الإثنين 12/مايو/2025

العرب إذ يوقعون قرارا باعدام القضية الفلسطينية

عزالدين أحمد ابراهيم
لا يختلف مراقبان على أن القضية الفلسطينية تمر هذه الأيام بأكثر لحظاتها صعوبة وشدة، وأن المخاطر المحدقة بها من كل صوب في تصاعد، وأن القريب قبل البعيد يحرص على تصفيتها بشكل نهائي لإنهاء صداع لم تنفك الأنظمة العربية بالسعي للخلاص منه لولا صمود أبناء الشعب الفلسطيني ومخلصين كثر من أبناء هذه الأمة.

وقد يقول قائل إن القضية الفلسطينية ومنذ بداية الاحتلال تمر بأزمات ومنعطفات خطيرة، وان ما يجري لها الان ليس بجديد، قد يكون ذلك صحيحا، اذا ما استثنينا لحظات الأمل التي شعر بها الفلسطينيون مع بداية الربيع العربي الذي أعاد القضية الى وجدان الشعوب الثائرة قبل ان تتدارك أنظمة الاستبداد العربي نفسها وتشنّ ثورات مضادة اقل ما يمكن وصفها بأنها انتقامية ودموية ضحيتها بعد شعوبها فلسطين القضية.

نقول هذا ونحن نرى كيف هبطت فلسطين إلى المرتبة الأخيرة في أولويات الشعوب المغلوبة على أمرها أمام هجمة انظمتها التي تُبدي استعدادا لسفك مزيد من الدماء في سبيل الحفاظ على بقائها واستمرارية وجودها.
وسط هذه الأجواء، وفي ظل مساعي الانظمة العربية لفصل القضية الفلسطينية عن الوعي الجمعي للشعوب العربية، لا نستغرب ما يطرحه كاتب سعودي في مقال له تحت عنوان (لماذا لا نتخلص من الفلسطينيين)، كتعبير عن ما وصلت اليه بعض النخب العربية من حالة يأس حيال تعاطي الرسمية العربية مع فلسطين شعبا وقضية.

التطورات المتلاحقة إقليما وفلسطينيا توحي أن ثمة ترتيبا جديدا -دوليا وإقليميا- يجري الإعداد له، يتم بموجبه تسوية الملفات السياسية المشتعلة (العراق، سوريا)، والتفرغ بشكل كامل لتصفية القضية الفلسطينية وإخضاع المقاومة الفلسطينية، وبالتالي فرض التسوية السياسية مع الكيان الاسرائيلي أمرا واقعا، أو ربما العكس، أي البدء بتصفية الملف الفلسطيني للتفرغ للملفات الأخرى وطبخها على نار هادئة.

لا نبالغ اذا قلنا ان رأس حركة حماس -بصفتها ابرز قوى المقاومة في فلسطين- هو المطلوب في المرحلة القادمة، ويكاد يكون تصفية الحركة هو الهدف الذي يجتمع عليه الغرب والكيان وغالبية قوى الإقليم بما فيها دول عربية، على الرغم من التباينات في تقدير المواقف المتعلقة بالملفات السياسية الأخرى.

التصعيد في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد حماس وقوى المقاومة في هذا التوقيت، يحمل دلالات خطيرة، قد يكون أهمها أن قرارا دوليا واقليميا ربما بدأ العمل به للتخلص من الحركة، وذلك بالتوازي مع مساعي دولية لفرض تسويات سياسية في المنطقة تضمن، أولا هدوء الإقليم وتمتين جبهة حماية الاحتلال من أي تهديد، وثانيا ضمانة تقاسم القوى الاقليمية والدولية لمكاسبها السياسية ومناطق نفوذها على المدى البعيد.

أمام هذا المشهد تبدو الخيارات ضيقة جدا أمام حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، حيث الوضع الداخلي المعقد لا سيما بعد اتفاق المصالحة الذي يبدو أنه سيستخدم ضدها، وفي ظل الحصار المشدد إسرائيليا ومصريا في غزة، وفي ظل انقلاب في الواقع العربي والإقليمي غير القادر على توفير أي ضمانة أو حماية كما كان مؤملا إبان الثورات العربية وما أفرزته من تطلعات قبل إجهاضها.

حماس والمقاومة الآن أمام معركة وجود، لا تستهدفها كتنظيمات، بقدر ما هو استهداف للقضية او ما تبقى منها على الأقل، والتوجه العربي والاقليمي والدولي حاليا هو نحو إعادة قولبة القضية الفلسطينية والحفاظ على عناصر معروفة يمكن من خلالها تمرير اتفاق تسوية بالحد الأدنى.

أمام كل ما سبق، ما هو الخيار المتاح أمام الفلسطينيين مقاومة وشعبا، هل التسليم هو الأسلم، أم ان الانحناء للعاصفة ربما يكون الحل الوحيد والأنجع لحين تشكّل ظروف إقليمية ودولية جديدة؟
التجارب السابقة أثبتت أن المقاومة الفلسطينية لا تختار المواجهة، ولكن اذا فُرضت عليها، فإنها تبذل كل ما بوسعها لفرض قواعد جديدة في اللعبة، وهو ما شاهدناه في الحرب الأخيرة، وهذا ما نتوقعه من مقاومة عملت خلال الفترة الماضية على الاستفادة من لحظات في الظرف الاقليمي للارتقاء بمستواها.

وبالتالي فالصمود، والصمود فقط هو عنوان المرحلة العصيبة القادمة، والتعويل بعد الله، هو على سواعد المقاومين ومن خلفهم شعب يشعر بالخذلان، وصل لقناعة أن عملية التسوية هي مجرد أوهام تتبخر بعد كل قطرة دم تسفك في الضفة أو القطاع سواء على يد المستوطنين أو بقصف لطائرات الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات