الثلاثاء 13/مايو/2025

نقاط القوة في المقاومة الفلسطينية المسلحة

إبراهيم المدهون
يعيش قطاع غزة حصاراً خانقاً، وتتماوج حوله تهديدات العدوان المفتوح من قبل الاحتلال، مما يقلق المتعاطفين مع المقاومة، خصوصاً في ظل بيئةٍ إقليميةٍ معادية، ولهذا علينا التأكيد على أن غزة لم تعد مهيضة الجناح فتكلفة العدوان عليها باهظة، وتداعياته غير محسوبة، وإسرائيل التي تمتلك ترسانةً عسكريةً متطورة تضرب أخماساً بأسداس وتفكر ألف مرة قبل أي عدوان.

وفي المعارك المفتوحة لا تُقرأ القوة بمعادلة العدد والعدة والسلاح والتكنولوجيا فقط، فما يميز مقاومة غزة إيمانها وانتماؤها لوطنها واستعدادها للصمود والتضحية، ومع هذا فلم تغفل منظومة القوة المادية، فالمقاومة اليوم في أفضل حالاتها منذ خروج الثورة الفلسطينية من لبنان عام 82، وتتميز بالتطور والذكاء والإحاطة الأمنية والتكيف مع الظروف، وما زالت تنمو وتزدهر وتتعمق في المجتمع وأركانه، واستفادت من تراكم التجارب السابقة فتطورت ونمت على عدة مستويات.

أولاً الكادر البشري: ففي غزة اليوم عشرات الآلاف من المجاهدين والثوار المدربين المستعدين للمواجهة، كما تمتلك مجموعات متنوعة من القادة العسكريين المتمرسين ميدانياً، ممن أفرزتهم التجربة وخضرمتهم المعارك والمواجهات مع الاحتلال “حربي الفرقان والسجيل”.

كما أشرفوا على عملياتٍ نوعيةٍ ضد الاحتلال في انتفاضة الأقصى، ثانياً تصنيع السلاح: فرغم الحصار والتضييق وشح المواد إلا أن المقاومة الفلسطينية طورت من قدراتها التصنيعية، فتعتمد على تسليحها ذاتياً من القنابل والصواريخ والعبوات التفجيرية، وإن شهدت الصواريخ تطوراً ملحوظاً مع الكشف على تقنية صاروخ M75 وأعتقد بوجود تطور كبير في الصواريخ ما بعد حجارة السجيل يتمثل في دقتها ومداها وكثافتها وقوتها التدميرية، ثالثاً: شهدت كتائب القسام بصورة واضحة تقدماً نوعياً في التكتيك والخطط الميدانية والمواجهات الدفاعية والهجومية، وأعتقد أنه في حال فكر الاحتلال بالاجتياح البري فسيجد أسلوباً قتالياً جديداً قد يوقع فيه خسائر كبيرة، وقد نشهد دبابات محترقة وعمليات أسر للجنود، كما أن المقاومة طوَّرت من قدرتها في التمويه والتخفي وتحييد سلاح الجو الإسرائيلي قدر المستطاع، والذي يعتبر أقوى سلاح جو في الشرق الأوسط.

فمن المعروف أن سلاح الجو من غير ظهير على الأرض سيفشل في تحقيق أيٍ من أهدافه العسكرية والسياسية، فالمقاومة في حجارة السجيل استمرت بإطلاق الصواريخ بنفس الكثافة، لهذا في أية معركة قادمة سيخفق سلاح الجو الإسرائيلي في إيقاف الصواريخ وفي اغتيال شخصياتٍ هامةٍ من كتائب القسام وحركة حماس. رابعاً: سلاح الاتصالات، فقد عانت المقاومة في السابق من التواصل الميداني في لحظات المواجهات بسبب سيطرة الاحتلال على شبكة الاتصالات الخلوية والهواتف الرسمية، واستطاع العدو اغتيال الكثير من القادة الميدانيين بسبب استخدامهم للهواتف النقالة، اليوم المقاومة في غزة طورت سلاح الاتصالات وأبعدته عن الرقابة والاختراق والتعطيل، مما يجعل جبهتها متماسكة وقيادتها متواصلة مع قاعدتها.

الاحتلال الآن يهاب غزة ويحق له أن يهابها، فبعد الحصار والتضييق والعدوان ونقص الأموال والثمرات مازالت ترفع لواء التحدي وتستعد للتضحية، ومصرة على إكمال المشروع الوطني الفلسطيني، فإن فكر الاحتلال بعدوان واسع على غزة لأي سبب من الأسباب سيجد نفسه أمام مغامرة كبيرة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات