً، فَمِنْ أين يأتي بهذه المرأة(الزوجة)؟!

إسحق تزوَّج امرأة غريبة (رفقة). وهذه المرأة ليستيهودية بالعرق، فكيف لولديِّ إسحق منها (وهما عيسو ويعقوب) أنْ يكونا يهوداً، إذاما عرَّفْنا اليهودي على أنَّه الذي أُمُّه يهودية؟!

الحل أنْ نقول إنَّ يعقوب (أو عيسو) يهودي،لأنَّ والدهإسحق يهودي، أو لأنَّ والدته رفقة (غير اليهودية بالعرق) قد تهوَّدت، أيْ أصبحتيهودية بالدين، لكنَّ لا هذا، ولا ذاك، يَنْزِل بَرْداً وسلاماً على “اليهودية”.

وعملاً بـ “قانون العودة”، الذي أقرَّهالكنيست سنة 1950، لا يحقُّ المجيء إلى “أرض إسرائيل” إلاَّ لـ “مَنْوُلِدوا يهوداً”، أيْ أبناء اليهودية، أو أحفاد اليهودية من طرف الأُم.

إذا كان لا يحقُّ المجيء إلى “أرض إسرائيل”إلاَّ لِمَن وُلِدوا يهوداً، أيْ أبناء اليهودية، أو أحفاد اليهودية من طرف الأُم،فهذا إنَّما يعني أنَّ اليهود، وبدءاً من عيسو ويعقوب، لا يحقُّ لهم المجيء إلىهذه الأرض!

صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات