الإثنين 12/مايو/2025

«السور الواقي 2»… أبعد من مجرد عملية انتقامية

«السور الواقي 2»… أبعد من مجرد عملية انتقامية

عملية “السور الواقي 2” التي تشنها “إسرائيل”منذ أزيد من عشرة أيام، تتخطى في أهدافها ومراميها، الأهداف المعلنة لها، والتيتنحصر بالبحث عن المستوطنين الثلاثة المفقودين، وتوجيه ضربة أمنية رادعة لحركةحماس، التي تتهمها “إسرائيل” بالمسؤولية عن “عملية الاختطاف، فيماالحركة تؤكد بأن هذا الاتهام “شرفٌ لا تدعيه”، فلا تؤكده ولا تنفيه.

لقد بات واضحاً، لكل أعمى وبصير، أن استباحة سلطاتالاحتلال للضفة والقدس والقطاع، إنما تستهدف استلحاق المفقودين الثلاثة وهم علىقيد الحياة، ذلك أن إعلان “النصر المؤزر” لحملة العقوبات الجماعيةالعنصرية ضد الفلسطينيين، لا يكتمل إن عثرت السلطات على ثلاث جثث هامدة، مدفونةعلى عجل في هذا الركن أو تلك الزاوية… وإعلان “النصر المؤزر” كذلك،سيظل ناقصاً، وفاقداً للألق، إن لم تكن “الفاتورة” التي يتعين على الجهة”الخاطفة” باهظة تماماً، وفي هذه الحالة، فإن حماس هي من يتحملالمسؤولية الرئيسة من وجهة النظر الإسرائيلية.

لكن المراقب عن كثب لأهداف الحملة الإسرائيلية الشرسة،يدرك أن ثمة أهدافاً أخرى، تكتيكية واستراتيجية، تكمن وراءها… أحدها، تصفية ذيولونتائج عملية تبادل الأسرى، أو ما أسمته “إسرائيل” عملية “تحريرشاليط”، فقوات الاحتلال قامت بإعادة اعتقال معظم الأسرى المحررين، بالذاتالمنتمين لحماس، بمن فيهم من نواب ووزراء سابقين ونشطاء ميدانيين…. دع عنك حملاتالدعم والتفتيش ضد مؤسسات اجتماعية وتربوية وخيرية مقربة من حماس، لكأن “إسرائيل”تريد أن تطوي صفحة “تبادل الأسرى” المثيرة للجدل والانتقاد في أوساطهاالسياسة والأمنية، وتريد أن تبعث برسالة مسبقة لـ “الخاطفين” بأن ما مضىفي صفقة شاليط لن يتكرر.

وثاني هذه الأهداف التكتيكية، يتصل بإطفاء جذوة “معركةالأمعاء الخاوية” التي يخوضها سجناء وأسرى فلسطينيون من بضعة أشهر، وذلك منخلال إعادة اعتقال الأسرى المفرج عنهم، بمن فيهم “أيقونة”الحركةالأسيرة، سامر العيساوي … لكأن “إسرائيل” تريد أن تبعث برسالة إلىالمناضلين خلف القضبان، لا أمل لكم بالحرية قريباً، ومحاولات تحريركم بالقوة زادتمن أعدادكم ولم تنقصها، وإن خرجتم للحرية لأي سبب وفي أي ظرف، فإن “إسرائيل”قادرة على إعادتكم إلى زنازينكم في أية لحظة تشاء، ولكم في العيساوي، المثلوالعبرة.

أما ثالث هذه الأهداف، التكتيكية كذلك، فيتصل بتدمير “فرصة”المصالحة الوطنية الفلسطينية، من خلال استهداف حماس بشكل كثيف، وتوسيع الشقة بينفتح وحماس، وتدعيم الاتهام الإسرائيلي لحكومة الوفاق الوطني بأنها حكومة إرهابية، إذتضم في صفوفها ممثلين لفصائل إرهابية (حماس).

على المستوى الاستراتيجي، متوسط وبعيد المدى، يبدو أن “استباحة”الضفة الغربية والقدس والقطاع، وعلى هذا النحو الهستيري المتفلت من أية حساباتللمجتمع الدولي أو احترام للمعايير الإنسانية، وغير المتحسب لأية ردود أفعالفلسطينية أو عربية، إنما تستهدف “تحضير المسرح” في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، لاتخاذ خطوات أحادية ذات طبيعة استراتيجية… وليس مستبعداً أن تتوّج “إسرائيل”هستيريا الميدان بهستيريا السياسة والاستيطان، كأن تقدم على ضم كتل استيطانيةكبرى، كإجراء عقابي على واقعة اختطاف/ أو اختفاء المستوطنين الثلاثة، أو تسريعقرارها وإجراءاتها بالإنسحاب من جانب واحد عن مساحة من الضفة الغربية، كثيفةبالسكان الفلسطينيين، وترك أمر الحل النهائي وخيار الدولتين، مركوناً حتى إشعارآخر.

وسوف تجد حكومة نتنياهو في هذه الواقعة، ذريعة مناسبةللقول بضرورة “الانفصال” عن الفلسطينيين من جانب واحد، فطالما أن “الحلالتفاوضي متعذر”، وخيار الدولتين بات وراء ظهورنا، وطالما أن “حكايةالدولة الواحدة ثنائية القومية” لا يقبل بها أحد في “إسرائيل”حفاظاً على “يهودية الدولة وديمقراطيتها”، فلن يكون أمام “إسرائيل”والحالة كهذه، سوى السير على هذه الطريق ذي الاتجاه الواحد.

لا شك أن القائمين على عملية “السور الواقي 2″،المدركين لمدى وحشيتها وهمجيتها، يعرفون أن هجماتهم البربرية على المدن والقرىوالبلدات والمخيمات الفلسطينية، قد تستدرج أعمالاً فلسطينية انتقامية، فالدميستسقي الدم، والعنف لا يجر إلا العنف، وربما كان في صفوف حكومة اليمين واليمينالمتطرف، من يريد استدراج الفلسطينيين إلى مثل هذا الخيار، للتخلص من بقايا الحذروالتردد اللذين ميزا أداء هذه الحكومة، في التعامل مع مقترح الانفصال من جانب واحدعن الفلسطينيين، وضم مناطق ذات أهمية استراتيجية من الضفة، وتحديداً الكتلالاستيطانية وغور الأردن ومناطق ما وراء جدار الفصل العنصري.

المؤسف أن |إسرائيل” نجحت في تحقيق بعض مراميها حتىالآن، فعشرة أيام من العدوان الهمجي، كانت كفيلة بهزّ أركان المصالحة، وعودةالتراشق بين “الإخوة الأعداء” بكل وأقذع أنواع الاتهامات … كما أنهاتمكنت من إلحاق ضربة قاسية بحركة حماس ومنظومتها القيادية والكادرية وبنيتهاالتحتية … والحملة كما تؤكد “إسرائيل” ما زالت في بدايتها، ولا أحديعرف متى ستنتهي أو عند أي حدٍ ستتوقف.

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....