الثلاثاء 13/مايو/2025

الهروب نحو المواجهة

إياد القرا
عملية الاغتيال التي استهدفت عددا من المقاومين أمس هي ترجمة واضحة لسياسة الاحتلال الإسرائيلي في جر المنطقة نحو التصعيد، لأسباب تتعلق بفشله الذريع والضغوط الداخلية التي يتعرض لها رئيس حكومته نتنياهو جراء استمرار اختفاء جنوده، وفشل العملية العسكرية في الوصول اليهم.

هروب الاحتلال نحو غزة له دلائل في مقدمتها التغطية على فشله وكذلك جر المقاومة في غزة لمواجهة تخفف من الضغوط التي يتعرض لها ، وتحميل حماس وغزة المسؤولية عن العملية المفترضة واختيار عدو معروف وظاهر لاستهدافه بديلاً عن العدو الافتراضي الذي لا يُعرف عنه شيئاً حتى الآن.

المواجهة في هذا الوقت تحت مبرر إطلاق الصواريخ تعطي غطاء له أمام المجتمع الدولي أنه يتعرض لهجمات صاروخية والادعاء أنه في موضع الدفاع عن النفس أمام المحافل الدولية والحقوقية كما يحدث في كل حالة إطلاق صواريخ ورفع شكوى لمجلس الأمن، متناسياً الهجمات والغارات والعدوان اليومي على قطاع غزة والحصار المتواصل منذ سنوات. يتبع الاحتلال في تأجيج التصعيد في غزة ثلاثة أساليب خلال السنوات الاخيرة ويبادر لها باستمرار:

أولاً: القيام بعمليات اغتيال متعددة في وقت واحد تجاه مجموعة من العناصر التي تتبع المقاومة وهذا يجر تصعيدا محدودا ويكون محصوراً بشكل أساسي في رد التنظيم الذي يبتع له المستهدفون وقد عالجت المقاومة الأمر بالرد المنسق، بغض النظر عن المستهدف، إفشالاً لسياسة الاستفراد التي يقوم بها الاحتلال.

ثانياً: القيام بعمليات اغتيال لقادة المقاومة في الفصائل الفلسطينية، كما حدث في اغتيال القيادي أحمد الجعبري والذي ترتبت عليه حرب دامت 8 أيام وخسر فيها الاحتلال هيبته، بأن قُصفت تل أبيب من الساعات الأولى وشاركت فيها الفصائل الفلسطينية جميعاً، وهو ما لم يتوقعه الاحتلال.

ثالثاً: عمليات الاغتيال تحت عنوان استهداف مطلقي الصواريخ من الجماعات الجهادية وهي غطاء ومبرر للاحتلال أمام المجتمع الدولي أنه يستهدف العدو، وأن غزة جزء من المنظمات المذكورة، ويحصر التصعيد في نطاق معين يتم التحكم فيه من قبله.

لكن في هذه المرة وفي ظل استمرار اختفاء الجنود يسعى الاحتلال لجر المقاومة للرد، ويعمل على توتير الساحة للهروب والتغطية على فشله، وقد يجد في ساحة غزة التي تتوفر فيها الظروف له للمواجهة ويحصر عمليته في الضفة الغربية التي لا تحتمل تصعيدا قد يساهم في توتر الأوضاع الميدانية ويضعف السلطة التي يتمتع معها بعلاقات تنسيق أمني يتفاخر بها.

الاحتلال يعي أن المواجهة هي مجرد وقت مع غزة ويسعى بأن يكون المبادر فيها باستمرار لكن في ظل تطور المقاومة وإمكاناتها لا يعرف إلى أين يمكن أن تصل في التصعيد القادم إن يكن الحالي؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات