نتنياهو… الحل من جانب واحد

في تصريحٍ حديث له، قال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراءالإسرائيلي: “إنه يفكّر في تنفيذ الحل من جانب واحد مع الفلسطينيين، واستطرد…لكن هذه المرّة سنحرص على ألا تنطلق أية صواريخ فلسطينية على “إسرائيل”مثلما يحدث الآن في غزة”. ما قاله نتنياهو ليس جديداً، فقد سبق وأن تحدّث حولهذا الحل في خطابه في جامعة” بار إيلان” في العام 2009. يتمثل الحلوفقاً لرئيس الوزراء الصهيوني في خطابه ذاك: بإقامة دويلة فلسطينية خارج إطارالسور العنصري. الدويلة ستكون مقامة على كانتونات معزولة، من دون سيطرة لها علىحدودها الخارجية ولا على أجوائها ومواردها الطبيعية، وبخاصة مياهها تحت الأرض،التي سحبت “إسرائيل” النسبة العظمى منها. بالطبع فإن قطاع غزة لن يتبعهذه الدويلة، وسيجري ضم المستوطنات إلى “إسرائيل”، وستتواجد القواتالإسرائيلية في منطقة غور الأردن حفاظاً على الأمن الإسرائيلي.
وسيكون من حق قوات الاحتلال الدخول إلى مناطق الدويلةإذا ما رأت ذلك ضرورياً للحفاظ على أمنها. هذا الحل الذي يستثني القدس ومنطقتها،هو ليس أكثر من حكم ذاتي هزيل. حل نتنياهو من جانب واحد (وفقاً لمركز مدارالفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية الذي نشر دراسة عن مدى تأييد كافة الحلول المطروحةفلسطينياً في الكنيست. الصحفي برهوم جرايسي من منطقة 1948 نشر ملخصاً للدراسة)الحل يحظى بتأييد ما ينوف على 70 عضواً. معروف أنه حتى هذا الحل (وفقاً لقانونأساس في الكنيست جرى سنه حديثاً) وأي من الحلول الأخرى بحاجة إلى تصويت ثلثي أعضاءالكنيست عليه أي 80 صوتاً من 120.نتنياهو وفقاً للدراسة سيكون قادراً على إقناعقوى أخرى بالتصويت عليه وإنجاحه.
الموقف من وراء هذا الحل الإسرائيلي، عاملان، الأول:خشية “إسرائيل” من ضم حوالي من مليوني فلسطيني يعيشون في الضفة الغربيةالمحتلة، بما سيؤثر على الميزان الديموغرافي بين العرب واليهود في فلسطين المحتلةعام 1948، وهذا ما يخشاه الكيان الصهيوني، فنسبة الفلسطينيين في منطقة 1948 وفقاًللاحصائيات الإسرائيلية بلغت هذه السنة 17.8% من إجمالي السكان. العامل الثاني أن “إسرائيل”ستعتبر أنها قامت بحل الصراع الصراع العربي ـ الصهيوني في حلقته الفلسطينية،وستقوم أجهزة الإعلام الصهيونية والمؤيدة لها، بحملة إعلامية واسعة على الصعيدالدولي وتملأه ضجيجاً، بأنها اضطُرت لهذا الحل لأنها عجزت عن إيجاد شريك سلامفلسطيني، وهي تريد “السلام” لذا قامت بالحل. بدورهما ستشيد الولاياتالمتحدة والدول الغربية بعشق “إسرائيل” (للسلام) وسيجري الضغط علىالفلسطينيين للقبول بهذا الحل، وبخاصة أنه أصبح لهم دولة!؟.
في التغييرات الديموغرافية الإسرائيلية وفقاً لإحصائياتإسرائيلية كثيرة، فإن الارتفاع في نسبة المتدينين اليهود “الحريديم” حادوهو يتزايد سنة بعد سنة، ونسبتهم الآن تشكل ما يزيد على 14% من إجمالي السكان. وهمإضافة إلى الأحزاب اليمينية الأخرى وفي سنة 1925 سيشكلون ما نسبته 62% من الشارعالإسرائيلي. هذا هو السر وراء الارتفاع في نسبة التطرف لدى الإسرائيليين. وبالعودةإلى الدراسة، فإن الحلول الأخرى تحوز في الكنيست الصهيوني على الأصوات التالية،الحل القائم على المشروع الفلسطيني كاملاً، حدود 1967 بما يشمل القدس وحق العودة،يحظى بموافقة 11 نائباً فقط هم نواب الكتل الثلاث العربية ( من منطقة 1948) إضافةبالطبع إلى نائب عربي في حزب ميريتس قد يقوم بالتصويت لصالح هذا الحل، فيصبح العدد12 نائباً.
أما الحل القائم على مخطط الرئيس الأسبق بيل كلينتونالداعي إلى انسحاب من غالبية مناطق الضفة الغربية مع تبادل للأراضي وتقاسم القدسبشكل يبقي على الأحياء الاستيطانية الإسرائيلية فيها وفي منطقتها، ونظام مشتركدولي للبلدة القديمة بما فيها “المناطق المقدسة”، وعودة رمزية للاجئين،يحظى هذا الحل بموافقة 30 ـ35 نائباً، موزعين على الشكل التالي: 15 عضواً هم أعضاءكتلة حزب العمل، 6 أعضاء هم كتلة حزب ميرتيس. 11 نائباً عربياً في الكتل العربيةالثلاث في الكنيست، وقد يمتنع عدد من النواب الفلسطينيين عن التصويت، بسبب محدوديةحق العودة. كما يحظى الحل بموافقة 2-7 نواب من حزبي” يوجد مستقبل و”كاديما”. أما حل حزب المستوطنيين ” البيت اليهودي” فيدعو إلى ضم60% من مساحة الضفة الغربية إلى”السيادة الإسرائيلية”، وتحويل المدنوالقرى الفلسطينية إلى كانتونات معزولة ذات سلطة محدودة. يحظى هذا الحل بموافقة 15نائباً(وفقاً للدراسة)من 20 نائباً في حزب الليكود الحاكم ،ولربما أيضاً نائبان منحزب “إسرائيل بيتنا” الذي يتزعمه أفيجدور ليبرمان ،فالقسم الأكبر مننواب اليمين المتشدد يتخوفون من هذا المشروع،لكونه يؤثر على “الدولة اليهودية”سلباًمن ناحية ديموغرافية.لقد أثبت النهج السياسي لكتلة”يوجد مستقبل”برئاسةوزير المالية يايئر لبيد(19) نائباً والتي ظهرت وكأنها كتلة”وسط”، وكذلككتلة”الحركة”برئاسة وزيرة القضاء تسيبي ليفني (6) نواب (بموجب سلسلة منالقرارات التي ظهرت مترددة دوماً) فإنهما كتلتان لا تشذان عن نهج اليمين المتطرف،فهما لم يعترضان على كل المشاريع الاستيطانية ، وعلى قانون الاستفتاء العام الذيتم سنه في الكنيست لعدم التوصل إلى أية حلول.
التعليق على الدراسة: أنها تطرح تصورات للتصويت وهذهالمسألة ليست دقيقة، فمواقف الأحزاب الصهيونية متحركة، وهي تميل إلى التطرف فيمعظمها، الأحزاب الصهيونية مع المقولة الإسرائيلية ” بأن القدس هي العاصمةالموحدة لإسرائيل” وهي مع مراعاة الأمن الإسرائيلي وتواجد قوات الإحتلال فيمنطقة غور الأردن، ومع حق “إسرائيل” في التدخل في الأراضي الفلسطينيةواحتلالها متى تشاء. بالمعنى الفعلي لا تأييد للطرح الفلسطيني سوى من 11 نائباًعربياً، حتى حركة ميريتس هي فعلياً مع ضم القدس ومنطقتها إلى “إسرائيل”.أما النتائج التي أغفلتها الدراسة فهي حقائق وأبرزها: لا أمل في المراهنة علىإمكانية موافقة الكيان على قيام دولة فلسطينية على كافة أراضي عام 1967 بما في ذلكالقدس ومنطقتها. لا جدوى كذلك من المفاوضات، وأن ما أخذ عنوة لا يمكن استرجاعه إلاعنوةً.
“إسرائيل” تتجذر فيها مواقف التطرف، والقادمأصعب على صعيد الصراع مع العدو الصهيوني، فالشارع يتحول إلى المزيد من التطرف(وهذا وفقاً للإحصائيات) وهذا ما سينعكس على التصويت للحلول المطروحة. أقصى حدودالحل الإسرائيلي الذي تتفق عليه كافة الأحزاب الإسرائيلية هو: إعطاء الفلسطينيينحكماً ذاتياً هزيلاً، لذلك قد يلجأ نتنياهو إلى خطوة الحل من جانب واحد.
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...