عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

حالة قمع وحالة فراغ

د. يوسف رزقة
ما يجري في الضفة لا علاقة له باختفاء المجندين الثلاثة في الخليل. ما يجري هناك هو جزء من خطة استراتيجية صهيونية ليس لاستئصال حماس فحسب ، ولكن للسيطرة على الضفة الغربية بكاملها، وإخضاعها للإرادة الإسرائيلية. حكومة نتنياهو تستثمر حدث الخليل( ما زالت الحقيقة والتفاصيل مجهولة) لتنفيذ خطط أمنية مستقبلية سبق وأن أعدتها أجهزة الأمن الصهيونية للسيطرة، ولإنفاذ مخطط (إسرائيل) للضفة، وبالذات إذا دخلت مفاوضات التسوية في أزمة.

العنف المستخدم في محافظات الضفة، وفي مواقع تمركز حركة حماس، كالجامعات، والجمعيات الخيرية، إضافة لاعتقال محرري صفقة شاليط، دون مراعاة للضرر بسمعة ومصداقية الحكومة وتوقيعاتها، لا يتناسب مع قصة اختفاء الثلاثة. ما يجري من قهر هو شيء أكبر من الحدث الغامض. وهو يجري في ظل بيئة إقليمية ، عبّر عنها العنوان الصحفي، لإحدى الصحف العبرية، بقولة: ( نتنياهو يسير على خطى السيسي). الحياة الطبيعية متوقفة في محافظات الضفة تقريبا، والتواجد العسكري الصهيوني في كل مكان، وعلى أبواب مراكز الأمن والشرطة الفلسطينية. أجهزة أمن السلطة وشرطتها ذابت كما يذوب الملح في الماء!! لا وجود أمني ولا سياسي للسلطة في الضفة. حكومة التوافق أخذت إجازة مبكرة للنوم. هي لا تسمع ولا ترى، وأذن من طين، وأخرى من عجين، وأقسمت على الفراغ .

حكومة نتنياهو تريد أن تنتهي من عمليتها القمعية قبل انتهاء المونديال، وقبل بدء شهر رمضان، ولا أحسب أنها ستتوقف عند الضفة، وأرجح أن تمتد يد بطشها الى غزة بسبب، وبدون سبب، وما لا يتم عندهم بالقوة، يمكن تحقيقه بمزيد من القوة.

لقد أبرم الفلسطينيون اتفاق مصالحة، كان الهدف الرئيس منه إنهاء الانقسام والتفرغ معا للقضايا الوطنية الكبرى المتعلقة بالصراع مع المحتل، ولكن ما يجري على الأرض في الضفة، وما يجري في السياسة والإعلام يقول غير هذا، فلا توجد حكومة توافق حقيقية، ولا يوجد عمل فلسطيني مشترك، والقضايا الوطنية بمعزل عن الواقع، وأجهزة الأمن في الضفة تساعد في قهر حماس، واعتقال الوطنيين. وحكومة التوافق تعمل بمعزل عن غزة، ولا تنظر بعقلية المسئول الى واجباتها نحو الموظفين والمواطنين.

غزة الآن في منطقة ( فراغ ) خطيرة، والفراغ عادة ينتظر من يشغله بحق أو بباطل، ومن يملك المال يمكنه أن يكون سيد القرار، وتحمل حالات الفراغ فرصا جيدة للتدخلات الإقليمية والخارجية، وتوفر فرصة جيدة للفوضى الداخلية، وقد تستفيد (إسرائيل) من هذه الفرصة بتوجيه ضرباتها المؤلمة الى غزة.

إن تصرفات الرئيس محمود عباس التي لا تنسجم مع روح المصالحة ونصوصها هي المسئولة عن خلق حالة الفراغ هذه، وهي المسئولة عن دخول غزة في منطقة القلق، وانعدام الإجابة الشافية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات